نحن السوريين هذه ثورتنا الثورة السورية الكبرى
الثورة السورية الكبرى صفحة ناصعة من تاريخ الأمة العربية
أجمع الباحثون على ان الثورة السورية الكبرى هي احدى أهم محطات النضال الوطني التي خاضتها الشعوب العربية في تاريخها التحرري، وانها احدى أهم الانتفاضات التي شهدها العصر الحديث في دول المشرقين، ذلك لأسباب كثيرة أهمها انها كانت استمراراً للتاريخ النضالي الذي احتضنته الأراضي السورية ابان الاحتلال العثماني وحملة ابراهيم باشا والذي وقعت أهم أحداثه على بطاح جبل العرب، منها معارك اللجاة التي اندحرت فيها جحافل ابراهيم باشا المكونة ما يزيد على الأربعة آلاف جندي أمام ضربات أبناء الجبل الذين لم يستكينوا لغاز أو يرضخوا لمعتد، الى عدد من الثورات والانتفاضات ضد ممارسات الدولة العثمانية التي فرضت من خلالها سوق شباب سورية الى الخدمة الالزامية وارسالهم الى دول المغرب والبلقان، دون السماح لهم بالعودة الى بلدانهم وفرض الضرائب الجائرة بحق سكان البلاد الاصليين، فكانت مواسمهم تعجز عن سداد جزء من هذه الضرائب التي تفنن ولاة السلطان في استنباط أساليبها المشكلة والملونة، ولهذا فان بسط حكم الدولة العثمانية على الجبل كان شكلياً في معظم الأحيان، وكان آخر هذه المعارك معركة «الكفر» التي وقعت في العام 1910 بين مجموعة من المجاهدين يقودهم ذوقان الأطرش وبين قوات الدولة العثمانية بقيادة سامي باشا الفاروقي الذي حمل على الجبل لكسر شوكته واخضاعه لسيطرتها، وكان نتيجة ذلك اعدام ذوقان عام 1911 بعد ان ترك وصيته الشهيرة التي قال فيها قبل لحظات من التفاف حبل المشنقة حول عنقه: (أوصي أبناء وطني ألا يثقوا بالدولة العثمانية أبداً).
وما ان أعلن الشريف حسين عن الثورة العربية الكبرى في العام 1916 وانطلاقها من أرض الحجاز الا وهب أبناء جبل العرب ليعلنوا انهم أحد أجنحة هذه الثورة، وأحد أركانها الرئيسة، وهذا التأييد الفوري مرده الولاء المطلق للعروبة، ورفع العلم العربي للمرة الأولى في سورية فوق دار سلطان الأطرش في قرية القريا، وبعد تحرك جيوش الثورة في اتجاه سورية لتحريرها. أما ثوار الجبل فقد اتجهوا من السويداء الى دمشق مروراً ببصرى الشام فهزموا حاميتها وأوعز سلطان بفتح مخازن المؤن والحبوب المصادرة واعادتها للأهالي، وكانوا أولى طلائع الثورة التي وصلت دمشق ورفعوا علم الثورة على سراي دمشق وهو العلم نفسه الذي رفع على دار سلطان عند اعلان الثورة فكان أول راية عربية ترتفع في سماء دمشق منذ أكثر من أربعمئة عام. وكان ذلك في العام 1918 بعدها بويع فيصل ملكاً على سورية.
ولان الدول الاستعمارية الكبرى آنذاك وفي مقدمتها فرنسا وبريطانيا كانت قد قسمت المنطقة الى مناطق نفوذ فقد حمل العام 1920 ساعة الصفر لتنفيذ معاهدة «سايكس – بيكو» التي أعطت فرنسا حق الانتداب على سورية ولبنان فانزلت قواتها على الشواطئ اللبنانية وتوجهت الى سورية بأمر من الجنرال غورو الذي أطلق انذاره الشهير يوم 14 يوليو من العام نفسه والذي طالب فيه الشعب السوري بتسليم البلاد وعدم التصدي لقواته مطلقا اعنف التهديدات بالقمع والقتل والتدمير وحرق الأخضر واليابس.
كانت أولى المواجهات بعد عشرة أيام من تاريخ الانذار فدارت على أرض ميسلون معركة طاحنة مختلة التكافؤ بشكل كبير فالحملة الفرنسية مجهزة بالبابت والمصفحات والوحدات الهندسية ووحدات المشاة، وكانت مدعومة بأسراب الطائرات الفتاكة وعربات المدفعية عيار75 و155 مم، فيما كانت قوات الجيش السوري التي قادها وزير الحربية يوسف العظمة مكونة من 5000 مقاتل بينهم عدد كبير من غير النظاميين بالاضافة الى عدد من المتطوعين، وقد استشهد العظمة مع عدد كبير من بواسل جيشه.
بعد هذه الهزيمة دخل المحتلون دمشق وأخذوا يبسطون سيطرتهم على كامل الأراضي السورية، ولم يمض كثير من الوقت حت بدأوا كأسلافهم العثمانين بالتنكيل بالأهالي مع الفارق ان الفرنسيين حاولوا في أيامهم الأولى اقناع الشعب بانهم أمناء عليه وقد أتوا للأخذ بأيدي أبنائه، ومساعدتهم على مواكبة العصر، وانهم سوف يقيمون المشافي والمدارس والطرق وسينقلون الى المدن والقرى ثقافتهم الزاخرة بالعلم والأدب والفنون، مستندين بذلك الى سمعة فرنسا الطيبة التي جنتها من تدخلها لوقف حملتها الدامية التي وقعت في لبنان في العام 1860 وذلك بايعاز من نابليون الثالث بعد ان عجزت السلطنة عن قمعها وايقافها.
ومع مرور الأيام كان التململ بين صفوف الشعب آخذاً بالازدياد بشكل متسارع، بينما البطش والتنكيل يستشريان في كل المناطق السورية، وبلغت ذروتها في التعدي على الكرامات والأخلاق والقيم العربية الأصيلة التي يتحلى بها أبناء سورية والتي تعتبر مصدر اعتزاز لا يهين، أو يتراجع أمام القوة، أو الاغراءات مهما بلغت. وقد تمثلت باعتقال قوات الاحتلال للثائر ادهم خنجر الذي استجار بسلطان طالباً حمايته من الفرنسيين الذين يطاردونه بتهمة المشاركة بتدبير اغتيال غورو، وكان اختطافه من دار سلطان بمثابة الطلقة التي لا ترد، فأقسم على تحرير المستجير والانتقام له بأكثر مما يتصور أي مخلوق، فأعلن ثورته على الاحتلال الفرنسي الذي رفض ضباطه اطلاق سراح خنجر، فهاجم مجموعة من الثوار قوة فرنسية كانت متجهة الى دمشق وأبادوها، ولكن خنجر لم يكن معهم. ورداً على ذلك قرر الفرنسيون ان الرد العاجل والقاسي سيؤدب ابناء الجبل ويجرهم الى بيت طاعتها، فشنت الطائرات غارة مكثفة على القريا استمرت يوماً كاملاً نتج عنها تدمير دار سلطان بالكامل. ولتجنيب الجبل الخراب والمار قرر سلطان ورجاله مغادرة سورية الى البلقاء في الأردن، بينما مال الفرنسيون للمهادنة، الا ان ذلك لم يطل فعادوا الى سابق العهد وبالغوا بظلمهم وطغيانهم في انحاء سورية كافة لكن ذلك بلغ منتهاه في الجبل الذي كانوا ينظرون اليه بانه التحدي الاكبر والمؤلب الرئيس ضد استقرار سلطتهم، وذلك من اللحظة الاولى للاحتلال حيث رأوا ان فزعتهم للثوار بميسلون ورغم عدم وصولهم في الوقت المناسب بداية حمراء سوف لن يتراجع عنها أبناء الجبل لتبدأ مرحلة جديدة من النضال الوطني.
سلطان باشا الأطرش
نصف ساعة تحسم معركة «الكفر»
بدأ سلطان بالتنقل بين قرى الجبل يحرض الأهالي على الثورة ضد الفرنسيين ويستثير النخوات وكانت أولى عمليات الثورة العسكرية اسقاط الثوار طائرتين فرنسيتين احداهما وقعت قرب قرية امتان وأسر طيارها، تجمع الثوار بقيادة سلطان ثم هاجموا صلخد في 20 يوليو 1925 وأحرقوا بمساعدة أهلها دار البعثة الفرنسية فانطلقت في اليوم نفسه حمله فرنسية بقيادة نورمان الذي استخف بقدرات الثوار اتجه الى قرية الكفر وأمر جنوده بالتمركز حول نبعها.
أرسل سلطان الى نورمان مبعوثاً لينصحه بالانسحاب فأجابه بالرفض وكرر التهديدات بالقبض على سلطان وأعوانه وانه يمكنه ان يقتل ثلاثة آلاف درزي بالرشاش الذي معه. وقال لهم اذهبوا الى سلطان وقولوا له انني في انتظاره على أحر من الجمر في هذا المكان.
بدأت المعركة ظهراً ولم تدم أكثر من نصف الساعة. وحالت سرعة الهجوم وهول المفاجأة بين الفرنسيين وأسلحتهم. وبدأ القتال بالسلاح الأبيض ودخل الثوار بين الفرنسيين وقتل نورمان قائد الحملة قضى الثوار على الحملة كلها تقريباً.
كانت خسائر الدروز في معركة الكفر 54 شهيداً وتذكر المراجع الفرنسية ان 172 جندياً فرنسياً قتلوا، بينما يذكر من حضروا المعركة ان خسائر الفرنسيين كانت أكثر من ذلك بكثير وتقدر بعدة مئات، ويذكر الجنرال اندريا في مذكراته انه لم ينج من معركة الكفر من الجنود الفرنسيين الا خمسة.
بتاريخ 23 اغسطس عام 1925 أعلن سلطان باشا الأطرش الثورة رسمياً ضد الفرنسيين، وفور اعلان البيان، اتسعت رقعة الثورة فأعلنت دمشق وحمص وحماة انضمامها ونودي بسلطان قائداً عاماً لجيوشها، فرسمت لوحات البطولة والفداء على كل شبر من أرض الوطن، ونزلت الضربات الموجعة بجيش فرنسا التي اضطرت لعزل مفوضيها الساميين وضباطها في سورية وتعيين بدلاً عنهم، ولمواجهة مأزقها الذي فرضته انتصارات الثورة، حشدت الاف الجنود المزودين بأحدث الأسلحة وأعتاها الا انها وجدت نفسها في مواجهة رجال قرروا ان يواجهوا بنادقها بعصيهم ودباباتها بسيوفهم ومدافعها بعمائمهم.
الثوار الدروز يتحضرون للذهاب مع سلطان الأطرش عام 1925
من بيانات القائد العام بني وطني…
لا تنافس في الأهواء ولا خصومات ولا أحقاد طائفية بعد اليوم, انما نحن أمة عربية سورية, أمة مستضعفة قوية في الحق, قد انتبهت الى المطالبة بحقها المهتضم, أمة عظيمة التاريخ, نبيلة المقاصد قد نهضت تريد الحياة والحياة حق طبيعي وشرعي لجميع الأمم, وقد قسمها الاستعمار الأجنبي فوحدتها مبادئ حقوق الانسان وأعلام الحرية والمساواة والاخاء, نعم ليس هناك درزي وسني وعلوي وشيعي ومسيحي ليس هناك الا أبناء أمة واحدة وتقاليد واحدة ومصالح واحدة ليس هناك الا عرب سوريون.
يا بني الوطن: ليس لكم بعد الآن على اختلاف المذاهب والفئات الا عدو واحد هو الحكم العسكري الجائر والاستعمار الجنبي, فانفروا الى انقاذ البلاد من أوضاعها السيئة وارفعوا علم الاتحاد والتضامن والتضحية, ان حركتنا اليوم هي حركة مقدسة غرضها المطالبة بالحرية والاستقلال وضمان حقوق البلاد على مبدأ سياسة الأمة فليتحد الدرزي والسني والعلوي والشيعي والمسيحي اتحاداً وثيقاً وليؤلف بين قلوبنا الاخاء القومي و محبة الوطن بين الطوائف كافة.
ان قائد جيوش الثورة السورية المقدسة يطلب الى كل العرب السوريين
- اعلان الاخاء الوطني بين الطوائف كافة.
- قيام الأحياء (الحارات) في كل مدينة بصيانة الأمن الداخلي كل بحسب جبهته عند دخول جيوش الثورة الوطنية وانهزام المستعمرين.
- تأليف دوريات ومخافر وطنية يمشي على رأسها الزعماء المخلصون المحترمون من الأمة لتأسيس الاتصال الداخلي لحفظ الأمن و صيانة الأموال ومنع التعدي.
- ارسال قوة محلية من المتطوعين الى خارج المدينة أو القرية لاستقبال كتائب الثوار الوطنيين بالأهازيج الحماسية عند وصولهم باعتبار جميع أفراد الأمة جيشاً واحداً لهذه الثورة المقدسة.
«هذه التعليمات التي يجب ان يتبعها الشعب العربي السوري في المدن والقرى تأييداً للأخوّة القومية والثورية الوطنية, ولتحيا سورية حرة مستقلة».
التوقيع: سلطان الأطرش… قائد جيوش الثورة الوطنية السورية العام
استقبال شعبي
قاد الأطرش العديد من المعارك الظافرة ضد الفرنسيين كان من أبرزها: معركة المزرعة التي كانت من أعنف المعارك وأكثرها خسائر في صفوف الفرنسيين، فقد كانت الحملة مكونة مما فوق على 12000 ضابط وجندي قتل منهم أكثر من خمسة آلاف. ويقول الدكتور عبد الرحمن الشهبندر «سرت بين الجثث أكثر من ساعتين ولم استطع احصاءها». ومعارك الاقليم الكبرى، ومعركة صلخد، والمسيفرة، والسويداء، وغيرها.
عرض الفرنسيون على سلطان باشا الأطرش الاستقلال بالجبل وتشكيل دولة مستقلة يكون هو زعيمها مقبل وقف الثورة لكنه رفض بشدة مصراً على الوحدة الوطنية السورية.
انهت عودة سلطان باشا الأطرش الى سورية في مايو 1937 أعوام النفي التي قضاها في شرقي الأردن وذلك بعد توقيع المعاهدة السورية الفرنسية عام 1936 واستقبل استقبالاً شعبياً هائلاً.
الأطرش في الصحراء العربية بعد الانتفاضة.
نتائج الثورة
أجبرت الثورة فرنسا على اعادة توحيد سورية بعد ان قسمتها الى أربع دويلات: دمشق، وحلب، وجبل العلويين، وجبل الدروزعنهم، كما حصل مثلاً مع المفوض السامي (سرايل) بعد مهاجمة الثوار لقصر العظم في دمشق، فعينت المسيو (دي جوفنيل).
* قصفت دمشق بالطيران لمدة 24 ساعة متواصلة.
* أرسلت فرنسا أحد أبرز قيادييها (الجنرال غاملان) بعد تزايد قوة الثوار وانتصاراتهم.
* اضطرت الى الموافقة على اجراء انتخابات فازت فيها المعارضة الوطنية بقيادة ابراهيم هنانو وهاشم الأتاسي.
* اضطرت فرنسا الى عزل مفوضيها الساميين وضباطها العسكريين في سورية وتعيين البدائل.
أحداث 1925
25 ابريل: معركة بالسلاح الابيض بين الثوار والجيش الفرنسي في قرية رساس.
18 يوليو: اسقاط أول طائر فرنسية (فوق قرية عرمان).
2 اغسطس: معركة المزرعة، وهي من أهم وأمضى التي خاضها العرب في تاريخهم الحديث فقد شارك فيها ما يقارب من 13000 جندي فرنسي مزودين بالدبابات والمصفحات والمدافع الفتاكة بقيادة الجنرال ميشو الذي فر مع الذي فر تاركاً خلفه الكثير من العتاد والذخائر والمؤن، وأكثر من 5000 جثة، أما عدد الثوار فلم يكن يزيد على الألفي مقاتل استشهد حوالي ثلثهم.
24 أغسطس: معركة العدلية بالغوطة، واجه الثوار خلالها أعنف هجمات الطيران.
24 سبتمبر: انسحاب الحملة الفرنسية من قلعة السويداء واستيلاء الثوار عليها.
3 أكتوبر: معركة عرى.
13 اكتوبر: معركة المجيمر.
15 نوفمبر: تحرير مرج عيون بعركة ضارية.
16 نوفمبر: يقود الثائر فؤاد سليم مجمعة من الثوار لنسف جسر الخردلة في لبنان.
23 نوفمبر: تحرير قلعة راشيا.
5 ديسمبر: معركة دوما، ومعركة مجدل شمس، وامتدادها من مسعدة الى المنصورة.
18 يناير: معركة شويا.
20 يناير: معركة حاصبيا.
أحداث 1926
3 يناير: معركة بوزريق الى الشرق من السويداء.
26 فبراير: تحرير منطقة اللجاة في الشمال الغربي من محافظة السويداء.
24 ابريل: معركة عتيل ـ سليم.
25 ابريل: معركة عرى.
25 مايو: معركة شهبا شمالي السويداء.
2ـ3 يونيو: معركة صلخد جنوب السويداء.
2 يوليو: معركة أم الرمان واستيلاء الثوار على أربع دبابات.
4 أغسطس: معركة السجن – نجران غربي السويداء.
7 أغسطس: معركة قيصما وأسر قائد الحملة اليوطنان سيكر.
5 سبتمبر: زحف جيش الجنرال انديريا من منطقة صلخد الى (المقرن الشرقي) الجهة الشرقية من محافظة جبل العرب حيث دارت هناك معارك الشريحي والشبكي.
جنرالات وديبلوماسيون
وقد حاولت حكومة فرنسا بسط نفوذها على سورية ولبنان بالأشكال كافة، وخلال محاولاتها تلك اضطرت الى استبدال اثنى عشر حاكماً بينهم ستة جنرالات ثلاثة منهم من أبطال الحرب العالمية الأولى وهم غورو، فيغاي وساراي. والستة الآخرون من موظفي الدولة العاملين بالسلك الديبلوماسي، بالاضافة الى جنرال اسقطت طائرته مقاتلة المانية أو ايطالية وهو في طريقه الى سورية، بعد يومين من تعيينه.
حكايات من الثورة
بعد الاستقلال طلبت صحفية ألمانية من القائد العام ان يوجز لها البطولات التي اجترحت خلال الثورة فأجابها: لا يوجد على هذه الأرض حجر الا وقلبته حوافر خيلنا، ولا توجد حفنة تراب لم ترو بدمائنا، ولكل مجاهد فينا قصص كثيرة من قصص البطولة والشهادة والفداء وليست قصة واحدة، ويلزمنا لرويها تاريخاً كاملاً، فكيف يمكن ايجازها. ولكن هنا لابد ان ننوه الى بعض المآثر على سبيل الذكر لا الحصر:
فقد قررت قيادة الثورة في اقليم البلان تحاشي دخول قرية كوكيا نظراً للعلاقات القوية التي كانت تربط سكانها مع الفرنسيين، وتحاشياً لوقوع اقتتال بينهم وبين الثوار مما سيدفع باتجاه حرب أهلية، ولكن المفاجأة وقعت عندما توجه كاهن القرية بالدعوة لحمزة درويش وهو قائد مجموعة الثوار المسؤولين عن تلك القرية لتناول الغداء، وخلال تجوالهما انهمر رصاص بعض العملاء على السيارة التي كانا يستقلانها فقتل الكاهن وثلاثة من مرافقي حمزة الذي اتخذ قراراً بالانتقام، فأمر بمهاجمة القرية ونهب بيوتها. وفور وصول العلم لقادة الثورة، الذين كان من بينهم اسعد كنج ابوصالح وزيد الاطرش وعادل ارسلان، قرروا بالاجماع تسليم المنهوبات للشهابيين لاعادتها لأصحابها بعد عودتهم الى بيوتهم فيما أرسل القائد العام أمراً بعودة حمزة درويش الى الجبل، وكان في ذلك تأكيد على نزاهة الثورة وطهارتها.
ويروي سلطان باشا الاطرش في مذكراته انهم حين وصلوا، ثوار الجبل وثوار الغوطة، لفك أسر النساء والأطفال وكبار السن من أهالي الجولان الذين ساقهم حلفاء الفرنسيين الى منطقة موحلة تسمى (نقعة جمرا) استعاد ثوار الاقليم معنوياتهم وصاروا يزأرون كالأسود ويفتكون بأعدائهم، ويضيف انه من أكثر المشاهد ايلاماً غوص الأطفال والنساء بالأوحال، وتلوث جروح المصابين بالطين، وان أماً قتلت برصاص الفرنسيين فاقترب منها أحد أقاربها ليأخذ طفلها عن صدرها، فهب ينخي الرجال وينشدهم الأخذ بالثأر وهو يصيح: هذا الطفل يرضع حليباً ممزوجاً بالدم.
يذكر ان سبعة من أولاد العم من آل علم قضوا في معركة السويداء وهم يتداولون رفع بيرق مدينتهم ولم يسمحوا بسقوطه فسجلوا مأثرة من مآثر البطولة التي لا تمحى.
أعداد شهداء الثورة السورية الكبرى كما ورد في كتاب «قبسات في جبل العرب والثورة السورية الكبرى عام 1925» وذلك حسب المحافظات السورية
315 حلب وادلب.
331 اللاذقية طرطوس والساحل.
731 دمشق والغوطتين.
150 حماة.
250 حمص والنبك والقلمون.
71 دير الزور والجزيرة والبوكمال.
34 درعا.
2064 جبل العرب.
267 اقليم البلان, راشيا مجدل شمس، والقرى التي حولها أقارب أهل الجبل من لبنان وفلسطين.
ردود على "نحن السوريين هذه ثورتنا الثورة السورية الكبرى"
أترك تعليقا