ننفرد بالنشر .. الياسمينة الزرقاء. عملية عسكرية سورية. الأسرار الكاملة
الياسمينة الزرقاء.. الأسرار الكاملة
خطوات زرع الفتنة
ربما كان انتخاب الأماكن ذكياً جداً للناحية الجغرافية، ولكن من وضع خطط زرع الفتنة أكثر من عبقري، ويجب أن نعترف لأعدائنا بأنهم في غاية الذكاء، وكون المطلوب في الجنوب هو فتنة تؤدي إلى خلق دويلة طائفية كان لابد من ترحيل أهالي محافظة درعا وإشعال فتنة مذهبية في عدة محاور، ولهذا بدأ فريد الغادري من واشنطن وعلى قناة العر...بية بذلك التحضير والتحريض، وكان أول من أساء لقائد الثورة السورية الكبرى بشكل غير مباشر، ربما ليعلن انطلاق المهمة، وهي تسجيل إهانة لسلطان الأطرش في إحدى أماكن درعا عبر شخص غير معروف وإيصالها للسويداء ويتلوها اغتصاب عدد من المدرّسات يعملن في درعا، ونفس الجريمة على طريق جرمانا وفي عرطوز على طريق جبل الشيخ هي الحدود التي كانت ستعلن تبدأ من السويداء وصولاً إلى جرمانا والكسوة، صعوداً باتجاه جبل الشيخ للبقاع الغربي في لبنان، وفي الأردن باتجاه الزرقاء لتصل إلى قرى المثلث، فكان يجب إخلاء السنة من هذه الأماكن.
في جرمانا أغلقت السلطات السورية الطريق وقطعت الطريق أمام الفتنة نهائياً عبر تحويل المرور، فلم تترك لعملاء الناتو مجالاً لإشعال الفتنة، وفي عرطوز ربما مهاجمة باص سرّعت باتخاذ تدابير أمنية فقطعت الطريق أمام الفتنة، وفي الحجر الأسود والقدم كان يجب إشعال هذه المنطقة بعد اشتعال الجنوب، لكن الفشل في درعا أوقف التطورات في الحجر الأسود حيث كان يجب أن يُنقل الصراع الطائفي إلى مداخل دمشق، وفي درعا نجحت العصابات المسلحة بقطع طريق باص ينقل مدرّسات، ولكن السائق استطاع الهروب رغم تحطّم الزجاج ورغم ملاحقة الباص بالدراجات النارية، ونجت الفتيات من حادثة الخطف والاغتصاب.
فإذا كانت الإساءة من قبل شخص مجهول لسلطان الأطرش سبباً للاتصالات بين وجهاء درعا والسويداء وتحوّلت إلى وحدة وطنية بين الأهالي، فإن فشل اغتصاب المدرّسات قطع دابر الفتنة نهائياً في الجنوب، وعوضاً عن قيام حرب دموية بين الأهالي قامت زيارات متّنت روابط المحبة والإخوة.
وهنا فشل تماماً المشروع وكان قد خطّط لارتكاب مجازر حقيقية يقتل فيها ما لا يقل عن عشرة آلاف مواطن، جُهّز لها عصابات مسلحة معظمها غير سوري، وفجأة أصبح ارتكاب المجزرة صعباً، ومع العفو الذي عزل العصابات المسلحة وسرّع عملية تطهير المنطقة سقط كامل المشروع، ولكنه لم ينته.
بعد ثلاثة أيام على دخول الجيش العربي السوري إلى درعا كتبت صحيفة هآرتس الصهيونية بأنه يجب على إسرائيل إعادة النظر في قدرات الجيش السوري، وقد ذهل الأعداء من قدرات الجيش ومن تماسك الشعب والوعي الشعبي وخصوصاً في الجنوب.
ملاحظة: من خلال ما حصلت عليه من معلومات تبيّن أن الأمريكي حاول إنعاش معارك من الذاكرة حدثت إبان الاحتلال العثماني، فلولا صدور العفو وسرعة الحسم في درعا، وتعاون الأهالي مع الجيش، كان هناك مجموعة مسلحة من جنسيات عربية ستقوم بمجزرة حقيقية، وكان اسم العملية على اسم معركة قديمة حدثت إبان الحكم العثماني كان سببها امرأة، واستغلت تركيا الحدث وضخّمته بهدف العودة إلى الجبل وقامت حرب، وقد كنت أجهل هذه الأمور من تاريخ سورية، لأكتشف أن العدو قام ليس فقط بدراسة البعد الجغرافي والسكاني والعسكري، بل ونبش التاريخ بحثاً عن حوادث تساهم في زرع الفتنة، لا أملك كل المعلومات عن عرس فهيدة في التاريخ إبان الاحتلال العثماني، ولكن أعلم أن عرس فهيدة في تسميات الناتو كانت مجزرة ضمن مشروع الياسمينة الزرقاء، وتعني ارتكاب مجزرة بحق قرية نائية ثم تتلوها مجزرة مقابل تلك القرية في قرية أخرى، ويقول المصدر: سبب الفشل تمركز دورية أمنية أمام مستودع الأسلحة التي كانت ستُستعمل في المجزرة، ولم يمضِ على العفو عدة أيام حتى أقرّ أحد الموقوفين بمكان السلاح وتمّت مصادرته، وهنا يقول المصدر: العفو الذي أصدره الأسد كان بمثابة كارثة على العملية، مع سرعه حسم الجيش في المدينة، وما كان استذكار التاريخ كذلك إلا لكي يستغله الإعلام ليسوق للعثمانية، بحيث كان يراد أن يظهر أردوغان على أنه سيطرد الغرب كما طرده من الشام ويعيد بناء الدولة الإسلامية، التي صنعت لها واشنطن الكثير من المتطرفين الذين لا يعلمون أن أردوغان سيصبح تاجر دمهم، وقد جهزت لقناة الجزيرة تقارير سلفاً عن عرس فهيدة.
في الساحل لم تكن الجبهة أشد خطراً، مع استقدام مجموعات مسلحة من لبنان، ورفع شعارات طائفية، كان يتمّ تحريك الشارع على أمل استفزاز الأكثرية العلوية، ليترك السنة تحت رحمتهم بعد إشعال المنطقة وتفجير مصفاة النفط وخطوط النفط والنقاط الإستراتيجية الأخرى التي ستتسبّب بكارثة أصلاً، وبحسب ما سرّبت مواقع إستخباراتية صهيونية فإن قوات سورية أبعدت سفينة للناتو في البحر، وخرقت الاتصالات ما بين الناتو ومقر العمليات العسكرية في بانياس، وأعطت للعصابات تعليمات بموجبها أرسلتهم إلى كمائن وقُبض عليهم جميعاً بعملية بيضاء، وحسب الموقع الصهيوني من بين الأسرى، فضلاً عن عدة قيادات للناتو والموساد، كان هناك ضابط أردني كبير وضابط إماراتي كبير لم يصرّح السوري عن هذه المعلومات، ولكن زيارة وزير خارجية الإمارات مرتين إلى سورية، ولاحقاً زيارة المعلم إلى الإمارات وقيام الإمارات بطرد من فرّ من عملية الياسمينة الزرقاء حسب الموقع الصهيوني (أيمن عبد النور) وطرد معارض آخر، تؤكد الخبر الذي ورد في الموقع الصهيوني.
لم يمضِ وقت طويل حتى فكك جهاز الاستخبارات السورية الشبكات المسلحة وخصوصاً منها غير السوري وشبكات الاتصالات، حتى بدأت تظهر ملامح ترنح وسقوط الياسمينة الزرقاء.
سقوط عملية الياسمينة الزرقاء
ما إن نجحت دمشق بإفشال العملية حتى بدأت مظاهر الهزيمة الأمريكية وهزيمة الناتو بالظهور، وكانت ملامح الهزيمة تتمثل بالنقاط التالية:
1- كلينتون تقول إن الأسد قدّم ما لم يقدّمه شخص آخر، وطبعاً الهدف الرئيسي مخاطبة تركيا وإسرائيل وقطر بأن مشروع الناتو فشل وقد نفاوض دمشق إذا ترددتم بالهجوم.
2- أوباما يزيد الضغط على إسرائيل ويقول: على إسرائيل العودة إلى حدود العام 1967.
3- موقع استخباراتي إسرائيلي يسرّب معلومات عن الياسمينة الزرقاء معلناً موتها، وبالتالي يهدّد الأعراب بأنه الآن كُشف عن ضابط إماراتي وغداً قد يُكشف عن كل عربي تورّط بالاعتداء على سورية إذا لم يشارك في العدوان العلني القادم.
4- الأسد خرج بخطوطه الحمراء: اللاجئون الفلسطينيون تظاهروا على حدود الجولان المحتل برسالة لا تنازل عن حل قضية اللاجئين وسورية تعترف بحدود العام 1967 كحدّ أدنى للقبول بالسلام.
5- يتمّ تأجيل مشروع نابوكو إلى العام 2017 وكان قد تمّ تأجيله مسبقاً بعد فشل العدوان على لبنان وطبعاً خط نابوكو هو جوهر الصراع.
6- إيران وسورية والعراق يوقعون اتفاق أنبوب غاز جديد يحمل الغاز من تركمانستان مروراً بالغاز الإيراني فالعراقي، مروراً بسورية إلى الغاز اللبناني فالقبرصي وصولاً لليونان، ليكون هذا الخط بيضة القبان بعد فشل الاعتداء على سورية ثمنه هو بأقل تقدير حدود الرابع من حزيران العام 1967.
7- الأسد يصدر عفواً عن الإخوان المسلمين كرسالة لاستيعابهم بالحياة السياسية إذا لم يؤجروا أنفسهم للعدو، وهذا يؤشر إلى أن الأسد كان يدرك أن فشل العدوان على سورية يعني الانتقال لتنظيم الإخوان المسلمين، والانتقال من درعا والساحل إلى حماة وجسر الشغور.
8- عبد الحليم خدام يشعر بالإحباط ويذهب إلى التلفزيون الصهيوني ليطلب تدخلاً عسكرياً تركياً.
9- أردوغان يتوقف عن دور الناصح ويبدأ بالتصعيد ضد سورية، بل ولاحقاً يقول: إن كل الخيارات متاحة بما فيها العسكري.
10- جريدة الأخبار اللبنانية وتلفزيون الجديد يتوقفان عن المهاجمة المباشرة لسورية ويخفّفان اللهجة لدرجة شعر البعض أنها انقلبت.
11- القرضاوي شيخ الفتنة يغيب عن السمع والبصر.
12- الجزيرة تعرض فيلماً عن سلطان باشا الأطرش ويسمّون إحدى الجمع باسم صالح العلي ويظهر العلمانيون (مثقفو واشنطن) على الواجهة وتبدأ مرحلة تطمين الأقليات، تحضيراً لمرحلة ثانية من العدوان.
13- يتوقف تكفير كل من يؤيد سورية في قناة وصال وصفا، بعد أن كان كل يوم يشهد فتوى هدر دم صحفي أو مثقف أو رجل دين عربي يدعم سورية.
فشل الياسمينة الزرقاء في العام 2011
الأسباب البعيدة:.0
يمكن القول: إن فشل مشروع التفتيت في العام 2006 منح كلاً من سورية وإيران مزيداً من الوقت للتحصّن، وكشف المخطط الأمريكي بشكل عام، ولهذا نرى العديد من الأسباب البعيدة قد ساهمت في حرق المشروع وإسقاطه ومنها:
1- بعد حرب لبنان تلقّت واشنطن ضربات مؤلمة جداً في العراق بدعم سوري إيراني مما أدى إلى جدولة الانسحاب الأمريكي في العراق، وبالتالي وضعت واشنطن نفسها في أزمة عامل الوقت، وفي المقابل أصبحت سورية تدرك أن عام الانسحاب من العراق هو آخر مفاجآت واشنطن وبالتالي كانت مستعدة للمواجهة، ولا تخشى المفاجآت..0
2- تأثير عمليات المقاومة في لبنان والعراق وفلسطين منح الأسد بعداً قومياً وتعاطفاً شعبياً منقطع النظير لحاكم عربي، وبالتالي قوّى جبهته الداخلية وأصبح أكثر استعداداً للمواجهة..
3- فشل المشروع أرغم واشنطن على التهدئة في لبنان عبر اتفاق الدوحة، وبالتالي كانت الخاصرة السورية مرتاحة وجاهزة لأي طارئ لتستبق الأحداث بإقالة الحريري الابن، وأثناء الأحداث تشكل حكومة غير معادية لدمشق.
4- قام التركي والقطري بالانفتاح بشكل واسع على سورية، وذلك للتحضير للعملية المقبلة وهذا منع العقوبات الأمريكية الأوروبية التي فُرضت على سورية بعد مقتل الحريري من التأثير بالاقتصاد السوري، بل منح السوري مزيداً من الوقت لتأمين احتياطات مواجهة جعلت من موازنة عام المواجهة من أضخم الموازنات في سورية.
5- بدأت سورية بالتوجّه شرقاً بنسبة عالية مما جعل أي عقوبات مستقبلية تأثيرها محدود على الاقتصاد السوري ومنح سورية المزيد من الشركاء والحلفاء.
6- سقوط عدوان تموز وتغير الإستراتيجية جعل إسرائيل تقوم بخمس مناورات كبرى، فضلاً عن احتياطات لحماية مفاعل ديمونة نُشرتْ بحجة التصدي لصواريخ غزة، وبالتالي العدو كان مستنزفاً اقتصادياً، فضلاً عن كساد الأسلحة الإسرائيلية، مما أرغم واشنطن على رفع المساعدات لإسرائيل إلى رقم غير مسبوق.
7- أطاحت الأزمة المالية بالاقتصاد العالمي وأضعفت دور دول الخليج التي دفعت الفاتورة وأصبح خيار شن حرب من قبل واشنطن نوعاً من الانتحار.
8- انتقل الصراع في شمال إفريقيا من الجزائر ونيجيريا إلى ليبيا ومصر، وتوسّعت دائرة المواجهة أمام واشنطن
9- فشل إسقاط روسيا البيضاء وقطع الغاز عن ألمانيا وتوقيع اتفاقيات خط السيل الشمالي أضعف دور ألمانيا من متزعم في العام 2006 إلى غير مبالٍ في العام 2011، ومع أزمة اليونان أضعف الدور الألماني في الأزمة تماماً.
10- تفاقم أزمة منطقة اليورو وأصبح الأمريكي في مواجهة مع الزمن.
11- صعد الصيني اقتصادياً على إثر الأزمة وتحول من الصامت إلى المواجه والرافض للإملاءات الأمريكية رغم محاولات واشنطن نقل الصراع إلى الكوريتين وتايوان وغيرها من الجبهات، بل أصبحت واشنطن أمام مواجهة مع حلفائها، حيث استقال رئيس حكومة في اليابان وفي كوريا الجنوبية والسبب الوجود الأمريكي في المنطقة وبالتالي قلبت أوراق المواجهة في آسيا.
الأسباب المباشرة:
1- حكمة القيادة السورية التي فرضت هدوءً تاماً في التعامل مع الأحداث من خلال عدم الانجرار للفخ بل إيقاع العدو في الفخ، وبالتالي قامت بتصرفات غير متوقعة مثل إطلاق إصلاحات سياسية شاملة، وعدم التصرف بأي رد فعل، وإصدار عفو غير متوقع عمّن يسلم سلاحه، وبالتالي كل ما قامت به القيادة السورية كان أفعالاً غير متوقعة من قبل الإدارة الأمريكية.
2- قوة الجيش السوري الذي حسم معارك بأوقات قياسية ومن دون أي ضحايا تذكر، وهذا ما جعل الصحافة الصهيونية تقول يجب إعادة الحساب لمقدرات الجيش السوري، الذي استطاع الرصد والتخطيط والتنفيذ بدقة متناهية.
3- إجراءات أمنية منعت تفاقم أي توتر طائفي محتمل وقطعت الطريق تماماً في كثير من النقاط، وذكرنا مثالاً سابقاً إغلاق طريق جرمانا والكثير من الأمور التي حالت دون تدخل طرف ثالث لتفجير الوضع.
4- وعي شعبي منقطع النظير كان له دور في حسم الصراع ومساعدة الجيش والأمن.
5- تدارك رجال الدين للأخطار والقيام بدور وطني جامع ساهم بتمتين الوحدة الوطنية، وقطع الطريق أمام شيوخ الفتنة.
6- إبطال الحرب الإعلامية ومواجهتها من خلال تفكيك ودحض دعوات الكذب والتضليل.
7- دخول الشباب إلى المعركة وتأسيس ما سُمّي الجيش الإلكتروني، وبدأ نقل الصراع من الساحة السورية إلى الساحات الأخرى، وبالتالي قطع الطريق أمام الأمريكي لتشكيل رأي عام مضاد لسورية.
8- استثمار عامل الزمن في الصراع، حيث كان يدرك السوريون أن عامل الزمن هو نقطة ضعف الأمريكي.
9- دخلت سورية المواجهة وحيدة وخرجت وحيدة، وبالتالي حتى سقوط المشروع الأمريكي لم تحتاج سورية فيه حتى إلى أي موقف سياسي من حلفائها، وبالتالي لم تستثمر نفوذها وحتى بعد سقوط المشروع الأمريكي حافظت سورية على كل أوراق قوتها، وبالتالي فقد الأعداء القدرة على تحديد ردّة الفعل السورية وهذا ما جعلهم في حال قلق وتوتر دائم. ويمكن القول: إن أقرب المقربين لسورية أطلق موقفه بعد سقوط مشروع الياسمينة الزرقاء ودخول التركي إلى ساحة الصراع، وهذا يؤكد أن سورية كانت متماسكة تماماً وترغم العدو على التصرف برد فعل.
10- اعتماد واشنطن في المنطقة على مجموعة من الفاسدين ساهم بتسريب الكثير من المعلومات للسوريين، وبالتالي تركت سورية الكثير من علامات الاستفهام كان لها دور في العمليات على الأرض من جهة، ومن جهة ثانية شتّتت الأعداء وزرعت عدم الثقة بينهم، وأربكت المشروع.
11- اعتماد واشنطن على خلايا تكفيرية أفقدها السيطرة عليها مما أدى إلى القيام بخطوات متسرّعة ساهمت بفضح المشروع شعبياً.في الجزء القادم التحضير للمرحلة الثانية من العدوان على سورية.. وفشل الانتقام لسقوط الياسمينة الزرقاء..؟
ردود على "ننفرد بالنشر .. الياسمينة الزرقاء. عملية عسكرية سورية. الأسرار الكاملة"
أترك تعليقا