‏إظهار الرسائل ذات التسميات تاريخ مدينة. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات تاريخ مدينة. إظهار كافة الرسائل

موقعة فخ أو معركة فخ بين الجيش العباسي في مواجهة العلويين

موقعة فخ أو معركة فخ معركة وقعت بتاريخ (8 ذو الحجة 169 هـ = 11 يونيو 786م) بالقرب من مكة بمكان يسمى فخ. حدثت المعركة بين الجيش العباسي في مواجهة ثوار من العلويين بزعامة الحسين بن علي (العابد) بن الحسن المثلث بن الحسن المثنى بن الحسن السبط بن علي بن أبي طالب، وكان مع الحسين هذا من بني عمومته إدريس وسليمان ابنا عبد الله الكامل ساندا وشاركا في الثورة والحرب ونجا أحدهما واستشهد الآخر. و فخ بفتح أوله وتشديد ثانية واد بمكة، قيل هو واد الزاهر قتل به الحسين بن على (العابد) بن الحسن المثلث بن الحسن المثنى بن الحسن السبط بن علي بن أبي طالب العلوي يوم التروية سنة 169 ه‍ وقتل معه جماعة من أهل بيته، وفيه دفن عبد الله بن عمرو جماعة من الصحابة. قاله في (مراصد الاطلاع).

أسباب المعركة ووقائعها

بعد مقتل الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب ابن بنت رسول الله في معركة كربلاء، وفشل ثورة محمد النفس الزكية بن عبد الله الكامل بن الحسن المثنى بن الحسن السبط وفشل ثورة أخيه إبراهيم بن عبد الله الكامل؛ بعد فشل تلك الثورات قامت حركات أخرى لعلويين زيديين في اليمن وخراسان، لكنها لم تلقَ نجاحًا، وأصابها مثل ما أصاب ما قبلها من ثورات، وعاش من بقي من آل البيت العلوي في هدوء، وربما استخفوا حتى يتمكنوا من إعداد العدة للخروج وهم مكتملو القوة والعدد، وظلت الأمور على هذا النحو من التربص والانتظار حتى حدث نزاع صغير بين والي المدينة المنورة وبعض رجال من آل البيت، الزيديين ، حيث أساء التعامل معهم، وأغلظ القول لهم، فحرك ذلك مكامن الثورة في نفوسهم، وأشعل الحمية في قلوبهم، فثار الزيديون في المدينة بقيادة الحسين بن علي بن الحسن المثلث بن الحسن المثنى العلوي، وانتقلت الثورة إلى مكة بعد أن أعلن الحسين البيعة لنفسه، وأقبل الناس عليه يبايعونه. ولما انتهى خبر هذه الثورة إلى الخليفة العباسي موسى الهادي، أرسل جيشًا على وجه السرعة للقضاء على الثورة، قبل أن يمتد لهيبها إلى مناطق أخرى؛ فيعجز عن إيقافها، فتحرك الجيش العباسي إلى مكة، والتقى بالثائرين وهم محرمون في طريقهم للحج في (8 من ذي الحجة 169هـ = 11 من يونيو 786م) في معركة عند مكان يسمى "فخ" يبعد عن مكة بثلاثة أميال، وانتهت المعركة بهزيمة جيش الإمام الحسين بن علي الفخي ، وإستشهاده هو وجماعة من أصحابه.

نتائج المعركة

من نتائج معركة فخ بالقرب من مكة، مقتل الحسين بن علي العابد المتزعم للثورة وجل من كان معه وفي صفه: مقتل الحسين بن علي (العابد) بن الحسن المثلث العلوي قلنا أن من ولد علي العابد بن الحسن المثلث العلوي، الحسين بن علي وهو الشهيد صاحب فخ، خرج ومعه جماعة من العلويين زمن الهادى موسى بن المهدى بن المنصور بمكة، وجاء موسى بن عيسى بن علي ومحمد بن سليمان بن المنصور فقتلاهم بفخ يوم التروية سنة تسع وستين ومائة 169 هـ. وقيل سنة سبعين، وحملا رأسه إلى الهادى فأنكر الهادى فعلهما وإمضاءهما حُكم السيف فيهم دون رأيه، ونقل أبو نصر البخاري عن محمد الجواد بن علي الرضا أنه قال لم يكن لنا بعد الطف (يعني يوم الطف أي معركة كربلاء) مصرع أعظم من فخ. ولم يعقب الحسين صاحب فخ. مقتل سليمان بن عبد الله الكامل ونجاة أخيه إدريس بن عبد الله الكامل يحكي كتاب (مفاتل الطالبيين للأصفهاني) أن الجيش العباسي ارتكب من الفظائع والإجرام في موقعة فخ ما تأباه الآدمية. حسبما جاء في مقاتل الطالبيين للأصفهاني،

ومن مراثي الحسين ومن معه، أذكر ما جاشت به قريحة عيسى بن عبد الله الطالبي:
تُركوا بفخ غُدوة     في غير منزلة الوطن
كانوا كراما قُتِّلوا     لا طائشين ولا جُبُن
غسلوا المذلة عنهم    غسل الثياب من الدَرَن
هُدِى العباد بجدهم    فلهم على الناس المِنن

ومما قال داود بن سلم:

يا عين إبكي بدمع منك مُنْهتنِ     فقد رأيتِ الذي لاقى بنو حسن
صرعى بفخ تَجر الريح فوقهم    أذيالها وغوادي الدلج المزُن
حتى عفت أعظم لو كان شاهدها    محمد ذبَّ عنها ثم لم تُهن
صقر سوريا


Bookmark and Share

السويداء مدينة في الجمهورية العربية السورية


السويداء مدينة في الجمهورية العربية السورية وهي مركز محافظة السويداء، وتقع على بعد 100 كم جنوب مدينة دمشق، وتتربع فوق قمم سلسلة جبلية يطلق عليها جبل العرب، ويتميز الجبل بجمال الطبيعة والمناخ المعتدل البارد صيفاً والبارد جداً في الشتاء وتتساقط الثلوج على أغلب المرتفعات الجبلية، وترتبط المحافظة بشبكة من الطرق الرئيسية التي تصل المدن الرئيسية بالقرى والبلدات.

تاريخ السويداء

السويداء هي أكبر مدن جبل العرب أو محافظة السويداء وتشتهر المدينة والمحافظة بآثار رومانية كثيرة. هناك مناطق أثرية كثيرة يعود تاريخها لعصور قديمة بعضها إلى العصر الحجري الأول بدليل الكهوف والمواقع التي استوطن بها الإنسان القديم وهناك عدد من المواقع والكهوف المكتشفة في المحافظة التي دلت على استقرار الإنسان الأول في المنطقة، وتشتهر مدينة السويداء بمتحفها الذي يضم العديد من أوابد المحافظة الأثرية. أما لو تكلمنا عن محافظة السويداء فلن تكفيها سطور قليلة حيث تعد المنطقة متحفًا مفتوحًا يضم الكثير الكثير من المدن والمواقع الأثرية الرومانية والبيزنطية والنبطية وغيرها، وتنتشر الأوابد الأثرية في كافة ارجاء المحافظة بشكل كبير وتتمثل في المعابد والقصور والاعمدة والكنائيس والمسارح والحمامات الرومانية والبوابات وخزانات واقنية المياة الرومانية واليونانية والجسور والمساكن التي تغطي كل مدينة وبلدة وقرية على امتداد مناطق المحافظة.


محافظة السويداء لها تاريخ حافل بالبطولات ولقد دحر فيها كثيرا من المحتلين واخر من هزم المحتل الفرنسي الدى كان من القوى والدول الاستعمارية الكبرى وقد تصدى أبناء الجبل للمحتل الفرنسي وسطروا صفحات مشرقة دفاعا عن بلادهم فقد انطلقت منها الثورة السورية الكبرى كتب فيها الثوار اسمائهم بحروف من ذهب في سجل البطولة، وأهم المعارك الغاية في الأهمية في استمرار الثورة ووحدتها مثل معركة المزرعة ومعركه الكفر وقد عمل قادة الثورة على الحفاظ على الوحدة الوطنية وعدم تقسيم البلاد السورية وكان من أشد المنادين بضرورة بقاء سوريا موحدة وهذا ما حصل وما حققته وحدة الكلمة والثورات التي تكاتفت في كافة أنحاء سوريا وتحت قيادة سلطان باشا الاطرش القائد العام للثورة السورية الكبرى!.


قدمت العديد من أبنائها شهداءً في سبيل الذود عن أرضهم، فقد قاتلوا العثمانين وكانوا من أوائل من داخلوا دمشق بعد خروج العسكر العثماني. وتزعمهم بعد ذلك المرحوم سلطان باشا الأطرش في الثورة السورية الكبرى عام 1925 ضد الاحتلال الفرنسي، وقف أبناء السويداء كقلعة في وجه الاحتلال العثماني من خلال المواجهات العسكرية العديدة، وقاتلوهم كالجبل الصامد.


انطلقت الثورة السورية الكبرى ضد الفرنسيين من السويداء بقيادة القائد سلطان باشا الأطرش. وقد قامت أولى المعارك في ربوع السويداء كمعركة المزرعة المعروفة التي خسرت فيها فرنسا معظم قواتها الآتية من جنوب سورية نحو دمشق وكانت هذه المعركة بمثابه تحميل الأذى عن أهل دمشق وحماية لهموانتصارآ سجل لثوار الجبل وللثوره السورية .


جغرافيا السويداء

تقع محافظة السويداء في جنوب سوريا ويحدها من الشمال محافظة ريف دمشق ومن الجنوب الأردن ومن الغرب محافظة درعا ومن الشرق بادية الشام ومحافظة السويداء بلاد جبليه تقوم على سلسلة من الجيال والتلال ويصل ارتفاع أعلى القمم الجبلية فيها إلى أكثر من 1800 متر عن سطح البحر، وهناك مجموعة من الينابيع الطبيعية ويخترق المحافظة عدد من الأودية الموسمية التي تتشكل نتيجة ذوبان الثلوج وتسير عشرات الكيلو مترات وهنال مجموعة من السدود (18 سد) والبحيرات نذكر منها :-

بحيرة سد الروم .
بحيرة سد العين .
يحيرة سد الغيظة .
بحيرة سد الطيبة .


وتتكون المحافظة من مجموعة من المدن وعشرات البلدات ومئات القرى والمزارع ، والمدن الرئيسة في المحافظة هي :-

مدينة السويداء.
مدينة صلخد.
مدينة شهبا.

الاقتصاد
الزراعة

يعتمد اقتصاد محافظة السويداء على الزراعه بشكل أساسي حيث تشتهر بزراعة عدد من المحاصيل والاشجار المثمرة مثل التفاح والعنب والاجاص واللوزيات بكل أنواعها والزيتون والحبوب وأهمها القمح والشعير والحمص والعدس، وللمحافظة شهرتها الكبيرة بأنتاج العنب الذي يصدر إلى كافة المناطق وتقوم عليه صناعات عديدة.


الصناعة

تقوم في المحافظة عدد من الصناعات أهمها الصناعات الغذائية المرتبطة بالمحاصيل الزراعية وصناعة المشروبات وتقطير العنب وصناعة العصير الطبيعي، وكذلك صناعة السجاد والاحذية والصناعات البلاستيكية وبعض الصناعات التقليدية التراثية.


المقومات السياحية

السويداء أو جبل العرب منطقة جبلية فيها الكثير من الجبال المغطاة بالخضرة والاحراج والغابات الطبيعية كما في الكفر وفي عتيل وقنوات وسليم وعلى امتداد الجبال غرب مدينة السويداء ومنطقة ظهر الجبل حيث المزيد من الكروم والبساتين والخضرة، مناطق ساحرة بطبيعتها وذات مناخ معتدل ومنعش صيفا وبارد في الشتاء، والمحافظة غنية جدا بألآثار من مدن اثرية ومواقع لاتعد ولاتحصى من الاثار الرومانية واليونانية، والمدن والبلدات الأثرية اينما اتجهت، لكن نذكر أهم المدن والبلدات والمواقع:

{ناحية المزرعه}..وهي ناحيه كبيره تحوي أثار رومانيه عديدة.

إضافه لموقعها المميز المتوسط بين محافظه درعا.بصرى الحرير.دمشق.السويدداء..إضافه لأهميتها التاريخيه موقع <معركه المزرعه > الشهيرة.

شهبا (فليبو بوليس) مدينة اثرية امبراطورية شوارع مرصوفة بوابات معابد مسرح روماني..الخ
قنوات (كاناثا) مدينة اثرية قيادية دينية معابد كنائس ابنية إدارية خزانات ساحات اثرية.
صلخد مدينة اثرية معروفة قديما باسم صرخد تشتهر بقلعتها المهيبة وأثار.
عتيل{السويداء}.. معابد واثار رومانية.
سليم.. معابد، قصور، مسلة اثار رومانية.
بريكة.. معبد، تل الدبة, اثار يونانية ورومانية.
شقا.. معابد، اثار رومانية.
داما.. معابد ،اثار رومانية وبيزنطية، دير تاريخي.
عرمان أثار رومانية منازل خزانات أثار متفرقة.
بلدة ملح أثار رومانية عديدة.
قرية تعلا وهي من قرى المقرن الشمالي كانت ملجأ حصين ابان الحكم العثماني والاحتلال الفرنسي تشتهر بكهوفها ومغاورها التي تمتد عشرات الامتار تحت الأرض وهي منطقة مرتفعه وشديدة الوعوره.

وهناك الكثير الكثير من المواقع الأثرية فلا تكاد توجد بلدة أو قرية لايوجد فيها أثار رومانية أو يونانية أو نبطية على امتداد المحافظة .


السكان

إن أغلبية سكان محافظة السويداء من الدروز الموحدين بنسبة لا تقل عن 95% والباقي من السنة ومسيحيون.



مراجع


موقع مديرية سياحة السويداء




Bookmark and Share

الحضارة السومرية شرق الهلال الخصيب (بلاد سومر)



سومر (حضارة)

الحضارة السومرية هي حضارة لمجموعات بشرية في جنوب شرق الهلال الخصيب (بلاد سومر) في العراق اليوم، خلال الألف الرابع قبل الميلاد، سمى السومريون بلادهم كن-جير (ken-gi) ولغتهم إمِ-جير ("eme-gir")، والتسمية شومر (سومر) هي تسمية أكادية لمنطقة جنوب العراق وسكانها، والتي تكرس استخدامها، من قبل الباحثين، مع إعادة اكتشاف الكتابة واللغة والثقافة السومرية، في القرن التاسع عشر الميلادي.

لغة حتى اليوم لم يتم الكشف عن علاقة وطيدة أكيدة للغة السومرية مع أي من اللغات المعروفة، وبالتالي لايمكن تصنيفها ضمن العائلات اللغوية المدروسة (مع وجود العديد من الفرضيات حول ذلك من بينها تصنيفها كلغة هندوأوروبية أو آرية)، وقد بقيت السومرية حية في جنوب بلاد الرافدين حتى 1700 ق.م تقريباً، وبقيت كلغة كتابة وخصوصاً في النصوص الدينية والأدبية حتى الألف الأول الميلادي، وهي مع ما كشف حتى الآن أول لغة مكتوبة (حوالي 3200 ق.م)، وبذلك تغطي الكتابة السومرية فترة تقدر بثلاثة ألاف سنة

منشأ لا زال منشأ السومريين مجهولاً حتى اليوم، ولكن لغتهم تأكد اختلافهم في النشأة عن جيرانهم الساميين والعيلاميين، فهناك فرضيات حول منشأهم في بلاد الرافدين وتطورهم فيها، إلا انه لا دلائل أثرية على ذلك، وفرضيات أخرى حول نشأتهم في آسيا الوسطى، وهجرتهم نحو بلاد الرافدين، لكن كذلك البحث الأثري لا يثبت ذلك، معظم الفرضيات تستخدم البحوث اللغوية في ذلك، ولا كنها مع ذلك لم توفق حتى الآن في تحديد منطقة نشوء سومريو اللغة

تاريخ تعود بداية الحضارة السومرية لما يعرف بعصر أورك إلى بداية الألف الرابع ق.م، وهي مميزة ببدايات إنشاء المدن الأولى كما أنها ذات طراز فخاري محدد، وقد شكلت امتداداً لثقافة العُبيد، أولى المستوطنات الزراعية على متداد الفرات منذ الألف السادس ق.م المميزة بطرزها الفخارية ذات الألوان والطابع المحدد

عصر أوروك بدأ التاريخ السومري بما يعرف بعصر أوروك من حوالي 4000 ق.م إلى 3000 ق.م، فقد نشأت العديد من المستوطنات والقرى الزراعية على الفرات والتي تطور منها لاحقاً بعض المدن ،والتي شكلت أوروك المدينة الأهم بينهم، وا التي اشتهرت بمعبد إنانا فيها

عصر جمدة نصر في حوالي 3100 ق.م زاد عدد المزارعيين المشتغلين بالزراعة المروية بشكل كبير، وأصبحت مراكز المدن أماكن مقدسة، وانتهى هذه الفترة حوالي 2900 ق.م

الدولة السومرية القديمة في بداية عصر السلالات المبكرة نشأت مجموعة من المدن الدول (اداب-إريدو-إيسن-كيش-لاكاش-لارسا-نيبور-أور-أوروك) والتي شكل خضوعها لحكم واحد منذ 2800 ق.م الدولة السومرية القديمة، وذلك عبر سلسلة من القادة الحكام من مدن وعائلات حاكمة مختلفة كمات يلي

كيش

كان أول حاكم لسومر هو إتانا الذي عاش في فترة 2800 ق.م، وكان ملك مدينة كيش

أوروك

تلى ملك كيش، مسكياكاشر ملك أوروك، وأسس جنوباً من كيش أسرة حاكمة منافسة، ووسع نفوذه حتى شمل كامل الهلال الخصيب تقريباً، وخلفه ففي العام 2750 ق.م ابنه إنمِركار، الذي خلفه أحد قادة جيشه المدعو لوكالباندا، ثم عاد حكم سومر في العام 2700 ق.م إلى أسرة كيش عن طريق الملك إنمِباراكِسي

أكد

وحد الأكاديون- الذين سكنوا شمال سومر- بقيادة سرجون سومر تحت حكم أسرة واحدة من 2371 ق.م وحتى 2191 ق.م، واضحت في هذه الحقبة اللغة الأكادية هي لغة الدولة الرسمية، وانتهت هذه الفترة بغزو المنطقة من قبل الگوتيين (الجوتيين)

الدولة السومرية الحديثة دامت الدولة السومرية الحديثة من عام 2112 ق.م وحتى العام 2004 ق.م، وذلك تحت حكم أسرة أور الثالثة، الذين أعادوا الكتابة باللغة السومرية كلغة رسمية للدولة،

ومن أعمالهم بناء العديد من الزاقورات، إلا أن نهاية هذه الفترة كانت قريبة على يد العيلاميين، خضعت سومر بعد ذلك للدولة البابلية القديمة (2000- 1595 ق.م)وآشور والدولة البابلية الحديثة (الكلدانية)

مجتمع سومر تعتبر الميزة الأساسية للحضارة السومرية هي تطويرها لحضارة متقدمة في بيئة طبيعية كانت بحاجة إلى جهد إنساني كبير من

اجل استثمارها متابعين بذلك الثورة الزراعية التي ترسخت معالمها في الهلال الخصيب إبان العصر الحجري الحديث إلى الثورة المدينية التي أوصلت الحضارة البشرية إلى ماهي عليه اليوم

كتابة وإن تكن الكتابة قد طورت في العديد من الثقافات البشرية على انفراد كما في مصر والصين والمايا، إلا أن

الكتابة المسمارية تشكل حسب الأبحاث الحالية الأقدم بينها3200 ق.م، وقد ساهم في نشرها الأكاديون والحيثيون بعد أن كتبوا لغاتهم بها، كما شكلت الأساس الذي انطلقت منه أبجدية أوغاريت

التقنيات يعتبر اختراع العجلة الذي تم أيضاً لأول مرة في سومر، من الإخترعات التقنية ذات الأهمية البالغة، والتي ارتبطت بتدجين الحيوانات واستخدامها ليس كموارد لتغذية وبعض الالمنجات الأخرى

كجلود والعظام، إنما أيضاً كموارد لفاعليات إنتاجية، كستخدامها في الحرث والجر في الأعمال الزراعة، والنقل لاحقاً عند أختراع العربات حين ازداد عدد البشر في المراكز المدن الزراعية


زراعة وريّ في مجال الزراعة لم يدجن السومريون أنواع نباتات أو أنواع حيوانات جديدة غير التي كانت معروفة مسبقاً في القرى الزراعية الأولى للهلال الخصيب،

إلا أنهم ساهموا في تطوير أساليب الري، والصناعات الغذائية في مجال مشتقات الألبان، لكن اعتماد أساليب الري الصناعي عبر شق القنوات وغمر الحقول بالمياه يعتبر من أهم عوامل تملح التربة

الذي ساهم لاحقاً في ضعف الإنتاج الزراعي والتدهور الاقتصادي-الاجتماعي للعديد من المدن السومرية، وحسب الدراسات الحالية فقد كان السجل الغذائي في سومر يتكون بشكل أساسي

من منتجات الحبوب والتمور والعسل والسمسم (الطحينية)، وعن البروتين فقد حصلو عليه من البيض والأجبان والأوز والبط والدجاج والجراد، وقليلاً من الحيوانات الكبرة كالبقر والحمير

والخنازير والغنم والماعز، كما اصطادوا الأرانب والخنزير البري والماعز والغنم البري، والمها والغزلان، اما صيد الأسود فكانت رياضة الملوك، كذلك تم صيد الأسماك بشكل موسع

مهن بينت الحفريات (تنقيب) والنصوص الكتابية المتبقة من المدن السومرية وجود العديد من المهن والحِرف التي مارسها النساء والرجال، ويمكن تعدادها أهمها كالتالي:

صناعة المعجنات (فران)

مهنة تحضير اللحوم (لحام/قصاب)

مهنة تحضير الطعام (طباخ)

صناعة القصب كالسلال والبسط

صناعة الفخار (فاخوري)

مهنة قطع وإعداد الحجر (حجار)

صناعة التماثيل (نحات)

صناعة الخشب (نجار)

صناعة أدوات الوزن

صناعة القوارب

صناعة الملابس (خياط)

مهنة التزيين (حلاق)

مهنة الطب (طبيب)

مهنة التعليم (مدرس)

مهنة الكتابة (كاتب)

مهنة البناء (معمار)

مهن أدارية وقيادية رئيس بلدية

ضابط

سفير

مدير معبد

كاهن

مدير مكتبة

ناظر أشغال



مدارس
توصف المدارس في التقليد السومري على أنها بيوت الألواح، وقد كشفت البعثة الفرنسية في ماري بيتي ألواح، حيث كان الطلاب يجلسون على مقاعد من الأجر، كما أن قوائم الكلمات تشير إلى وجود نظام مدرسي في الألف الرابع ق.م، وشكلت النصوص المدرسية التي وجدت في شورباك والتي تعود إلى منتصف الألف الثالث ق.م دليل مباشر على ذلك، وقد وجد على نهايات ألواح التمارين أسماء الطلبة وأسماء ابائهم الذين كانوا يعملون في المهن الإدارية والقيادية بشكل أساسي ،هذا وكان على الطلبة في البداية تعلم 2000 مقطع-رمز مسماري، ومن بعض النصوص يمكن تتبع آليات التعليم من قبل المدرسين الذين يسمون آباءً، حيث نجد بعض الفكاهة كطريق لأيصال المعلومات، من مثل قصة" الذئب الذكي والذئاب التسعة الأغبياء"، لتعليم عملية الجمع

و من المرجح أن المعارف التي توجب على الطلبة إتقانها هي رسم (تخطيط) المقاطع الكتابية، واللغة السومرية مما يعني القدرة على الكتابة والقراءة، فقد توجب كتابة القصص التعليمية والحِكم والأناشيد والملاحم

رياضيات وفلك قدمت الحضارة السومرية أقدم ما هو معروف حتى الآن على الإشتغال بالرياضيات، فهم من طور استخدم النظام الستيني في العدّ، وأول من أوجد القبة، وأول من بنا الصروح الضخمة في أور وأوروك ولكش، كما هو معروف من الزقورات، الأمر الذي يحتاج إلى حسبات هندسية رياضية، كما تبين النصوص أنهم عرفوا بعض الكواكب منها كوكب عطارد

دين يعتبر الدين في سومر من أقدم الأديان الموثقة (كتابياً) في تاريخ البشرية، وقد كان لنصوصه الدينية تأثيراً واضحاً على مجمل أديان الهلال الخصيب وأحياناً المناطق المحيطة به، لقد قدس السومريون بالإضافة إلى الآلهة الرئيسية والقديمة، مجموعة من الآلهة الخاصة في كل مدينة على حدة والتي تنافست فيما بينها ورويداًً أحتلت مكان بعضها البعض في حال تشابه الصفات الممنوحة للآلهة المختلفة، لتشكل بانثيون سومري، يمكن تتبعه في الكثير من النصوص، وعلى الأخص ملحمة جلجامش التي كتبت أساساً في الزمن السومري وبقيت الكثير من الشخصيات الإلهية السومرية مضمنة بها على الرغم من التحرير وإعادة الكتابة الذي طالها عبر تعاقب الثقافات









Bookmark and Share

في القدس - تميم البرغوثي






في القدس ...


مررنا على دار الحبيب ..فردنا عن الدار قانون الأعادي وسورها..
فقلت لنفسي ربما هي نعمة ..فماذا ترى في القدس حين تزورها..
ترى كل ما لا تستطيع احتماله ..إذا ما بدت من جانب الدرب دورها..
وما كل نفس حين تلقى حبيبها تسر ..ولا كل الغياب يضيرها..
فان سرها قبل الفراق لفائه ..فليس بمأمون عليها سرورها..
متى تبصر القدس العتيقة مرة.. فسوف تراها العين حيث تديرها..
في القدس بائع خضرة من جورجيا برم بزوجته ..يفكر في قضاء إجازة ..أو في طلاء البيت..
في القدس توراة ..وكهل جاء من منهاتنا العليا يفقه فتية البولون في أحكامها..
في القدس شرطي من الأحباش يغلق شارعا في السوق.. رشاش على مستوطن لم يبلغ العشرين ..قبعة تحيي حائط المبكى ..
وسياح من الإفرنج شقر لا يرون القدس إطلاقا ..تراهم يأخذون لبعضهم صورا مع امرأة تبيع الفجل في الساحات طول اليوم..
في القدس دب الجند منتعلين فوق الغيم ..في القدس صلينا على الإسفلت..
في القدس من في القدس إلا أنت..
وتلفت التاريخ لي متبسما ..أظننت حقا أن عينك سوف تخطئهم وتبصر غيرهم...
هاهم أمامك.. متن نص أنت حاشية عليه وهامش ..أحسبت أن زيارة ستزيح عن وجه المدينة يا بني حجاب واقعها السميك ..لكي ترى فيها هواك..
في القدس كل فتى سواك... وهي الغزالة في المدى ..حكم الزمان ببينها.. ما زلت تركض خلفها.. مذ ودعتك بعينها.. فأرفق بنفسك ساعة إني أراك وهنت ..
في القدس من في القدس إلا أنت..
يا كاتب التاريخ مهلا ..فالمدينة دهرها دهران..
دهر أجنبي مطمئن لا يغير خطوه وكأنه يمشي خلال النوم.. وهناك دهر كامن متلثم يمشي بلا صوت حذار القوم..
والقدس تعرف نفسها.. فأسال هناك الخلق يدلك الجميع.. فكل شيء في المدينة ذو لسان حين تسأله يبين..
في القدس يزداد الهلال تقوسا مثل الجنين.. حدبا على أشباهه ..فوق القباب تطورت ما بينهم عبر السنين..
علاقة الأب بالبنين..
في القدس أبنية.. حجارتها اقتباسات من الإنجيل والقران ..في القدس تعريف الجمال مثمن الأضلاع ..
ازرق.. فوقه.. يا دام عزك قبة ذهبية.. تبدو برأيي ..مثل مرآة محدبة ترى وجه السماء ملخصا فيها..
تدللها وتدنيها..
توزعها.. كأكياس المعونة في الحصار لمستحقيها.. إذا ما امة من بعد خطبة جمعة.. مدت بأيديها..
وفي القدس السماء تفرقت في الناس.. تحمينا ونحميها.. ونحملها على أكتافنا حملا.. إذا جارت على أقمارها ألازمان...
في القدس.. أعمدة الرخام الداكنات.. كأن تعريق الرخام دخان ..ونوافذ تعلو المساجد والكنائس ..
أمسكت بيد الصباح ..تريه كيف النقش بالألوان..
فهو يقول لا بل هكذا ..فتقول لا بل هكذا..
حتى إذا طال الخلاف تقاسما ..
فالصبح حر خارج العتبات..
لكن إن أراد دخولها.. فعليه أن يرضى بحكم نوافذ الرحمن..

في القدس مدرسة لمملوك ..أتى مما وراء النهر.. باعوه بسوق نخاسة في أصفهان..لتاجر من أهل بغداد أتى حلبا ..فخاف أميرها من زرقة في عينه اليسرى.. فأعطاه لقافلة أتت مصرا..
فأصبح بعد بضع سنين غلاب المغول وصاحب السلطان ..
في القدس رائحة تركز بابل والهند.. في دكان عطار بخان زيت..والله رائحة لها لغة.. ستفهمها إذا أصغيت..
وتقول لي..إذا يطلقون قنابل الغاز المسيل للدموع علي ..لا تحفل بهم ..وتفوح من بعد انحسار الغاز..
وهي تقول لي.. أرأيت..
في القدس يرتاح التناقض والعجائب.. ليس ينكرها العباد.. كأنها قطع القماش.. يقلبون قديمها وجديدها.. والمعجزات..هناك تلمس باليدين..
في القدس.. لو صافحت شيخا ..أو لامست بناية.. لوجدت منقوشا على كفيك نص قصيدة يا ابن الكرام..أو اثنتين..
في القدس رغم تتابع النكبات.. ريح طفولة في الجو ..ريح براءة.. فترى الحمام يطير..
يعلن ..دولة في الريح بين رصاصتين..
في القدس ..تنتظم القبور.. كأنهن سطور تاريخ المدينة.. والكتاب ترابها ..الكل مروا من هنا..
فالقدس تقبل من أتاها كافرا أو مؤمنا ..امرر بها ..واقرأ شواهدها ..بكل لغات أهل الأرض..
فيها الزنج والإفرنج والقفقاج والصقلاب والبشناق والتاتار والأتراك أهل الله.. والهلاك والفقراء والملاك والفجار والنساك.. فيها كل من وطىء الثرى..
أرأيتها ضاقت علينا وحدنا.. يا كاتب التاريخ ..ماذا جد فاستثنيتنا.. يا شيخ فلتعد القرأة والكتابة مرة أخرى..
أراك لحنت..
العين تغمض ..ثم تنظر ..سائق السيارة الصفراء مال بنا شمالا ..نائيا عن بابها.. والقدس صارت خلفنا..
والعين تبصرها بمرآة اليمين..تغيرت ألوانها في الشمس ..من قبل الغياب..
إذ فاجأتني بسمة.. لم ادري كيف تسللت في الدمع ..قالت لي وقد أمعنت ما أمعنت ..
يا أيها الباكي وراء السور ...
.. أحمق أنت..
.. أجننت..
لا تبكي عينك أيها المنسي من متن الكتاب..
لا تبكي عينك أيها العربي ..واعلم انه في القدس من في القدس ..
لكن لا أرى في القدس إلا أنت..


Bookmark and Share

سوريا - دمشق -


تعد مدينة دمشق عاصمة الجمهورية العربية السورية أقدم مدينة في العالم ما تزال عامرة حتى اليوم. وقد سكنها الإنسان منذ الألف الثانية قبل الميلاد، ومن ذلك الوقت ظلت مركز حياة مدنية مزدهرة.




ورد ذكر المدينة في رسائل تل العمارنة التي تعود إلى القرن الرابع عشر ق.م باسم دمشقا، والمرجح أن أصل التسمية آرامي وهو "مشق" تتقدمه دال النسبة ومعنى العبارة "الأرض المزهرة أو الحديقة الغناء"، وذكرت تفسيرات عديدة لاسمها، لكن التفسير السابق هو أكثرها موضوعية. ويسميها البعض بأسماء أخرى مثل جلّق أو الشام وتلقب أيضاً بالفيحاء (أي واسعة الدور والرياض) وغير ذلك من تسميات.

تقع مدينة دمشق جنوب الجمهورية العربية السورية على الطرف الغربي لحوض دمشق، وتطوقها سلاسل جبال القلمون ولبنان الشرقية من الشمال والغرب، والمرتفعات البركانية لحوران والجولان من الجنوب والشرق. وقد قامت دمشق القديمة على بعد عشرة كيلومترات من خانق الربوة، على الضفة الجنوبية لنهر بردى، الذي يعتبر شريان الحياة في المدينة، إذ لولاه لما عاشت المدينة في موقع تسيطر عليه تأثيرات بادية الشام، وتشكل الجبال الواقعة إلى الغرب منه حاجزاً طبيعياً للمطر القادم من البحر المتوسط.


الإسكندر الكبير في معركة إيسوس


إن نشأة مدينة دمشق موغلة في القدم، إذ يعود سكناها كما تقدم إلى الألف الثانية ق.م، وورد ذكرها في النصوص المصرية والآشورية بوصفها مركزاً اقتصادياً وسياسياً معروفاً في الشرق القديم. وقد كانت دمشق المملكة الآرامية في وقتها أهم دولة في سورية وأكثرها قوة. قاومت الآشوريين أنفسهم قبل أن يستطيعوا تدميرها عام 732 ق.م. وقد اقترنت هذه السطوة السياسية بالازدهار التجاري، كما كانت أيضاً مركزاً دينياً يتمتع بنفوذ واسع.


وقعت دمشق بعد هذه المرحلة تحت سيطرة الفرس الأخمينيين، ثم الاسكندر المقدوني بعد موقعة إيسوس عام 333 ق. م، واتصلت المدينة عندها اتصالاً وثيقاً بالثقافة اليونانية، لكنها اعتبرت في مدن الدرجة الثانية، وتخلت عن دورها لصالح مدينة أنطاكية التي أخذت المكانة الأولى طوال العهد اليوناني – الروماني. وبعد وفاة الاسكندر أفضى أمر دمشق إلى السلوقيين وظلت في حوزتهم حتى الاحتلال الروماني، عندما ضمها القائد "بومبي" إلى الإمبراطورية الرومانية عام 64 ق.م فالتحقت بالغرب سياسياً وثقافياً طوال سبعة قرون، وخلال هذه المدة أصبحت دمشق أقرب إلى المدن الرومانية شكلاً ومضموناً بسبب سيادة العناصر الرومانية، وقد أعطى الرومان بعض عناصر الاستقلال لدمشق، وأعطوها مميزات دستورية حيث نالت في عهد هدريانوس لقب "متروبول" ثم لقب "مستعمرة رومانية". وشهد العصر الروماني بناء سور يحيط بالمدينة وعمل قناة جديدة لمياه الشرب النقية من نبع الفيجة قرب دمشق والذي ما زالت المدينة تشرب منه حتى اليوم. وعندما انقسمت الإمبراطورية الرومانية إلى شطرين كانت دمشق من نصيب الإمبراطورية البيزنطية التي ظلت تحكمها حتى الفتح الإسلامي.


حرم الجامع الأموي في دمشق
ضريح النبي يحيى



دخل العرب المسلمون دمشق صلحاً عام 14 هـ/ 635م، تحت قيادة أبي عبيدة بن الجراح، ولكن دمشق لم تتبوأ مكانتها في العهد الإسلامي حتى عهد معاوية، الذي اختار دمشق عاصمة له عام 36 هـ / 656م، بعد أن كان والياً عليها طوال العهد الراشدي. وقد عادت دمشق في العهد الأموي مركزاً سياسياً واقتصادياً مرموقاً، وأدى ذلك إلى نمو المدينة واتساعها، فبدأت منذ ذلك العهد تنشأ أحياء جديدة في أطراف المدينة، كما كثرت قصور الأمراء والوجهاء الذين اتخذوا من بساتينها إقطاعات تدر عليهم دخلاً وفيراً.



بظهور الدولة العباسية، انتهى عصر دمشق الذهبي، بعد أن نقل العباسيون عاصمتهم إلى بغداد، وغدت دمشق مجرد ولاية، شأنها شأن بقية المدن. وقد تأثرت دمشق كغيرها بالأحداث التي أعقبت انحطاط الدولة العباسية، فقد بسط أحمد بن طولون سيطرته عليها بعد أن حكم مصر عام 265 هـ/ 878م ودام حكمه 25 عاماً، وجاء بعدهم الإخشيديون في مصر والشام، ثم ظهرت الخلافة الفاطمية في مصر واستولى الفاطميون على دمشق عام 358 هـ/ 999م، ثم هاجمها القرامطة وحدثت فيها فتن كبيرة، حتى أن الجامع الأموي نفسه احترق حريقاً كبيراً عام 458 هـ / 1068م.


تيمورلنك


في عام 468 هـ / 1076م، احتل القائد التركي أتسز المدينة، بعد هزيمته للفاطميين ووطد فيها حكم السلاجقة مع الاعتراف اسمياً بالخليفة العباسي، وقد حكم السلاجقة المدينة مباشرة أو بواسطة أتابكهم. وكان أشهر هؤلاء محمود بن زنكي الشهير بنور الدين الشهيد الذي استولى على المدينة، عام 549هـ /1154م، وأسس الدولة الزنكية، وجاء بعده صلاح الدين الأيوبي من مصر فأسس الدولة الأيوبية التي دامت حتى الغزو المغولي عام 658هـ / 1260م. وفي عهد هاتين الدولتين شهدت دمشق عودة لأيام العز والمجد القديمة، فانتعشت فيها الحياة العمرانية، وازداد تحصين أسوارها وأبوابها وأبراجها، وبنيت فيها المساجد والمدارس الدينية وأضاف نور الدين زنكي إليها باب الفرج، وغدت دمشق بعد ذلك عاصمة للحكم الأيوبي.


قلعة دمشق
أمامها نصب تذكاري لـصلاح الدين الأيوبي




وفي ربيع الأول عام 658 هـ/ آذار 1260م، قضى المغول بقيادة هولاكو على الدولة الأيوبية في دمشق، فنهبوها وأحرقوها وقتلوا الكثير من سكانها، غير أن انتصار مماليك مصر الكبير على المغول في معركة عين جالوت 659 هـ/1260م جعل منهم سادة الشام وأصبحت سورية بكاملها مقاطعة ملحقة بدولة مصر التي كان يحكمها المماليك الترك. وقد ظهرت هذه الدولة المملوكية المصرية السورية في أول عهدها وعلى يد سلاطين مثل بيبرس وقلاوون بارزة القوة وعدت مركزاً للسياسة والثقافة في العالم الإسلامي آنذاك. على أن المماليك الأتراك أخذوا يجمعون في مرحلة لاحقة مماليك جدد حولهم، وما لبث هؤلاء أن ثاروا على سادتهم، وسادت البلاد فترة من الفتن والحروب الداخلية وفلتان الأمور وزاد الأمر سوءاً مهاجمة تيمورلنك للشام ودخوله دمشق عام 803هـ/ 1400م، حيث أباح المدينة لجنده الذين عاثوا فيها خراباً وفساداً، واستمرت هذه الأوضاع إلى مجيء العثمانيين.


دخل العثمانيون دمشق بعد بضعة أسابيع من هزيمة المماليك في معركة مرج دابق قرب حلب عام 1516م، ولم يغيروا شيئاً في نواحي الحياة العامة إلا فيما يتعلق بنظام الحكم، وقد استمر حكم العثمانيين الظالم المليء بالنهب وسلب الخيرات وفرض الأتاوات طوال خمسة قرون، حتى قيام الثورة العربية الكبرى عام 1916م، وتحرير دمشق من سيطرة الأتراك، وقيام الحكومة الفيصلية التي لم تعمر طويلاً، إذ سرعان ما داهمها الفرنسيون واحتلوها بعد معركة ميسلون غير المتكافئة في 24 تموز 1920م، وخضعت دمشق بعدها للانتداب الفرنسي، وكان لها دور أساسي في أعمال الثورة السورية الكبرى التي انطلقت عام 1925. وبعد نهاية الحرب العالمية الثانية وجلاء الفرنسيين عن سورية، شهدت دمشق نهضة واسعة، واستعادت أهميتها كعاصمة لسورية، ثم عادت إلى دورها الريادي العربي والدولي في سبعينيات القرن العشرين.


كانت دمشق في أول نشأتها قرية تعتمد على الزراعة، ثم أخذت تتحول إلى مدينة ذات شكل مستطيل مدور الزوايا يمتد من الشرق إلى الغرب، وفي مركزه تل بارتفاع ستة أمتار، من المرجح أنه كان يضم تحته موقع قلعة دمشق الأولية وقصور الملوك الآراميين، غير بعيد عن معبد حدد، الذي أخذ مكانه الجامع الأموي اليوم.


أزدهرت المدينة عمرانياً في العهد الهلنستي حيث شيد فيها حيان جديدان عن الأحياء الآرامية، وفي العهد الروماني أحيطت بسور دفاعي ذي سبعة أبواب، لازالت قائمة حتى اليوم مع قسم من السور. واعتمد في العهد اليوناني-الروماني المخطط الشطرنجي في عمران المدينة والذي لايزال ماثلاً في الشارع المستقيم الذي يخترق المدينة من باب الجابية في الغرب إلى الباب الشرقي في الشرق بطول 1500 متر، ويسميه أهالي دمشق "السوق الطويل"، أما الشارع المتقاطع معه فلم يبقَ له أثر. أما أبواب دمشق السبعة فهي باب الجابية، الباب الصغير، باب كيسان، باب شرقي، باب توما، باب السلام، وباب الفرج الذي بناه نور الدين زنكي.

سور دمشق في بدايات القرن العشرين


ابتدأت الدراسات الشاملة عن بناء المدينة ونقوشها وآثارها بدءاً من العام 1908م على يد علماء غربيين، إضافة إلى أعمال ترميم ودراسات عمرانية، واستمرت على مدى السنين باكتشاف معالم هذه المدينة التاريخية المذهلة، وكان آخرها ما قام به علماء آثار سوريون في المديرية العامة للآثار والمتاحف من مسح شامل يغطي كل مساحات ومواقع الأبنية التاريخية والتقليدية القديمة، وذلك في إطار عمل لجنة دولية لصيانة المدينة القديمة في دمشق. وفي عام 1979 تم تسجيل قلب العاصمة القديم على لائحة اليونيسكو في عداد الممتلكات الثقافية العالمية. ويوجد اليوم في دمشق القديمة حوالي مائتي بناء أثري يعود معظمها إلى القرون الوسطى، ولا يزال حتى الآن عدد من المساكن التقليدية قائماً فيها، كما أن السوق الكبير لم يفقد شيئاً من نشاطه الذي استمر عبر العصور، مما يجعل المدينة القديمة واحدة من المراكز الحضارية القديمة القائمة في العالم الإسلامي والتي تعطي مثالاً رائعاً عن النشاط الاقتصادي والتجاري والاجتماعي والثقافي في هذا العالم.


ويعد الجامع الأموي المعلم الحضاري الأبرز الذي تمحورت حوله تاريخياً النشاطات الدينية والثقافية والاقتصادية والسياسية لسكان المدينة. وتاريخ هذا المكان موغل في القدم إذ تعود أهمية الموقع إلى عهد الآراميين حيث جعلوا منه معبداً للإله حدد ثم أصبح معبداً لجوبيتيرر في عهد الرومان وكنيسة في عهد البيزنطيين. وفي العهد الإسلامي تقاسم المسلمون والمسيحيون العبادة في هذا المكان، حتى اشترى الوليد بن عبد الملك الكنيسة من أصحابها وضمت أرضها إلى أرض المسجد الكبير الذي بناه، وكان على غير مثال سابق، ولكنه أصبح نموذجاً أساسياً للمساجد التي أقيمت معه أو بعده مباشرة، كالمسجد الأقصى وجامع حلب وجامع القيروان وجامع قرطبة وغيرهم. كما أصبحت مئذنته قدوة في بناء المآذن في المغرب العربي والحجاز والأندلس. وقد بني قصر الحكم الأموي في عهد معاوية بقرب هذا الموقع، وبناء على ذلك اتخذت المدينة اتجاهاً عمرانياً جديداً، فالمتاجر التي كانت في السابق قائمة في ساحتها العامة في النصف الشرقي من المدينة، تحولت أكثر فأكثر نحو الغرب على مقربة من محور الشوارع التي يشتد التردد عليها بين المسجد وقلعتها القديمة، التي توسعت وصارت قلعة كبيرة. وحتى الآن يمتد في هذا المكان الجزء التجاري من المدينة، الشديد التفرع، والذي يعرض سلعاً متنوعة في طرقات تجارية تغلي بالحياة والناس، وتوجد فيه خانات كبيرة ترتفع فوقها القباب.



إن المعنى الديني للمسجد الأموي دفع الحكام اللاحقين إلى تشييد مقامات دينية بالقرب منه، وبهذا نشأ خلال القرون مركز للمدينة مؤلف من أبنية ذات طابع ديني مقدس ومهام مختلفة (مساجد، مدارس، معاهد دينية وزوايا)، وأخرى مكرسة للخدمات الاجتماعية العامة (مستشفيات وحمامات وسبل مياه). كما أصبح المسجد الأموي بفضل مكانته الدينية هدفاً للحكام الذين أرادوا تشييد أضرحتهم بجانبه، ومن هذه الأبنية المدرسة التي تضم ضريح نور الدين بن زنكي، وبناء الضريح ذو القبة المحززة، الذي يضم رفات مؤسس دولة الأيوبيين الناصر صلاح الدين، والمدرسة التي تحولت اليوم إلى المجمع العلمي والتي تضم ضريح خلفه العادل سيف الدين، ثم المدرسة التي تحولت اليوم إلى المكتبة وهي تحتوي على قبة الضريح الضخمة للحاكم المملوكي الأول الظاهر بيبرس. كما أن قلب المدينة الشريف الذي يحيط بالمسجد الكبير قد غدا أيضاً الحي السكني المفضل للمسلمين. وهكذا شيد أهم حاكم مملوكي في دمشق تنكز الناصري قصره المنيف بجانب المسجد. والجدير بالذكر أن الحاكم العثماني أسعد باشا العظم قد بنى في المكان نفسه قصراً عظيماً شهيراً، كان في أواسط القرن التاسع عشر مقراً للقنصل الألماني (وهو الآن متحف التقاليد الشعبية).



بانتقال مركز الخلافة إلى بغداد في زمن العباسيين، بدأت تغييرات جديدة تطرأ على المدينة بدءاً من القرن العاشر الميلادي، إذ تخلت عن الطرقات المستقيمة والمتقاطعة عمودياً التي حافظ عليها الأمويون كما وجدوها قبلهم، وحل محلها أحياء سكنية تصل بينها الممرات والأزقة الضيقة وتغلق ببوابات بين الشوارع الرئيسية، وبذلك بدأت المدينة تتخذ طابع المدينة الإسلامية، وطبعت هذه البنية ملامح الأحياء الجديدة التي نشأت خارج أسوار المدينة القديمة. وفي منتصف القرن الثاني عشر بنى مهاجرون هاربون من الهجمات الصليبية مايسمى بالصالحية في شمالي المدينة على سفح جبل قاسيون، وقد تطورت هذه المنطقة خلال القرون إلى مجتمع مدني ذي أسواق خاصة ومساجد كبيرة وأبنية ذات مسحة دينية مكرمة وأضرحة وأحياء سكنية. وشهدت دمشق امتداداً هاماً آخر في الاتجاه الجنوبي حيث نشأت وتطورت في ظل حكم المماليك والعثمانيين، وحتى أواخر القرن السادس عشر ضاحية حي الميدان، وذلك على طريق الحج إلى شبه الجزيرة العربية، إذ شهد الحي أبنية عديدة ذات طابع ديني وأبنية رائعة فخمة. وهذا التوسع المستمر في المدينة يدل بوضوح على الازدهار الجديد المتواصل لدمشق في العصر الحديث.



ونجد في المدينة أيضاً عدداً كبيراً من المعالم المميزة الأخرى، فعلى صعيد المساجد نجد جامع المدرسة النورية من الفترة الزنكية، وجامع التوبة وجامع الحنابلة من العصر الأيوبي، ومازالت قائمة معالم جامع تنكز المملوكي إلى جانب عدد من المساجد المملوكية، مثل جامع التيروزي، ومن المساجد العثمانية التكية السليمانية وجامع محي الدين بن عربي وجامع درويش باشا وجامع سنان باشا.


ما على صعيد المدارس فنجد المدرسة النورية والمدرسة الركنية والمدرسة العادلية والمدرسة الظاهرية والمدرسة الجقمقية والمدرسة السيبائية ثم المدرسة السليمانية. وفي المدينة الحديثة نجد المدارس التاريخية مثل المدارس الأجنبية كالمدرسة العازارية واللاييك (العلمانية) والفرنسيسكان، ومدرسة الطب ومدرسة دار المعلمين (وزارة السياحة اليوم) والمدرسة التجهيزية (ثانوية جودت الهاشمي) ومبنى دار المعلمين الابتدائية (مقر القيادة القطرية اليوم).

بوابة المدرسة العادلية في دمشق


أما المشافي فنجد بيمارستان نور الدين والبيمارستان القيمري. وعلى صعيد الخانات التي كانت وظيفتها في العصر العثماني إيواء المسافرين والقوافل واحتواء بضائع التجار، ومن أهمها خان أسعد باشا العظم والذي رمم وأصبح سوقاً سياحياً. وتشتهر دمشق بحماماتها العامة ومن أشهرها حمام التيروزي وحمام الجوزي والسروجي والورد.



تتمتع دمشق أيضاً بتاريخ في عمارة المباني الرسمية، ويعد مقر الحكم الأموي الذي أنشئ غربي الجامع الأموي ومتداخلاً معه في الصالات التي تسمى اليوم "مشهد" وضم قديماً دواوين الدولة التي تنامت في عهد عبد الملك بن مروان وابنه الوليد، ومازالت آثارها واضحة إلى الآن في منطقة المسكية. كما أن سلطة الدولة كانت محصنة منذ القرن الثاني عشر في بناء ضخم مازال ماثلاً وهو قلعة دمشق، أهم معالم دمشق المعمارية، وتقع في الزاوية الشمالية من دمشق القديمة، وكان الملك العادل الأيوبي قد أنشأها عام 615هـ /1218م على أنقاض قلعة سلجوقية أنشئت عام 469هـ/ 1076م، ولها أربعة أبواب واثنا عشر برجاً، ويحيطها خندق مائي، وفيها مسجد وقصر ودور.


يعد البيت الدمشقي القديم من أنجح ما توصل إليه المعمار لخدمة الوظيفة السكنية وشروطها الاجتماعية، ويتألف البيت الدمشقي القديم من قسمين واحد للاستقبال وآخر للمبيت، وقد يضم قسماً للخدم واصطبلاً، وتتألف هذه البيوت من طابقين، في كل منها عدد من الغرف وتنفتح كلها على فناء الدار "أرض الديار" الذي يلعب دوراً مهماً في حماية المسكن من المؤثرات الخارجية، وفي الطابق السفلي ينهض إيوان ضخم ينفتح على مشهد الفناء المزين، والمعطر بأنواع النباتات العطرية والفل والياسمين وأشجار النارنج والليمون، وفي قلب هذا كله بحرات تسقي هذه الحديقة الغناء، وإلى جانبي الإيوان قاعة أو قاعتان تزين جدرانها كتبيات خشبية تتصل بزخارف السقف، وتحيط الأثاث الدمشقي المؤلف من آرائك وسجاجيد وقطع نفيسة. ومن أهم نماذج البيوت الدمشقية، قصر العظم في سوق البزورية، وبيت نظام وبيت السباعي وبيت خالد العظم وبيت السقا أميني وبيوت الدحداح، والمجلد وجبري والصفدي وبيت عنبر، وكلها بيوت لعائلات دمشقية معروفة.

المنزل الدمشقي



إن التراث المعماري الضخم كان لا بد وأن يترافق مع إرث فني وحرفي هائل امتلكته هذه المدينة العريقة بفسيفسائها وصناعة الخزف وخصوصاً الألواح الخزفية الملونة التي تسمى "القيشاني"، أو الزخارف الخشبية التي تسمى "العجمي" أو الزخرفة بتنزيل الملاط على الحجر والتي تسمى "الأبلق" أو الفسيفساء الحجري المسمى "المشقّف". أضف إلى ذلك ترصيع الأواني النحاسية أو زخرفتها بزخارف بارزة أو غائرة أو مرصعة بقضبان من الذهب والفضة بأشكال هندسية ونباتية أو زخرفة الأثاث الخشبي بالذهب والفضة والمسمى "موزاييك". أما في مجال النسيج فقد برع الدمشقيون قديماً بصناعة السجاد الدمشقي وإنتاج نسيج "الدامسكو" والأقمشة الحريرية. ومن الصناعات الفنية نفخ الزجاج الذي تجمع في منطقة الشاغور بالإضافة إلى الإبداع في الصناعات الزجاجية وتزيينها. ولا ننسى الفن التشكيلي الذي انتشر على شكل الرقش "أرابيسك". إلا أن أكثر الصناعات الفنية الدمشقية شهرة هي صناعة السيف الدمشقي المؤلف من قبضته المزخرفة والمرصعة، ومن شفرته المصنوعة من الفولاذ الدمشقي المرن ذي التمشيح الطيفي اللون والذي يطلق عليه اسم "الجوهر". وما زالت صناعة الفولاذ الدمشقي وتمشيح الجوهر من خصائص الصناعة الدمشقية الأصيلة.



يدلنا كل ما ذكرناه على الدور العريق الذي لعبته دمشق كقلب للنشاط السياسي والاقتصادي والفكري والثقافي والفني والحرفي الذي استمر منذ أكثر من أربعة آلاف سنة، مرت فيها على المدينة العديد من الأحداث الساخنة وفترات ازدهار أو مراحل صعبة إلا أنها حافظت على سماتها الحضارية الأساسية كمركز للإبداع الإنساني الرحب الأصيل.