الثورة السوريّة ..و النفخ في الرماد ..
بتاريخ 7:21 م بواسطة ADMIN
في سوريّا ما زالوا ينفخون في رماد الثورة ، و ينفخون ، و ينفخون
..و في سوريّا هم لم يستطيعوا أن يصنعوا تجمّعات ثوريّة للسوريين إلاّ في
الإعلام المفبرك ( تحوّل الفيلم عن قرية البيضا السوريّة على مدار يوم
الجمعة الى تراجيديا أسالت دموع المعارضين على شاشات الفضائيات ، و استجلبت
كلّ الآيات ، و الأحاديث الدينيّة ، و انقلب السوريون على قفاهم من نوبات
الضحك التي فاجأتهم ، و هم يرون الجنود بالخوذات الأمريكيّة على زاوية
الشاشة ) .. و في سوريّة كلّما اكتشف السوريّون كذبة.. مات صنّاع الثورة
من غيظهم ، و استمرت عملية النفخ ، و في سوريا كلّما تمّ قطع خطّ من خطوط
إمدادات العصابات المسلحة ، زاد في مقابله نفس من أنفاس النافخين .. و في
سوريّة فإنّ الشعب هو من يزيد من حجم هذا الرماد الذي لا جمر من تحته ، و
لا بصيص نار ، و النافخون المساكين ينفخون بالعدم .. و ينفخون ..و ينفخون
..لتثبت لهم التجربة في كلّ مرّة أنّها ضربة للنظام السوري لم تقصم الظهر
..
مشهد النفخ في الرماد هذا .. يلخّص جدواه الثوريّة حذاء طالبة في
كليّة آداب حلب ( لا تستغرب عزيزي القارئ ) فحين تصبح الثورات على هذه
الشاكلة يصبح للحذاء دورا في النقاش الثوري .. حيث لم يعرف ( الثورجي )
الذي هبط فجاة على هذه الكليّة مع عصابته ليهتفوا هناك ( للحريّة
المسلوبة ؟؟ ) كيف يحمي وجهه عندما قذفته به هذه الطالبة ، و بالضرب
المُبرح أخرج طلاب الكليّة طغمة الهتّافين هذه ( كان احدهم يحمل سكّينا
استخدمه بطريقة سلميّة تماما ..للدفاع عن نفسه ).. ذات الطلاب قبضوا على
سيّارة ثوريّة ( بلون أبيض ) كان مساعدو هذه الطغمة يحمّلونها ( باقات
سلميّة تماما من الأسلحة الحربيّة، و الذخائر لزوم دعم الثورة ) ..
يستدعي هذا مشهد ساحة التحرير في مصر ( و لكن بشكل مقلوب ) حين رفض الشباب
هناك إدخال من يريد أن يركب على ظهر الثورة .. و في سوريّة أيضا و على قصّة
الحذاء ..صار بإمكانك أن ترى صورة بندر بن سلطان على حذاء طالبة جامعيّة
في كليّة الآداب، أو صورة سعد الحريري ، أو صورة هيثم المنّاع.. أو حتّى
صورة القرضاوي ( لدى المتعصبات لسوريا اللاطائفيّة ) هنا شعب يبتكر طريقة
رفضه للفتنة ، و يصنع موضة لربيع الثورة السوريّة من أحذيته ، كما يصنع
صورة إعلاميّة مدهشة لإعلان دمشق ( ربما لم يستطعن الحصول على صور كامل طقم
المعارضة الخارجيّة .. حيث غابت صورة مرشد الأخوان ) ..و على ذكر حلب ..
فهذه ثاني اكبر المحافظات السوريّة .. و نموذج ما حصل في كليّة الآداب كان
قد تمّ تعميمه من قبل على مستوى طبقات الشعب بفعل المناعة الذاتيّة ..
فكلما خرج بضعة هتافين في مكان ما .. كان الضرب المبرح نصيبهم ( معظمه كان
بالأحذية ) ، و في كل مرّة كان الحلبيون هم من يردّون على هؤلاء الثورجيّة
دون تدخّل من رجال الأمن ...و في كلّ يوم جمعة كانت حلب تصرّ على انّه يوم
الجمعة ، و يوم الجمعة فقط ..و في كل يوم جمعة كانت حلب تميتهم بغيظهم
..فقد جرّبت فضائل عصابات الأخوان المسلمين المسلّحة في ثمانينات القرن
الماضي ..
الناشطون السوريّون المساكين ( من كلّ النكهات التي تتعلّق بالإنسان )
ينفخون على الشاشات ، و شدّة الرياح التي يخرجونها ، و هم يتحدثون عن
مظاهرات (صنعتها مخيلتهم الثورجيّة ) تدلّ على شدّة غيظهم .. غيظ الجزيرة
لا يقلّ حدّة ( كان يكفي الحلبيين تسريب فيلم قصير من قبل الإعلام السوري
يكشف فيه كيف يقوم الباحث الصهيوني عزمي بشارة على تبييض صفحة الجزيرة
لتقصيرها في تغطية أحداث البحرين من خلال الهجوم على سوريّة ) .. تحالف
الكذب الإعلامي هذا لا يعطي مفعوله مع الحلبيين غير الثوريين .. الذين
أصبحوا ذوي خبرة في مونتاج الأفلام .. و من قبل قلت : إنّ الإعلام لا ، و
لم ، و لن يصنع ثورة .. و هو في الحالة الثوريّة السوريّة يصنع رأي عام
خارجي ضد النظام السوري ، و الخارج يبحث عن صفقات مع النظام .. و كلّما زاد
حجم جبل الرماد الذي يصنعه السوريّون.. زادت فرصة النظام في فرض شروطه مع
الخارج ، و خفّف من عوامل الابتزاز .. و الإعلام الناطق بالعربيّة ما زال
يعطي جرعات مركّزة من الأكاذيب ، تساعد في كلّ مرّة على ارتفاع جبل الرماد
.. لتتمكن المعارضة في الخارج من زرع راية نفخها على قمة جبل رماد يتجاوز
ارتفاع قمّته ..قمّة ايفرست .. و بذلك تدخل هذه المعارضة موسوعة غينيس
للنفخ في الرماد..
مشكلة المعارضة الخارجيّة ( أيّ مصنّعو الفتنة ) أنّ ثورة الفيسبوك
كانت لفترة قريبة قد تمّ تبنّيها في سوريّة بالتحايل عليها بواسطة البروكسي
.. و عندما حرّر النظام مواقع التواصل .. تبيّن أن النسبة المرعبة من
الشعب السوري لا تملك أجهزة كمبيوتر موصولة على الانترنيت ( الكتلة
البشريّة التي تستخدم مواقع الفيسبوك تبين أنّها مع سوريّة ، و ليست مع
مجموعات الفتنة ) ، و في سوريّة تحوّل اقتناء جهاز الكمبيوتر إلى موضة في
المنازل ، أو بريستيج يكمل ديكور المكاتب ، ( بعض أهالي المغتربين اشترى
الجهاز لتوفير كلفة الاتصالات ) ..كما أنّ معظم ( مقاهي النت ) التي تمّ
ترخيصها تحوّلت بفعل تحايل بعض أصحابها إلى مقاهي ألعاب كمبيوتر .. ينفّس
فيها الأطفال السوريّون عن مشاعرهم بالألعاب الأمريكية الإنتاج ، و هذا
واقع فعلي يتعامى عنه من يحاول أن يستخدم مواقع التواصل الاجتماعي لتصنيع
تجمّعات ، و هو على العكس تماما من دوره في تونس ، و من بعدها مصر.. حيث
تكوّن هناك جيل يمثّل نسبة كبيرة من السكّان يتعامل مع هذه المواقع لتوسيع
القاعدة المعرفيّة ( 25% من شباب تونس ) ..و عشرات الآلاف من السوريين
الذين يستخدمون الانترنيت لا يشكلون نسبة ذات قيمة من عدد شباب سوريّة (
النسبة الأكبر في حلب ، و دمشق ) ..و معظم الذين يستخدمون هذه التقنيّة
يستخدمونها من اجل أعمالهم الخاصّة جدّا ( المنفعة المعرفيّة هنا ترتبط بما
توفّره من دخل ، فثمن الجهاز مازال مرتفعا ، و كلفة استخدام الانترنيت ما
زالت مرتفعة ) .. و الباقي القليل من المستخدمين هم الذين يوسّعون قاعدتهم
المعرفيّة ، و القليل جدّا منهم هو من يجلس لساعات طويلة أمام الكمبيوتر
لتصفّح المواقع الإلكترونية ، و لذلك فإنّك لن تستطيع أن تحصل في أيّ مكان
( حتّى على مستوى العاصمة ) على تجمّع مستخدمين يمكن أن يشكل نواة
جماهيريّة كالذي حدث في تونس ( يكاد أن ينعدم الأمر في معظم محافظات سوريّة
) ..و الفائدة الثوريّة الوحيدة لصفحات التواصل كشف الإعلام السوري أيضا
أنّها كانت من اجل تواصل أفراد العصابات المسلّحة فيما بينها ( ما زلت أصرّ
على أنّ هناك جهات غير سوريّة ذات خبرة يتكامل عملها مع عمل النخبة من
الشباب السوريين لدعم أداء دور هذا الإعلام ) .. من هنا تستطيع أن تتلمس
أسباب هذا الهجوم الإعلامي المترابط ، و غير المتناسق ( صورة مظاهرة واحدة
مجهولة المكان ، أظهرت كل وسيلة إعلام أنّها تعود لمحافظة ما في سوريّا )
إنّ غالبية المواطنين السوريين يوسّعون قاعدتهم المعرفيّة بتجاربهم
الحياتيّة ، و قراءاتهم الخاصّة ، و احتكاكهم مع الآخر بالتماس المباشر ، و
ليس عبر الواقع الافتراضي ( و هذا شكّل ضربة لاستخدام الانترنيت في
التثوير ) .. و طريقة استجلاب هذه المعرفة تعبّر عن حيويّة هذا الشعب في
ابتكار الوسائل المعرفيّة..أضف إلى ذلك الحدس السياسي الذي كوّنه الارتباط
المباشر لهذا الشعب بقضايا أمّته عبر مصادر الإعلام المتنوعة التي تتحدث عن
هذه القضايا .. و في سوريّة ، و سوريّة فقط يمكن أن تصدم مراسلا إعلاميّا (
محايدا بالطبع ) بارتفاع نسبة الوعي ، و هذا ما حصل مع مراسل قناة ( NBN )
اللبنانيّة ، و هو يقوم باستطلاع رأي في دمشق .. حيث تكلّمت معظم شرائح
الاستطلاع بذات المفاهيم ، و إن اختلف الأسلوب .. و في الأزمة السوريّة
بدأ ينعدم مستوى الدماء التي يمكن أن تستثير الجموع ، و الدماء التي سفكت
يتم معالجة تداعياتها .. و فيلم قرية البيضا تحوّل إلى كوميديا تافهة ، لم
تشعل الثورة في حلب ، أو في دمشق ( 13 مليون سوري ) ...و هذا يعني أنّ
التجييش الإعلامي يفقد مفاعيله .. يقول أحد السوريين الأميين : إنّ كثرة
الأدلّة التي تدين أحدا ما بالقتل ، قد تكون هي السبب في براءته ؟!
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ردود على "الثورة السوريّة ..و النفخ في الرماد .."
أترك تعليقا