العين بالعين والشاشة بالشاشة .. والبادئ أظلم

بتاريخ 4:59 م بواسطة ADMIN


هذه المرة الألف الذي أكتب فيها عن الإعلام ودوره في هذا العصر , واليوم أكرر من غير ملل : الإعلام ثم الإعلام ثم الإعلام , والوقائع التي نعيشها تقدم البراهين على أننا من غير إعلام ندفع التكاليف الباهظة ونخسر معاركنا ونحن أصحاب حق , والإعلام الذي أقصده لاينحصر في الرسمي منه وهو بائس ويلفه الصدأ بل الخاص والمشترك وهو يتقدم ببطء السلحفاة بسبب الذهنية الحكومية الوصائية التي تهيمن عليه, فهل يصح في دولة لها كل هذا الوزن العربي والإقليمي والدولي أن يكون هذا هو إعلامها .؟ هل يصح أن نكلف المحامي الفاشل بالدفاع عن قضايانا العادلة ?.
هل يصح أن نصل إلى مرحلة يلعب فيها مغامر تافه يملك فضائية ما باستقرار بلدنا ووحدتنا الوطنية من أجل حفنة من الدولارات .؟ هل يصح أن نترك الساحة لشهود الزور كي يؤثروا في تشكيل وعي أجيالنا ويفبركوا الروايات والصور والأحداث ليشوهوا صورتنا ويشيطنوا رموزنا ويسخفوا قيمنا النبيلة ومواقفنا المشرفة .؟ , نعم .. لدينا أخطاء , نعم لدينا مشاكل , نعم لدينا فساد , ولكن لماذا ندفن رؤوسنا في الرمال ولانقول الحقيقة إلى شعبنا بوسائلنا ولغتنا وإعلامنا الذي يجب أن يكون صادقاً ومقنعاً وشفافاً وشجاعاً ومسؤولا يحترم عقل الجمهور ويعكس تطلعاته وليس إنشائيا مراوغا يبيع الوهم والهباء ؟ لماذا نجعل الآخر يستخدم هذه الأخطاء ليمرر الفتن والمكائد إلى شبابنا وننام نحن في أحضان لغة محنطة أكل الدهر عليها وشرب ؟.
لقد مل شعبنا من اللغة الإنشائية وكفر بها وبصناعها إلى الدرجة التي أصبح فيها يشك بما تنشره الصحيفة وما يبثه التلفزيون وما تعلنه الإذاعة ولأنه كذلك فقد تحول إلى أرضية خصبة لكل إشاعة أو رواية ملفقة ومزورة وهذا لعمري خطر مابعده خطر .
إن سورية البلد العريق صاحب التاريخ المميز والجغرافيا الاستثنائية بتنوعه وثقافة أهله ورقي سلوك شعبه لايليق به هذا الإعلام السخيف الذي يفترض غباء الجمهور فيدل على غباء صناع هذا الإعلام وعلى هياكله المسوسة والمنخورة وعلى قصر نظر المشرفين عليه , إذا نظرنا إلى الاعلام السوري وتأثيره ورغبنا المقارنة مع بعض الإعلام العربي أو الناطق بالعربية وتأثيره فإننا سنجد أنفسنا في وادي الخجل بل ربما لاتصح المقارنة من الأساس ! لقد شكل الإعلام على سبيل المثال في دولة خليجة رافعة سياسية غير مسبوقة حتى قيل ان الدولة هناك ولدت من رحم الإعلام .! طبعا يؤكد علماء التاريخ والاجتماع السياسي ان الدول تولد من رحم الحروب أو من رحم ارادات الأمم إذا قررت استنهاض قواها بعد ثبات أو من رحم الاندماج الاقتصادي والسياسي لكن قطر التي لا أفهم موقفها من سورية هذه الأيام ولدت من رحم محطة فضائية .! أين كانت قطر قبل الجزيرة ؟ وماهو وزنها ومن كان ينظر إليها وإلى ساستها وكيف أصبحت اليوم وأي دور تلعبه على الساحتين العربية والدولية ؟ وثمة دولة عربية أخرى يحتقر حكامها حقوق الانسان ويميزون بين المرأة والرجل إلى المستوى الذي يحرمه الله ( عز وجل ) والديمقراطية بالنسبة إلى هؤلاء رجس من عمل الشيطان ومع ذلك استثمرت هذه الدولة في الإعلام ووظفت صحافيين وإعلاميين مسكونين بهم دمقرطة الدول العربية ومراقبة حكوماتها والدفاع عن حقوق الإنسان باستثناء تلك الدولة طبعا , والديمقراطية بالنسبة إلى هؤلاء روح الحياة باستثناء تلك الدولة طبعا .!! وهؤلاء يعرفون في أعماق أنفسهم أن هذه التي يتحدثون عنها ليست ديمقراطية بل فتنوقراطية ! وثمة دكاكين إعلامية يعمل أصحابها أُجراء على القطعة أو على الفتنة .! وثمة صحف تتلون حسب الشيك وقيمته وسرعة تسديده .! وثمة مرتزقة لايخجلون من العمل اليوم على اقناعنا بقضية ثم يعملون غداً على اقناعنا بالعكس وبدرجة الحماسة ذاتها .! وثمة مواخير كلام وبارات للنباح تبيع خدماتها مجاناً اذا اتصل السكرتير السابع في السفارة الأمريكية وبلغ كلمة السر , وفي المقابل ثمة منابر إعلامية حقيقية تحترم عقل الجمهور ولا تضلله , تقدم له خدمة الإعلام غير الملغوم من غير منة , هل أقصد قناة المنار .؟ نعم وغيرها أيضا .. إلى أين من هنا ..؟ إلى استنتاج لا بد منه وهوأاننا يجب أن نعيد النظر وبشكل جوهري في موضوع الغعلام ودوره والاستثمار به , إعلام يصل إلى عقول الناس وقلوبهم , إعلام ينفض الغبار والتزوير عن صورتنا وحقيقة موقفنا , غعلام يحترم الناس ودرجة وعيهم , إعلام لايتعكز على الجاهلين والمتنفعين ومنتحلي الصفة لأن فاقد الشيء لايعطيه , إعلام يراقب الحكومة ويدلها على الأخطاء , إعلام يفضح الفساد والمفسدين ولايخشى في قول الحق الا الله ( عز وجل ) إعلام يرى الشعب فيه صورته ويثق بأهله وصناعه ويعود إليه للتأكد من الحقيقة وليس كما هو الحال اليوم يهرب منه ليعرف الحقيقة , إعلام يتفاعل مع ثورة الاتصالات ويوظفها في خدمة قضايا الأمة ومصالحها العليا , ماذا ينقصنا لكي ننتج إعلاماً فاعلاً ومؤثراً ومحترماً ؟ الفرصة الآن مواتية وأن تصل متأخرا أفضل من أن لاتصل أبدا , ومع الإعلام الفاعل لاتتجرأ علينا فضائية ولا يزور صورتنا سافل باع ضميره في سوق النخاسةأو محطة فضائية تستعمل الحقد وقوداً والفجور محركاً والفتنة هدفاً , مع الإعلام الفاعل والمحترم نستطيع أن نقول ( العين وبالعين والشاشة بالشاشة والبادئ اظلم , ومن يتجرأ علينا نتجرأ عليه ) أقول ذلك في هذا الوقت الذي تولي فيه الادارة السورية بقيادة الرئيس بشار الأسد أهمية خاصة للأوضاع الداخلية ( اعادة النظر في القوانين التي يشتكي منها المواطن وفي المقدمة رفع حالة الطوارئ , تحسين المستوى الحياتي للشعب , ضمان حق المعرفة وحرية الرأي , الحفاظ على كرامة المواطن وحماية خياراته ) أقول ذلك والادارة السورية منهمكة اليوم بتشكيل الحكومة الجديدة برئاسة الدكتور عادل سفر الذي يتفق على أنه لم يتلوث خلال الفترة الماضية بملفات الفساد وهو من أصحاب الكفاءات والخبرة والعزيمة وهذه فرصة ثمينة للبدء بتغيير ثقافة تعاطي السلطة مع الإعلام , فرصة لتجاوز صيغ بائدة من الإعلام الموجه الذي أصبح خارج الخدمة , ونصيحتي الى الرئيس المكلف أن ينتبه بتركيز شديد إلى هذا القطاع الذي يجب أن يلعب دورا اساسيا في الأيام القادمة , دولة الرئيس الصديق عادل سفر.. سورية تستحق إعلاماً عصرياً فاعلاً شفافاً مؤثراً وذا مصداقية.. والسوريون لن يسمحوا بعد اليوم بتشويه صورتهم وصورة بلادهم .. وبالتوفيق .

بقلم : علي جمالو



Bookmark and Share

ردود على "العين بالعين والشاشة بالشاشة .. والبادئ أظلم"

أترك تعليقا