قـَسم بأن نحارب ونلاحق كل الزعران
دخلنا الجمعة مرحلة جديدة في تاريخ سورية، مرحلة لا تمت بصلة إلى الإصلاح السياسي أو الاقتصادي أو محاربة الفساد أو حتى حرية التعبير وسلمية التظاهر وقانون الأحزاب والمادة الثامنة من الدستور وغيره من طلبات سمعناها وحفظناها على مدى الأيام والأسابيع التي مرت، دخلنا مرحلة التخريب والترهيب والقتل، مرحلة تدمير سورية من الداخل، تدميرها نفسياً ومعنوياً وتدمير سياستها الخارجية واقتصادها ومجتمعها.
لن أتحدث عن مؤامرة خارجية وخاصة أن هذا الطرح لا يعجب الكثير من السوريين وغير السوريين، أنا أتحدث عن مؤامرة داخلية ولو رفضوا هذه التسمية، اليوم نحن لا نتعامل مع مثقفين أو سياسيين أو اقتصاديين، أو مع أي فئة من فئات المجتمع السوري المتحضر، نحن نتعامل مع زعران بكل ما تعنيه الكلمة، زعران يريدون إدارة شؤون سورية وفرض «زعرنتهم» على كل السوريين.
جميعنا مضى في مشروع الإصلاح وقلنا كلمتنا ووقفنا إلى جانب المحتجين والمتظاهرين والدولة على أمل من أن نتمكن كلنا يداً بيد من بناء سورية أكثر قوة وأكثر مناعة وأكثر صموداً ومقاومة، فالحرية فهمناها نحن على أنها مزيد من القوة والوعي والتعاون والحوار، لكن للأسف، فهناك من فهم هذه الحرية أنها فوضى وتخريب ومخالفات وقتل وتدمير، وشتائم وتحريض وتظاهر بلا سبب وتمزيق صور ورفع الشعارات وحرق العلم الوطني التي من شأنها استفزاز كل السوريين، وهذا ما لن يسمح به أي سوري ولن نسامح عليه.
بكينا الشهداء، ووأدنا الأخطاء، وصدرت المراسيم، وبدأت المحاسبة، وشكلت اللجان، واستقالت الحكومة، فماذا بعد؟
أنا أتوجه بسؤال إلى كل من تظاهر يوم الجمعة الماضي: ماذا تريدون من سورية؟ وأنا لا أخاطب الخارج بل الداخل السوري: قولوا لنا بصراحة وبأسمائكم الحقيقية: ماذا تريدون؟
تحدثوا إلينا مباشرة أو من خلال فضائياتكم المفضلة، لكن كونوا شجعاناً واكشفوا عن أسمائكم الحقيقية وقولوا لنا ما المطلوب؟
فنحن شركاؤكم في سورية ونريد أن نعرف من أنتم؟ وإلى أين تريدون أخذ سورية؟ تحدثوا لأننا ومن خلال كل أفلامكم وصوركم التي بثتها كل الفضائيات التي تتملقون إليها بحثاً عن دعم دولي لخرابكم، لم نر في كل هذه الأفلام وجهاً واحداً نعرفه أو يمكن أن نتعرف إليه لنتصل به ونحاوره، هذا إذا كان قادراً على الحوار، نقول ذلك لأن من هم في الشارع ليسوا من خرج إلينا في البدايات وحدثنا عن الحرية والأحزاب السياسية، من في الشارع هم زعران مسلحون يقتلون ويدمرون ويخربون، فهل هؤلاء أتباعكم أم أنصاركم؟ هل هذه الحرية التي بشرتم بها؟ هل قتل نفس بريئة أو عنصر أمن أو شرطي وتخريب مبنى خدمي وحرق سيارات الإسعاف والإطفاء هي الحرية المنشودة؟.
لا يمكن لأحد أن يتخيل حجم الرعب الذي تعرض له سكان حمص أو اللاذقية أو حتى في درعا،. رعب لا بد أن نقلعه من جذوره لأن ما كان آمناً خلال العقود التي مضت ليس مستعداً للمغامرة في أمنه وأمن أسرته مع أشخاص لا يعرفهم أصلاً يريدون قيادته نحو مستقبل مجهول وغامض.
من كان آمناً حين كان الجيش الأميركي يهدد حدوده والطيران الإسرائيلي يقصف قراه لا يمكن أن يسمح لمجموعة من الزعران أن ترعبه، لذلك حان الوقت الآن للحسم ووقف كل أنواع الترهيب، وهذا ما بدأت به الدولة السورية، وما يؤيده كل الشعب، ونضيف إلى كل الإجراءات المتخذة ضرورة تسليح كل من يحرس منشأة حكومية أو خاصة ومنح الحصانة اللازمة لتوقيف أو فتح النار على كل من يحاول تخريب هذه المنشأة أو تلك.
كلنا شاهدنا ما حصل في تونس ومصر ونشاهد فصولاً مما يحصل في ليبيا واليمن وتعلمنا الكثير مما حصل في العراق، فماذا يريد كل من يتظاهر اليوم؟ أي نموذج يختار؟ أم أن لسورية نموذجها الخاص الذي بدأت تتكشف معالمه من خلال الزعران؟
فليخرج أحد من هؤلاء دعاة الحرية ويشرح لنا ولباقي السوريين وهذا من حقنا، أي نموذج ينتظرنا وينتظر أولادنا وأحفادنا؟
اليوم وأمام كل ما أصاب سورية، نحن، وأقصد هنا كل السوريين الأشراف، مطالبون بقـَسم، بقـَسم يحمي وطننا ويحمي حريتنا وأمننا واستقرارنا.
قـَسم يعيد الابتسامة لأطفالنا ويعيد التألق لاقتصادنا وسياستنا ويعيد يوم الجمعة للمصلين والشعب الذي ينشد الراحة بعد أسبوع عمل طويل.
قـَسم بأن نحارب ونلاحق كل الزعران أينما كانوا ونوقفهم عند هذا الحد، فيكفي ما أصاب سورية حتى الآن من قتل ودمار وخراب.
علينا أن نقسم باللـه العظيم أن نحافظ على أمننا واستقرارنا.
نقسم باللـه العظيم أن نكون يداً واحدة في مواجهة كل من يسيء وأساء لسورية.
نقسم باللـه العظيم أن نحمي أهالينا ومنشآتنا ومدارسنا وشوارعنا وكل ما بنيناه بجهدنا وعرقنا ومالنا.
نقسم باللـه العظيم على وأد الفتنة وطرد كل من يعمل على تأجيجها وتشجيعها.
نقسم باللـه العظيم أن نحافظ على مجتمعنا وإخائنا وتقاليدنا ونخوتنا وشهامتنا.
نقسم باللـه العظيم بأننا سنمضي في الإصلاح من أجل سورية أكثر قوة وأكثر مناعة وأكثر صموداً.
دعونا نقسم على أنه لا مكان بيننا لأي مخرب، فالقضية لم تعد قضية تظاهر سلمي أو غير سلمي، نحن الآن أمام مصير ومستقبل وطن. وطن نزف بما يكفي وأسيء إليه بما يكفي، فكفى.. كفى.. كفى.. فهذه سورية وقسمنا ألا نسمح لأحد بالإساءة إليها.
وضاح عبد ربه
ردود على "قـَسم بأن نحارب ونلاحق كل الزعران"
أترك تعليقا