أغرب قصة أغتصاب


قالت لصاحبتها: لقد اغتصبني رفيق أبي أغلى ما املكه، بمعاونة أمي التي

اكن لها كل حب وتقدير، وفي غفلة من والدي العزيز.

نعم كان يوما صعب لم يمر على يوم مثله، وإليك القصة:

تقول الفتاة: استأذنت أمي وأخبرتها عن عدم رغبتي في الذهاب هذا اليوم

للمدرسة لأني كنت أشعر ببعض الصداع وكانت أمي ترقبني بنظرة لم

اعهدها.

شيئا ما كان يدور في أعماق تفكيرها كنت لا اعلمه؟ لكني سمعتها تتحدث

في الهاتف مع رجل وكانت تقول له: لحسن الحظ لم تذهب للمدرسة هذا

اليوم سأحضرها لك.

هذا ما سمعت من الحوار

وبعد حوالي الساعة رن جرس الهاتف فأحسست بانقباض لم اعهده في

جسدي، يا الله ما الذي يخبئه لي القدر؟

تظاهرت بأنى نائمة ولن أصحو مهما يحدث لأني كنت ساعتها أتمنى أن

تعود الساعة للخلف كي ارحل بنفسي للمدرسة و أنجو من الأمر الذي أنا

مقبلة عليه.

فجأة أحسست بان أقدام امي تقترب من حجرتي وتنادي باسمي

وقالت لي : هل لا زلتي متعبة يا أبنتي؟

فقلت لها: لا الأمر مطمئن قليل من الصداع وبدأ يتلاشى

فقالت لي: عليك بتجهيز نفسك فسوف نذهب في مشوار قريب.

قلت لها: هل سيذهب بنا أبي ؟

قالت: لا ولكنه على علم بالمكان الذي سوف نذهب إليه.

اخيرا رضخت لطلب امي لانني لم اشك انني سافقد في هذا اليوم شئ غالي

على نفسي.

خرجنا وكان السائق بانتظارنا

لقد كان كل شئ جاهز وليس هناك مايعيقنا.

الشوارع كانت ولأول مرة في حياتي أجدها غير مزدحمة.

وصلنا الى مكان ذلك الرجل وكان قد لبس اجمل ملابسه ويجلس بانتظارنا

وترك رسالة أن لا يقوم أحد بإزعاجه عند وصولنا.

دخلنا فاستقبلنا بحرارة، ثم قدم لنا العصير

طلب مني ان اقترب منه قليلا وبدأ يسألني بعض الأسئلة المتفرقه بحد

قوله من باب التعارف. ومن ثم طلب مني أن انتقل معه للغرفة الآخري

فخفت وتمسكت بأمي وطلبت من أمي الحضور معنا ولكنها قالت لي:

أذهبي معه وسوف أنتظركماهنا.

قال لا تخافي فسوف لن تشعري بالألم!!

بدات بالشعور بالخوف من ذلك الرجل وهو يبتسم أبتسامة غامضة.

وعندما ذهبت إلى الغرفة معه طلب مني النوم على السرير وبعد ذلك لم

أشعر بشئ.

وعندما استيقظت وجدة قطعة من الشاش ملفوفة عليها بقع دم.

سمعت الرجل يقول: الجرح بسيط وسوف يندمل بمرور الايام، وسوف

تنسى الامر

رجعنا الى البيت وأنا احمل هموم الدنيا على كاهلي .

وصلنا البيت وبسرعة البرق اسرعت الى حجرتي واخذت ابكي وابكي لأني

بدأت أشعر بألم مافعله بي ذلك الرجل.

وأخذت اصرخ وأقول: ماذا فعلت بي يا أماه.

أخذت قطعة القماش وأنا أرى عمري كله وأحلامي قد انتهــــــــــت في هذه

القطعة.

ففتحت القطعة وإذا بأحد أسناني الأمامية قد خلع

فعرفت بأني كنت عند طبيب الأسنان.


Bookmark and Share

كتاب نهاية امريكا واسرائيل(تفسير سورة الدخان)


( قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ ، عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْءَانِ ، لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ ، وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا (88)


( وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ ، فِي هَذَا الْقُرْءَانِ ، مِنْ كُلِّ مَثَلٍ ، فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا (89)
( الإسراء )



فإنما يسّرناه بلسانك لعلّهم يتذكّرون

تبدأ سورة الدخان بتعظيم شأن القرآن الكريم ، وتعظيم شأن الليلة التي أُنزل فيها ، وتركّز السورة ، على الإنذار دون البشرى ، حيث قال سبحانه في إرسال محمد عليه الصلاة والسلام ( يَأَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (45 الأحزاب ) . ويؤكد سبحانه أنه أرسله ، منذرا للبشر من قبل أن يحل بهم العقاب ، رحمة منه بعباده . والعقاب الذي تأتي على خبره الآيات وتحذّر منه ، هو البطشة الكبرى ، التي لم تُحدّد ماهيتها هنا ، ونذير هذه البطشة ، الذي سيسبقها بقليل ، هو الدخان ، فليرتقبه الناس ، فإن ظهر وعاينوه فليعتبروا ، وليحذروا ، وليعودوا عما هم عليهم من الشك والتشكيك في أمر ربهم ، واللعب في أمر دينهم ، والطعن في رسولهم الكريم ، الذي بُعث إليهم بشيرا ونذيرا ، فإن لم يفعلوا ولن يفعلوا ، فليرتقبوا البطشة الكبرى . وقد ظهر الدخان الموصوف في هذه السورة ، في عاصمة أحد الأقطار العربية ، فاقرأ معنا هذا الفصل والفصول التي تليه ، لتعرف كيف فُسّرت هذه النبوءة على أرض الواقع ، ولتعرف من هم الموعودين بالبطشة الكبرى قريبا ، بعد إصرارهم على ما هم عليه ، من الكفر والفسوق والعصيان ، بالرغم من غشيان الدخان لهم ، بنفس الصفة ، التي أخبرت عنها الآيات .

تعريف بسورة الدخان :
" مكية ، كما روي عن ابن عباس ، وابن الزبير رضي الله تعالى عنهم ، ووجه مناسبتها لما قبلها أنه عز وجل ، ختم ما قبلها ( الزخرف ) بالوعيد والتهديد ، وافتتح هذه بشيء من الإنذار الشديد ، وذكر سبحانه هنا ، كقول الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم ، يا رب إن هؤلاء قوم لا يؤمنون ( في نهاية سورة الزخرف ) ، وهنا نظيره ، فيما حكى عن أخيه موسى عليهم الصلاة والسلام ، بقوله تعالى فدعا ربه ، أن هؤلاء قوم مجرمون ، وورد بفضلها أخبار " ، الألوسي .

أقوال بعض المفسّرين في آيات سورة الدخان :
( حم (1) وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (2) إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ (3) فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ (4) أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ (5) رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ العَلِيمُ (6)
" يقول تعالى مخبرا عن القرآن العظيم ، أنه أنزله في ليلة مباركة ، وهي ليلة القدر ، أمر حكيم ، أي محكم لا يُبدّل ولا يُغيّر ، ولهذا قال جل جلاله ، ( أمرا من عندنا ) ، أي جميع ما يكون ويُقدّره الله تعالى وما يوحيه ، فبأمره وإذنه وعلمه ، ( إنا كنا مرسلين ) أي إلى الناس رسولا يتلوا عليهم آيات الله مبينات " ، ابن كثير .

( رَبِّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ (7) لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ رَبُّكُمْ وَرَبُّ ءَابَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ (Cool
" أي إن كنتم من أهل الإيقان ، علمتم كونه سبحانه رب السماوات والأرض ، لأنه من أظهر اليقينيات دليلا ، وفي هذا الشرك تنزيل إيقانهم ، منزلة عدمه ، لظهور خلافه عليهم ، وهو مراد من قال : إنه من باب تنزيل العالم منزلة الجاهل ، لعدم جريه على موجب العلم ، قيل : ولا يصح أن يقال : إنهم نزلوا منزلة الشاكين ، لما كان قوله سبحانه بعد : بل هم في شك ، ولا أدري بأسا في أن يقال : إنهم نزلوا أولا كذلك ، ثم سجّل عليهم بالشك ، لأنهم وأن أقرّوا بأنه عز وجل ، رب السماوات والأرض ، لم ينفكّوا عن الشكّ لإلحادهم في صفاته ، وإشراكهم به تعالى شأنه " ، الألوسي .

( بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ (9)
" بل هؤلاء المشركون ، ( في شك يلعبون ) أي قد جاءهم الحق اليقين ، وهم يشكّون فيه ، ويمترون ولا يصدقون به ، ثم قال عز وجل متوعدا لهم ومهدّدا ، ( فارتقب يوم تأتي السماء ) " ، ابن كثير .

" ( بل هم في شك يلعبون ) أي ليسوا على يقين ، فيما يظهرونه من الإيمان والإقرار ، في قولهم إن الله خالقهم ، وإنما يقولونه لتقليد آبائهم ، من غير علم ، فهم في شكّ ، وإن توهموا أنهم مؤمنون ، فهم يلعبون في دينهم ، وقيل يلعبون ، يضيفون إلى النبي صلى الله عليه وسلم الافتراء والاستهزاء ، ويقال أعرض عن المواعظ لاعب ، وهو كالصبي الذي يلعب ، فيفعل ما لا يدري عاقبته " القرطبي .

" لا يقولون ما يقولون ، مما هو مطابق لنفي الأمر عن جدر وإذعان ، بل يقولونه مخلوطا بهزء ولعب ، وهذه الجملة خبر بعد خبر لهم ، والالتفات عن خطابهم ، لفرط عنادهم وعدم التفاتهم ، والفاء في قوله تعالى : فارتقب لترتيب الارتقاب ، أو الأمر به على ما قبلها ، فإن كونهم في شك يلعبون ، مما يوجب ذلك ، أي فانتظر لهم ، يوم تأتي السماء بدخان مبين " ، الألوسي .

( فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ (10) يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (11)
" ارتقب معناه انتظر ، يا محمد بهؤلاء الكفار ، يوم تأتي السماء بدخان مبين ، قاله قتادة . وقيل معناه احفظ قولهم هذا ، لتشهد عليهم " ، القرطبي .

" يعني تعالى ذكره بقوله ( فارتقب ) ، فانتظر ، يا محمد بهؤلاء المشركين من قومك ، الذين ( هم في شك يلعبون ) ، ( يغشى الناس ) يقول يغشى أبصارهم ، من الجهد الذي يصيبهم ، ( هذا عذاب أليم ) يعني أنهم يقولون ، مما نالهم من ذلك الكرب والجهد ، هذا عذاب أليم ) " الطبري .

أقوال المفسّرين في الدخان :
تفسير ابن مسعود : عَنْ مَسْرُوقٍ ، قَالَ : " بَيْنَمَا رَجُلٌ يُحَدِّثُ فِي كِنْدَةَ ، فَقَالَ : يَجِيءُ دُخَانٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، فَيَأْخُذُ بِأَسْمَاعِ الْمُنَافِقِينَ وَأَبْصَارِهِمْ ، يَأْخُذُ الْمُؤْمِنَ كَهَيْئَةِ الزُّكَامِ ، فَفَزِعْنَا . فَأَتَيْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ ، وَكَانَ مُتَّكِئًا ، فَغَضِبَ ، فَجَلَسَ ، فَقَالَ : مَنْ عَلِمَ فَلْيَقُلْ ، وَمَنْ لَمْ يَعْلَمْ ، فَلْيَقُلْ اللَّهُ أَعْلَمُ ، فَإِنَّ مِنْ الْعِلْمِ ، أَنْ يَقُولَ لِمَا لَا يَعْلَمُ لَا أَعْلَمُ ، فَإِنَّ اللَّهَ قَالَ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنْ الْمُتَكَلِّفِينَ ) وَإِنَّ قُرَيْشًا أَبْطَئُوا عَنْ الْإِسْلَامِ ، فَدَعَا عَلَيْهِمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَيْهِمْ بِسَبْعٍ كَسَبْعِ يُوسُفَ ، فَأَخَذَتْهُمْ سَنَةٌ حَتَّى هَلَكُوا فِيهَا ، وَأَكَلُوا الْمَيْتَةَ وَالْعِظَامَ ، وَيَرَى الرَّجُلُ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ، كَهَيْئَةِ الدُّخَانِ ، فَجَاءَهُ أَبُو سُفْيَانَ ، فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ جِئْتَ تَأْمُرُنَا بِصِلَةِ الرَّحِمِ ، وَإِنَّ قَوْمَكَ قَدْ هَلَكُوا ، فَادْعُ اللَّهَ ( فَقَرَأَ فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ - إِلَى قَوْلِهِ - عَائِدُونَ ) أَفَيُكْشَفُ عَنْهُمْ عَذَابُ الْآخِرَةِ ، إِذَا جَاءَ ثُمَّ عَادُوا إِلَى كُفْرِهِمْ ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى : ( يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى ) يَوْمَ بَدْرٍ وَ ( لِزَامًا ) يَوْمَ بَدْرٍ ( الم غُلِبَتْ الرُّومُ ) إِلَى ( سَيَغْلِبُونَ ) وَالرُّومُ قَدْ مَضَى " . رواه البخاري وأخرجه مسلم والترمذي وأحمد .

رواية لابن مسعود : عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنَ مَسْعُودٍ ، قَالَ : " مَضَى خَمْسٌ الدُّخَانُ وَالرُّومُ وَالْقَمَرُ وَالْبَطْشَةُ وَاللِّزَامُ " . رواه البخاري وأخرجه مسلم والترمذي وأحمد .

حديث حذيفة : عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ أَسِيدٍ الْغِفَارِيِّ ، قَالَ : اطَّلَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْنَا ، وَنَحْنُ نَتَذَاكَرُ ، فَقَالَ : ( مَا تَذَاكَرُونَ ؟ ) قَالُوا : نَذْكُرُ السَّاعَةَ ، قَالَ : ( إِنَّهَا لَنْ تَقُومَ حَتَّى تَرَوْنَ قَبْلَهَا عَشْرَ آيَاتٍ ، فَذَكَرَ الدُّخَانَ ، وَالدَّجَّالَ ، وَالدَّابَّةَ ، وَطُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا ، وَنُزُولَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَيَأَجُوجَ وَمَأْجُوجَ ، وَثَلَاثَةَ خُسُوفٍ خَسْفٌ بِالْمَشْرِقِ ، وَخَسْفٌ بِالْمَغْرِبِ ، وَخَسْفٌ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ ، وَآخِرُ ذَلِكَ نَارٌ تَخْرُجُ مِنْ الْيَمَنِ ، تَطْرُدُ النَّاسَ إِلَى مَحْشَرِهِمْ ) رواه مسلم وأخرجه الترمذي وأبو داود وابن ماجه وأحمد .

قال ابن كثير " وقد وافق ابن مسعود ، رضي الله عنه ، على تفسير الآية بهذا ، وأن الدخان مضى ، جماعة من السلف ، كمجاهد وأبي العالية وإبراهيم النخعي ، والضحاك وعطية العوفي وهو اختيار ابن جرير . وروى ابن جرير ، عن ربعي بن حراش قال سمعت حذيفة بن اليمان ، رضي الله عنه ، يقول ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن أول الآيات الدجال ، ونزول عيسى بن مريم عليهما الصلاة والسلام ، ونار تخرج من قعر عدن أبين ، تسوق الناس إلى المحشر ، تقيل معهم إذا قالوا ، والدخان ، قال : حذيفة رضي الله عنه يا رسول الله : وما الدخان ؟ فتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية : ( فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين ، يغشى الناس هذا عذاب أليم ) يملأ ما بين المشرق والمغرب ، يمكث أربعين يوما وليلة ، أما المؤمن فيصيبه منه كهيئة الزكمة ، وأما الكافر فيكون بمنزلة السكران ، يخرج من منخريه وأذنيه ودبره ) ، قال ابن جرير لو صحّ هذا الحديث لكان فاصلا ، وإنما لم أشهد له بالصحة .

وقال ابن جرير أيضا : عن أبي مالك الأشعري ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن ربكم أنذركم ثلاثا ؛ الدخان ، يأخذ المؤمن كالزكمة ، ويأخذ الكافر ، فينفخ حتى يخرج من كل مسمع منه ، والثانية الدابة ، والثالثة الدجال ) ورواه الطبراني ، عن هاشم بن مرثد عن محمد بن إسماعيل بن عياش به ، وهذا إسناد جيد .

وروى ابن جرير : عن عبد الله بن أبي مليكة ، قال : غدوت على ابن عباس رضي الله عنهما ، ذات يوم ، فقال : ما نمت الليلة حتى أصبحت ! قلت : لِمَ ؟ قال : قالوا طلع الكوكب ذو الذنب ، فخشيت أن يكون الدخان قد طرق ، فما نمت حتى أصبحت ) وهكذا رواه ابن أبي حاتم فذكره وهذا إسناد صحيح إلى ابن عباس رضي الله عنهما ، حبر الأمة وترجمان القرآن ، وهكذا قول من وافقه من الصحابة والتابعين ، رضي الله عنهم ، مع الأحاديث المرفوعة من الصحاح والحسان وغيرهما ، التي أوردوها ، مما فيه مقنع ، ودلالة ظاهرة ، على أن الدخان ، من الآيات المنتظرة ، مع أنه ظاهر القرآن ، قال الله تبارك وتعالى ( فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين ) أي بيّنٌ واضحٌ ، يراه كل أحد ، وعلى ما فسّر به ابن مسعود ، رضي الله عنه ، إنما هو خيال ، رأوه في أعينهم من شدة الجوع والجهد ، وهكذا قوله تعالى ( يغشى الناس ) ، أي يتغشاهم ويعميهم ، ولو كان أمرا خياليا ، يخصّ أهل مكة المشركين ، لما قيل فيه يغشى الناس ، وقوله تعالى ( هذا عذاب أليم ) ، أي يقال لهم ذلك تقريعا وتوبيخا " .

وقال القرطبي : " وفي الدخان أقوال ثلاثة ؛ الأول : أنه من أشراط الساعة ، لم يجئ بعد ، وأنه يمكث في الأرض أربعين يوما ، يملأ ما بين السماء والأرض ، فأما المؤمن فيصيبه مثل الزكام ، وأما الكافر والفاجر فيدخل في أنوفهم ، فيثقب مسامعهم ، ويضيق أنفاسهم ، وهو من آثار جهنم يوم القيامة ، وممن قال إن الدخان لم يأت بعد ، علي وابن عباس وابن عمر وأبو هريرة وزيد بن علي والحسن وابن أبي ملكية وغيرهم ؛ والثاني : أن الدخان ، هو ما أصاب قريشا من الجوع ، بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم ، حتى كان الرجل يرى بين السماء والأرض دخانا ، قاله ابن مسعود ؛ والثالث : إنه يوم فتح مكة لما حجبت السماء الغبرة ، قاله عبد الرحمن الأعرج " .

وقال الألوسي : " أي يوم تأتي بجدب ومجاعة ، فإن الجائع جدا ، يرَ بينه وبين السماء ، كهيئة الدخان ، وقد فسّر أبو عبيدة الدخان به ، والمراد باليوم مطلق الزمان ، أي ارتقب وعد الله ذلك اليوم ، وبالسماء جهة العلو ، وإسناد الإتيان بذلك إليهما ، من قبيل الإسناد إلى السبب ، لأنه يحصل بعدم إمطاره ، وتفسير الدخان بما فسرناه به ، مروي عن قتادة وأبي العالية والنخعي ، والضحاك ومجاهد ومقاتل ، وهو اختيار الفرّاء والزجّاج ، وقد روي بطرق كثيرة عن ابن مسعود رضي الله تعالى ، وظاهره ، يدلّك ما في تاريخ ابن كثير ، على أن القصة ، كانت بمكة ، فالآية مكية ، وفي بعض الروايات ، أن قصة أبي سفيان ، كانت بعد الهجرة ، فلعلها وقعت مرتين ، وقد تقدّم ما يتعلق بذلك في سورة المؤمنين ، وقال علي كرّم الله تعالى وجهه ، وابن عمر وابن عباس وأبو سعيد الخدري ، وزيد بن علي والحسن ، أنه دخان يأتي من السماء ، قبل يوم القيامة ، يدخل في أسماع الكفرة ، حتى يكون رأس الواحد ، كالرأس الحنيذ ، ويعتري المؤمن كهيئة الزكام ، فالدخان على ظاهره ، والمعنى فارتقب يوم ظهور الدخان .

وحمل ما في الآية ، على ما يعم الدخانين ، لا يخفى حاله . هذا والأظهر ، حمل الدخان على ما روي عن ابن مسعود أولى ، لأنه أنسب بالسياق ، لما أنه في كفار قريش ، وبيان سوء حالهم . ( يغشى الناس ) أي يحيط بهم ، والمراد بهم كفار قريش ، ومن جعل الدخان ، ما هو من أشراط الساعة ، حمل ( الناس ) ، على من أدركه ذلك الوقت ، ومن جعل ذلك يوم القيامة ، حمل الناس على العموم ، والجملة ( يغشى الناس ) صفة أخرى للدخان ، وقوله تعالى هذا عذاب أليم ، وقيل : يجوز أن يكون هذا عذاب أليم ، إخبارا منه عز وجل ، تهويلا للأمر ، كما قال سبحانه وتعالى ، في قصة الذبيح ، إن هذا لهو البلاء المبين " .

( رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ (12)
" أي يقول الكافرون ، إذا عاينوا عذاب الله وعقابه ، سائلين رفعه وكشفه عنهم ، ( ربنا اكشف عنا العذاب ) " ابن كثير .

" وقوله ( ربنا اكشف عنا العذاب ) يعني أن الكافرين الذين يصيبهم ذلك الجهد ، يضّرعون إلى ربهم ، بمسألتهم إياه كشف ذلك الجهد " ، الطبري .

" كما صرح به غير واحد من المفسرين ، وعدُ منهم بالأيمان ، إن كشفَ جلّ وعلا عنهم العذاب ، فكأنهم قالوا : ربنا إن كشفت عنا العذاب آمنا ، لكن عدلوا عنه " ، الألوسي .

( أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرَى وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ (13) ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقَالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ (14)
" يقول كيف لهم بالتذكر ، وقد أرسلنا إليهم رسولا ، بين الرسالة والنذارة ، ومع هذا تولّوا عنه ، وما وافقوه بل كذّبوه ، وقالوا مُعلَّم مجنون " ابن كثير .

" قال ابن عباس : أي يتعظون ، والله أبعدهم من الاتعاظ والتذكر ، بعد توليهم عن محمد صلى الله عليه وسلم ، وتكذيبهم إياه ، ( وقالوا مُعلَّم مجنون ) أي علّمه بشر ، أو علّمه الكهنة والشياطين ، ثم هو مجنون وليس برسول " ، القرطبي .

" يقول تعالى ذِكره ، من أي وجه لهؤلاء المشركين التذكّر ، من بعد نزول البلاء بهم ، وقد تولوا عن رسولنا ، حين جاءهم مدبرين عنه ، لا يتذكرون بما يتلى عليهم من كتابنا ، ولا يتعظون بما يعظهم به من حُججنا ، ويقولون إنما هو مجنون عُلّم هذا الكلام " الطبري .

" ( أنى لهم الذكرى ) نفي صدقهم في الوعد ، وأن غرضهم إنما هو كشف العذاب والخلاص ، أي كيف يتذكرون ، أو من أين يتذكرون بذلك ، ويفون بما وعدوه من الأيمان ، عند كشف العذاب عنهم ، وقد جاءهم رسول مبين ، أي والحال ، أنهم شاهدوا من دواعي التذكر وموجبات الاتعاظ ، ما هو أعظم من ذلك في إيجابهم ، حيث جاءهم رسول عظيم الشأن ، ظاهر أمر رسالته بالآيات والمعجزات ، التي تخز لها صم الجبال ، أو مظهرا لهم مناهج الحق ، ( ثم تولوا عنه ) أي عن ذلك الرسول عليه الصلاة والسلام ، ولم يقل ومجنون بالعطف لأن المقصود تعديد قبائحهم " ، الألوسي .

( إِنَّا كَاشِفُوا الْعَذَابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ (15) يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ (16)
" والاحتمال الثاني أن يكون المراد ، إنا مؤخرو العذاب عنكم قليلا ، بعد انعقاد أسبابه ، ووصوله إليكم ، وأنتم مستمرون ، فيما أنتم فيه من الطغيان والضلال ، ولا يلزم من الكشف عنهم أن يكون باشرهم " ابن كثير .

" ( إنا كاشفوا العذاب ) يعني الضرّ النازل بهم ، يقول تعالى ذكره ، إنكم أيها المشركون ، إن كشفت عنكم العذاب النازل بكم ، والضرّ الحالّ بكم ، ثم عدّتم في كفركم ونقضتم عهدكم ، الذي عاهدتم ربكم ، انتقمت منكم ، يوم أبطش بكم ، بطشتي الكبرى ، في عاجل الدنيا ، فأهلككم " ، الطبري .

" إنا كاشفوا العذاب قليلا ، وعد أن يكشف عنهم ذلك العذاب قليلا ، أي في زمان قليل ، ليعلم أنهم لا يفون بقولهم ، بل يعودون إلى الكفر ، بعد كشفه ، قاله ابن مسعود . ومن قال ، إن الدخان منتظر ، قال ، أشار بهذا إلى ما يكون ، من الفرجة بين آية وآية ، من آيات قيام الساعة ، ثم من قضى عليه بالكفر ، يستمر على كفره . ومن قال هذا في القيامة ، قال أي لو كشفنا عنكم العذاب لعدتهم إلى الكفر ، وقيل ، معنى إنكم عائدون إلينا ، أي مبعوثون بعد الموت " ، القرطبي .

" وقيل : المعنى وارتقب الدخان ، وارتقب يوم نبطش ، فحذف واو العطف ، كما تقول : اتق النار ، اتق العذاب ، والبطشة الكبرى في قول ابن مسعود ، يوم بدر ، وهو قول ابن عباس ، وأبي بن كعب ، ومجاهد والضحاك ، وقيل : عذاب جهنم يوم القيامة ، قاله الحسن وعكرمة وابن عباس أيضا ، واختاره الزجاج " ، القرطبي .

" أي إن كشفنا عنكم العذاب ، كشفا قليلا ، أو زمانا قليلا عدتم ، والمراد على ما قيل ، عائدون إلى الكفر ، وأنت تعلم أن عودهم إليه ، يقتضي إيمانهم ، وقد مر أنهم لم يؤمنوا ، وإنما وعدوا الإيمان ، فإما أن يكون وعْدُهم مُنزلا ، مَنزلة إيمانهم ، أو المراد عائدون إلى الثبات ، على الكفر أو على الإقرار والتصريح به . ( يوم نبطش ) يوم نسلّط القتل عليهم ونوسع الأخذ منهم ، وفي القاموس ، بطش به ، أخذه بالعنف والسطوة ، كأبطشه ، والبطش ، الأخذ الشديد في كل شيء " ، الألوسي .

" فسر ذلك ابن مسعود رضي الله عنه ، بيوم بدر ، وهذا قول جماعة ، ممن وافق ابن مسعود رضي الله عنه ، على تفسيره الدخان بما تقدم ، وروي أيضا ، عن ابن عباس رضي الله عنهما ، من رواية العوفي عنه ، وعن أبي بن كعب رضي الله عنه ، وهو محتمل . والظاهر أن ذلك يوم القيامة ، وإن كان يوم بدر يوم بطشة . وروى ابن جرير عن عكرمة ، قال : قال ابن عباس رضي الله عنهما : ( قال ابن مسعود رضي الله عنه ، البطشة الكبرى يوم بدر ، وأنا أقول هي يوم القيامة ) ، وهذا إسناد صحيح عنه ، وبه يقول الحسن البصري وعكرمة ، في أصحّ الروايتين عنه ، والله أعلم " ، ابن كثير .

وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ وَجَاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ (17) أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (18) وَأَنْ لَا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ إِنِّي ءَاتِيكُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (19) وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ (20) وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ (21) فَدَعَا رَبَّهُ أَنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ مُجْرِمُونَ (22)
" يقول تعالى ، ولقد اختبرنا قبل هؤلاء المشركين ، قوم فرعون ، وهم قبط مصر ، وجاءهم رسول كريم ، يعني موسى كليمه ، عليه الصلاة والسلام " ، ابن كثير .

" ( رسول كريم ) أي مُكرم معظّم عند الله عز وجل ، أو عند المؤمنين ، أو عنده تعالى وعندهم ، أو كريم في نفسه متصف بالخصال الحميدة والصفات الجليلة حسبا ونسبا ، وقال الراغب : الكرم إذا وصف به الإنسان ، فهو اسم للأخلاق والأفعال المحمودة ، التي تظهر منه ، ولا يقال هو كريم ، حتى يظهر ذلك منه " ، الألوسي .

" ( وإني عذت بربي وربكم ) أي التجأت إليه تعالى ، وتوكلت عليه جل شأنه ( أن ترجمون ) ، من أن ترجموني ، أن تؤذوني ضربا أو شتما ، أو أن تقتلوني ، وروي هذا عن قتادة وجماعة ، قيل : لما قال : أن لا تعلوا على الله ، توعّدوه بالقتل ، فقال ذلك ، وفي البحر أن هذا ، كان قبل أن يخبره عز وجل بعجزهم عن رجمه بقوله ، ( وإن لم تؤمنوا لي فاعتزلون ) ، فكونوا بمعزل مني لا علي ولا لي ، ولا تتعرضوا لي بسوء ، فليس ذلك جزاء ، من يدعوكم إلى ما فيه فلاحكم ، فدعا ربه بعد أن أصرّوا على تكذيبه عليه السلام ، ( أن هؤلاء قوم مجرمون ) " ، الألوسي .

" وفيه اختصار كأنه قيل : أن هؤلاء مجرمون ، تناهى أمرهم في الكفر ، وأنت أعلم بهم ، فافعل بهم ما يستحقونه ، قيل : كان دعاؤه عليه السلام ، اللهم عجّل لهم ما يستحقون بإجرامهم ، وقيل : قوله ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين ، إلى قوله ، فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم ، وإنما ذكر الله سبحانه السبب ، الذي استوجبوا به الهلاك ، ليُعلم منه دعاؤه والإجابة معا ، وإن دعاءه على يأس من أيمانهم ، وهذا من بليغ اختصارات الكتاب المعجز " ، الألوسي .

( … وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ (24) كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (25) … كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا ءَاخَرِينَ (28) فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ (29)
" يقول تعالى ذكره ، كم ترك فرعون وقومه من القبط ، بعد مهلكهم ، وتغريق الله إياهم ، من بساتين وأشجار وعيون ومقام كريم ، يقول وموضع كانوا يقومونه شريف كريم . وقوله ( كذلك وأورثناها قوما آخرين ) يقول تعالى ذكره ، وأورثنا جناتهم وعيونهم وزروعهم ومقاماتهم ، وما كانوا فيه من النعمة قوما آخرين ، وقيل عُنيَ بالقوم الآخرين بنو إسرائيل " ، الطبري .

" ( كذلك وأورثناها قوما آخرين ) وهم بنو إسرائيل ، كما تقدم ، وقوله سبحانه وتعالى ( فما بكت عليهم السماء والأرض ) أي لم تكن لهم أعمال صالحة ، تصعد في أبواب السماء ، فتبكي على فقدهم ، ولا لهم في الأرض ، بقاع عبدوا الله تعالى فيها ، فقدتهم ، فلهذا استحقوا أن لا يُنظروا ، ولا يُؤخروا ، لكفرهم وإجرامهم وعتوهم وعنادهم " ، ابن كثير .

" قال الزجاج : أي الأمر كذلك ، فيوقف على كذلك ، وقيل : إن الكاف في موضع نصب ، على تقدير نفعل فعلا كذلك ، بمن نريد إهلاكه ، وقال الكلبي : كذلك أفعل بمن عصاني ، وقيل : كذلك كان أمرهم ، فأهلكوا ، وأورثناها قوما آخرين ، يعني بني إسرائيل ، ملّكهم الله تعالى أرض مصر ، بعد أن كانوا فيها مستعبدين ، فصاروا لها وارثين لوصول ذلك إليهم ، كوصول الميراث ونظيره ، وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها ، الآية " ، القرطبي .

( … وَلَقَدْ نَجَّيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ الْعَذَابِ الْمُهِينِ (30) مِنْ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ كَانَ عَالِيًا مِنَ الْمُسْرِفِينَ (31) وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ (32) وَءَاتَيْنَاهُمْ مِنَ الْآيَاتِ مَا فِيهِ بَلَاءٌ مُبِينٌ (33) …
" يعني ما كانت القبط ، تفعل بهم بأمر فرعون ، من قتل الأبناء ، واستخدام النساء ، واستعبادهم إياهم ، وتكلفهم الأعمال الشاقة ، وقيل : أي أنجيناهم من العذاب ، ومن فرعون ، إنه كان عاليا من المسرفين ، ولقد اخترناهم يعني بني إسرائيل " ، القرطبي .

" واختلف أهل التأويل ، في ذلك البلاء ، فقال بعضهم ابتلاهم بنعَمِه عندهم ، وقال آخرون ، بل ابتلاهم بالرخاء والشدة ، وأولى الأقوال في ذلك بالصواب ، أن يقال إن الله أخبر ، أنه آتى بني إسرائيل من الآيات ، ما فيه ابتلاؤهم واختبارهم ، وقد يكون الابتلاء والاختبار بالرخاء ، ويكون بالشدة ، ولم يضع لنا دليلا ، من خبر ولا عقل ، أنه عنى بعض ذلك دون بعض ، وقد كان الله اختبرهم ، بالمعنيين كليهما جميعا " ، الطبري .

( … إِنَّ هَؤُلَاءِ لَيَقُولُونَ (34) إِنْ هِيَ إِلَّا مَوْتَتُنَا الْأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُنْشَرِينَ (35) فَأْتُوا بِآبَائِنَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (36) أَهُمْ خَيْرٌ ، أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ، أَهْلَكْنَاهُمْ ، إِنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ (37) …
" ( إن هؤلاء ) ، كفار قريش ، لأن الكلام فيهم ، وذكر قصة فرعون وقومه ، استطرادي للدلالة على أنهم مثلهم ، في الإصرار على الضلالة ، والإنذار على مثل ما حلّ بهم ، وفي اسم الإشارة (هؤلاء ) تحقير لهم ( ليقولون ) : ( إن هي إلا موتتنا الأولى ) أي ما العاقبة ونهاية الأمر ، إلا الموتة الأولى المزيلة للحياة الأولى ، ( وما نحن بمنشرين ) أي بمبعوثين بعدها " ، الألوسي .

" ( إن هؤلاء ليقولون ، إن هي إلا موتتنا الأولى ، وما نحن بمنشرين ، فأتوا بآبآئنا ، إن كنتم صادقين ) ، يقول تعالى ذكره ، مخبرا عن قيل مشركي قريش ، لنبي الله صلى الله عليه وسلم ، إن هؤلاء المشركين من قومك ، يا محمد ، ليقولون إن هي إلا موتتنا الأولى ، التي نموتها ، وهي الموتة الأولى ، وما نحن بمنشرين بعد مماتنا ، ولا بمبعوثين ، تكذيبا منهم بالبعث والثواب والعقاب " ، الطبري .

" ( أهم خير أم قوم تبع ، والذين من قبلهم أهلكناهم ، إنهم كانوا مجرمين ) ، يقول تعالى ذكره ، لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم ، أهؤلاء المشركون يا محمد من قومك خير ، أم قوم تبع يعني تبعا الحميري ، وكانت عائشة تقول : لا تسبوا تبعا فإنه كان رجلا صالحا . وقوله ( والذين من قبلهم ) ، من الأمم الكافرة بربها ، يقول فليس هؤلاء بخير من أولئك ، فنصفح عنهم ولا نهلكهم ، وهم بالله كافرون ، كما كان الذين أهلكناهم ، من الأمم من قبلهم كفارا ، وقوله ( إنهم كانوا مجرمين ) ، إنما أهلكناهم لإجرامهم وكفرهم بربهم " ، الطبري .

" عن عائشة قالت : كان تبع رجلا صالحا ، ألا ترى أن الله تعالى ذم قومه ولم يذمه " ، الألوسي .

" ( أهم خير أم قوم تبع ) هذا استفهام إنكار ، أي إنهم مستحقون في هذا القول العذاب ، إذ ليسوا خيرا من قوم تبع ، والأمم المهلكة ، وإذا أهلكنا أولئك فكذا هؤلاء " ، القرطبي .

" ( والذين من قبلهم ) أي قبل قوم تبع كعاد وثمود ، أو قبل قريش فهو تعميم ، بعد تخصيص ، ( أهلكناهم ) ، استئناف لبيان عاقبة أمرهم هدّد به كفار قريش ، ( إنهم كانوا مجرمين ) ، تعليل لإهلاكهم ، أي أهلكناهم ، بسبب كونهم مجرمين ، فليحذر كفار قريشا " ، الألوسي .

( فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (58) فَارْتَقِبْ إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ (59)
" أي أنزلناه سهلا واضحا بينا جليا ، بلسانك الذي هو أفصح اللغات ، وأجلاها وأحلاها وأعلاها ، ( لعلهم يتذكرون ) أي يتفهّمون ويعلمون ، ثم لما كان مع هذا الوضوح والبيان ، من الناس ، من كَفرَ وخالفَ وعاندَ ، قال الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم ، مسليا له وواعدا له بالنصر ، ومتوعدا لمن كذّبه بالعطب والهلاك ، ( فارتقب ) أي انتظر ، ( إنهم مرتقبون ) أي فسيعلمون لمن ستكون النصرة ، والظفر وعلو الكلمة في الدنيا والآخرة " ابن كثير .

" ( فإنما يسرناه بلسانك ، لعلهم يتذكرون ، فارتقب إنهم مرتقبون ) يقول تعالى ذكره ، لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم ، فإنما سهّلنا قراءة هذا القرآن ، الذي أنزلناه إليك بلسانك ، ليتذكر هؤلاء المشركون ، الذين أرسلناك إليهم ، بعِبرِه وحُججه ، ويتعظوا بعظاته ، ويتفكروا في آياته ، إذا أنت تتلوه عليهم ، فيُنيبوا إلى طاعة ربهم ، ويذعنوا للحق عندما تبينهموه . وقوله ( فارتقب إنهم مرتقبون ) يقول تعالى ذكره ، لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم ، فانتظر أنت يا محمد الفتح من ربك ، والنصر على هؤلاء المشركين بالله ، من قومك من قريش ، إنهم منتظرون ، عند أنفسهم قهرك وغلبتك ، بصدهم عما أتيتهم به من الحق ، من أراد قبوله واتباعك عليه " ، الطبري .

" ( فإنما يسرناه بلسانك لعلهم يتذكرون ) أي كي يفهموه ، ويتذكروا به ويعملوا بموجبه ، ( فارتقب ) ، أي وأن لم يتذكروا بما يحلّ بهم ، وهو تعميم بعد تخصيص ، بقوله تعالى ( فارتقب يوم تأتي السماء …حتى قوله … إنهم مرتقبون ) وقيل : معناه مرتقبون ما يحل بهم تهكما ، وفي الآية من الوعد له ، صلى الله تعالى عليه وسلم ، ما لا يخفى " ، الألوسي .

سورة الدخان تُنذر قوما من أمة الإسلام كفروا بعد إيمانهم
بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ (9)
هذا الوصف لم يكن بحال من الأحوال ، لمشركي قريش ، فهؤلاء كذّبوا وكفروا بما جاء به ، محمد عليه الصلاة والسلام ، جملة وتفصيلا . والشكّ في المعتقد عادة ، يتأتّى بعد الإيمان ، بوحي من شياطين الإنس والجنّ والهوى ، مما يدفع الإنسان في النهاية إلى الكفر . وأما اللعب ، جاء بمعنى الإعراض عما ينفع والاستهزاء به ، والانشغال بما لا ينفع ، بل وبما يضرّ ، وهي صفة يمتاز بها الصبية والأولاد الصغار ، لصغر عقولهم ، وقلة مداركهم ، وضيق أفقهم ، وعدم مقدرتهم ، على أخذ العبرة والعظة .

أما هؤلاء القوم من أمة محمد ، فهم في شك من أمر الله ، والشك هو انعدام اليقين ، بمعنى أنهم غير موقنين ، مما أخبر عنه في كتابه المبين ، الذي جاء به الرسول المبين ، بلسان عربي مبين ، من أمور الغيب ، وعلى رأسها انعدام اليقين بربوبية وألوهية الله ووحدانيته وإنكار البعث ، أي الشك بملكية الله للسماوات والأرض وما بينهما ، وقدرته على تصريف الأمور ، والشك بأمر البعث بعد الموت . لذلك فهم لا يتورعون ، عن اتخاذ دينهم هزوا ولعبا ، إذ لا بعث ولا حساب ولا عقاب يردعهم .

قال تعالى ( يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا ، لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا ، مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ ، وَاتَّقُوا اللَّهَ ، إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (57 المائدة ) ، فالذين يوالون الذين اتخذوا دين الله هزوا ولعبا ، من اليهود والنصارى والكفار إجمالا ، وهم يُظهرون الإيمان ليسوا بمؤمنين ، فما بالك بمن يتخذ دين الإسلام ، هزوا ولعبا ويحاربه ، وهو ينتسب إليه .

وقال تعالى ( وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِبًا وَلَهْوًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَذَكِّرْ بِهِ أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ وَإِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لَا يُؤْخَذْ مِنْهَا أُولَئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُوا بِمَا كَسَبُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ (70 الأنعام ) ، وقال ( الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْوًا وَلَعِبًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا وَمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ (51 الأعراف ) .

فهؤلاء القوم يتصفون بأمرين :

الأول : أنهم لا يؤمنون بالله واليوم الآخر .

الثاني : أن شغلهم الشاغل هو الحياة الدنيا ، وأنهم يتخذون أمور دينهم ، مادة للهزء والسخرية واللهو .

فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ (10) يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (11)
نلاحظ أن المفسرين اختلفوا على ثلاثة مواقف ، فمنهم من وافق تفسير ابن مسعود ، ومنهم من وافق تفسير ابن عباس ، ومنهم من أخذ بالاحتمالين . وكلٌّ منهم أكمل تفسير السورة ، على ما ارتأى من صوابية اعتقاده ، بالنسبة لهذا الدخان . وأما من حيث زمن الوقوع ، فالاحتمال الأول ، يقول بأن الدخان والبطشة ، قد مضيا في مشركي قريش ، والاحتمال الثاني يقول بأنه قبل يوم القيامة ، والاحتمال الثالث يقول بأنه من أحداث يوم القيامة ، وللفصل في هذه الأقوال والمواقف ، سنستنبط صفات هذا الدخان من الآيات نفسها ، وصفات هؤلاء القوم وأفعالهم ، في نهاية الفصل ، بمعزل عن الروايات والتفسيرات السابقة ، فظاهر الآيات الكريمة ، يدل على أن ما ورد في الآيات ، هو نبأ دخان سيظهر في المستقبل ، والأقدر على بيان أمره ، هو من يعاصر ظهوره ، بعد اكتمال معالمه ، كما هي العادة ، في فهم وتفسير النبوءات المستقبلية .

رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ (12)
وهذا هو دعاء المعُرضين عن ذكر الله ، كما هي العادة ، من المسرفين والمشركين والكفار ، من الناس إجمالا ، كلما مسّتهم الضراء والبأساء ، سواء من أمة الإسلام أو من غيرها ، كما في قوله تعالى ( وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (12 يونس ) .

ولاحظ ضمير المخاطب ( كم ) ، والذي يعود على المخاطبين بالقرآن ، في قوله تعالى ( وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ، ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ ، فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ (53) ثُمَّ إِذَا كَشَفَ الضُّرَّ عَنْكُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْكُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ (54 النحل ) ، وقوله ( وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الْإِنْسَانُ كَفُورًا (67 الإسراء ) .

والأقرب والأظهر ، بالنظر في دعواهم تلك ، وإقرارهم بألسنتهم ما ليس في قلوبهم من الإيمان ، عند غشيان الدخان لهم ، أن يكون هؤلاء من أمة محمد عليه الصلاة والسلام ، فسقوا عن دينهم مع كونهم مسلمين ، نفاقا على الأغلب ، وشركهم في الله جاء بعد الإيمان به . أما قريش فلم يكن هذا حالهم ، وما كان ليصدر منها هذا الدعاء ، فمنهم من أسلم ، ومنهم أصرّ على كفره ، أما النفاق فلم يعرفوه ، ولم يكن لهم فيه مصلحة ، ومن المعروف أن النفاق ، ظهر بعد انتشار الإسلام ، وهو ما حصل في المدينة المنورة ، لعدة غايات وأهمها وأخطرها ، هو سعيهم لمحاربة تعاليم الدين وهدم معالمه ، داخل المجتمعات الإسلامية ، وسورة الدخان مكية ، وحال هؤلاء ، كحال من قال فيهم سبحانه ، في مطلع سورة البقرة :

( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ : ءَامَنَّا بِاللَّهِ ، وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ ، وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ (Cool يُخَادِعُونَ اللَّهَ ، وَالَّذِينَ ءَامَنُوا ، وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (9) فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ (10) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ (11) أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ (12) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ ءَامِنُوا كَمَا ءَامَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا ءَامَنَ السُّفَهَاءُ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُونَ (13) وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ ءَامَنُوا قَالُوا ءَامَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ (14) اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (15) أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ (16 البقرة ) .

حيث قال سبحانه ( ومن الناس ) ، ولم يحصر هذا السلوك بطائفة من الناس ، أو بزمن معين ، وهذا السلوك بدأ بالظهور ، بعدما قويت شوكة الإسلام في المدينة المنورة ، واستمر على مرّ العصور ، حتى يومنا هذا .

أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرَى وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ (13) ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقَالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ (14)
من أين لهؤلاء القوم الذكرى ؟! أي التوبة والإنابة إلى الله ، وقد سبق منهم الإعراض ، عما جاء به الرسول الكريم ، الذي لا يُشكّك في كرم أخلاقه ، أو حسبه أو نسبه أو لسانه العربي ، محمد عليه الصلاة والسلام ، بعد مجيئه والإيمان به ، والانتساب إلى دينه . وفضلا عن سبق الإعراض عن رسالته ، بعد احتضانها لمدة من الزمن ، تولّوا عنه وأعرضوا عما جاء به ، واتهموه بالتعلّم من الكهّان والشياطين ، بحوادث ميتافيزيقية ، وأضافوا إليه صفة الجنون ، إمعانا منهم ، في الإجرام والافتراء والاستهزاء ، فإن سلم من الكهانة ، لم يسلم من الجنون . فيردّ عليهم ربهم قولهم هذا ، بقوله لرسوله ( فَذَكِّرْ ، فَمَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلَا مَجْنُونٍ (29 الطور ) ، ( وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ (4 القلم ) ، ( إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (40 الحاقة )

وسُتفاجأ أخي المسلم ، أن المقصود بهذا القول ليسوا مشركي قريش ، بل مشركي ومنافقي هذا العصر من أمة الإسلام ، وأنهم قالوا هذا القول وأكثر ، في رسول الله عليه الصلاة والسلام ، تحت رعاية ودعم حكومي مادي ومعنوي ، وأن هذا الافتراء ذاته ، هو الذي أخبر عنه سبحانه ، وهو من أكبر الأسباب الموجبة لعقابهم .

إِنَّا كَاشِفُوا الْعَذَابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ (15)
ويُخبر سبحانه بأنه سيرفع العذاب عنهم قليلا ، بعد انعقاد أسبابه ، بكشف الدخان ، بعد نيلهم قسطا من أذاه ، نزولا عند رغبتهم السابقة ، وإقرارهم بالإيمان عند غشيانه لهم ، فالدخان مجرد تحذير ، ولفت انتباه لهم ، بأن الله هو رب السموات والأرض ، وبأنه قادر على إماتتهم وإهلاكهم ، كما أمات آبائهم ، ولئلا تكن لهم حجّة ، بأنه لم يعطهم الفرصة للتوبة والإنابة ،. ومن ثم يٌقرّر سبحانه بأنهم سيعودون ، لما كانوا عليه ، من الشك واللعب ، وسيضيفون إليها التولي والإعراض والعصيان والاتهام لرسوله الكريم ، ليستوجبوا عن جدارة واستحقاق ، أن يبطش بهم رب العزة بطشته الكبرى .

قال تعالى : ( وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيم (61 التوبة ) ، وقال ( الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا (57 الأحزاب ) .

يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ (16)
أما بطش رب العزة ، فهذا وصفه ( إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ (12 البروج ) . ونستطيع تصوّر طبيعة هذه البطشة ، من قوله تعالى في سورة القمر ( كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِالنُّذُرِ (33) إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِبًا إِلَّا ءَالَ لُوطٍ نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ (34) نِعْمَةً مِنْ عِنْدِنَا كَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ شَكَرَ (35) وَلَقَدْ أَنْذَرَهُمْ بَطْشَتَنَا فَتَمَارَوْا بِالنُّذُرِ (36) وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ (37) وَلَقَدْ صَبَّحَهُمْ بُكْرَةً عَذَابٌ مُسْتَقِرٌّ (38) فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ (39) وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْءَانَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (40 القمر ) ، وتماروا بالنُذر ، أي كذّبوا إنذارات لوط عليه الصلاة والسلام ، وتحذيراته لهم ، وأكثروا الجدال والاستهزاء بها ومنها ، فبطش بهم ربهم ، وما وقع من قوم لوط ، هو ما وقع من هؤلاء ، بعد أن جاءهم هذا رسولهم الكريم ، نذيرا من غضب الله ، فغشيهم الدخان ، وستبغتهم البطشة الكبرى ، وهم ما زالوا يُمارون ويتمارون ، في شكٍ يلعبون ، من أمر هذا الرسول المبين ، وأمر هذا الكتاب المبين ، وأمر هذا الدخان المبين .

ـ وما نزل بقوم لوط نستخلصه من الآيات التالية :

( … إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ (81) فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا ، جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا ، وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا ، حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ (82) مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ ، وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ (83 هود ) .

كان ذلك في الصباح الباكر ، حيث رُفعت قرية لوط عليه الصلاة والسلام بمن فيها ، إلى السماء ، وتقول بعض الروايات أن الملائكة في السماء الأولى سمعت نباح كلابهم ، ومن ثم قُلبت ، ورُميت من ذلك الارتفاع الشاهق إلى الأرض ، فأحدثت ذلك الجرف الجغرافي ، الممتد من على طول نهر الأردن ووادي عربة ، ومن ثم أُمطرت بالحجارة ، التي لا تزال ظاهرة ، إلى يومنا هذا ، بانغراسها في الطين المتحجّر ، في تلك المنطقة على سواحل البحر الميت ، وفي سفوح الجبال حوله . وخلاصة القول ، أن البطشة تعني خراب الديار وهلاك أهلها ، بغض النظر عن الوسيلة ، مشهد يحمل في ثناياه أبشع صور للانتقام الإلهي ، حين يوغل الناس بإصرار في الإجرام ، بحق الله وحق رسله الكرام ، دون وازع أو رادع ، ضاربين بإنذارات ربهم عُرض الحائط ، مستحقّين بذلك غضبا إلهيا عارما ، سيسكبه على رؤوسهم عاجلا أم آجلا .

وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ وَجَاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ … فَدَعَا رَبَّهُ أَنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ مُجْرِمُونَ (22)
ومفاد الآيات أعلاه ، هو أن حال هؤلاء القوم ، مع محمد الكريم الأمين المبين ، عليه الصلاة والسلام ، كحال فرعون وقومه مع موسى الكريم الأمين المبين ، عليه الصلاة والسلام ، وذلك نفيا لما قاله هؤلاء عنهما ، سواء من فرعون وقومه ، أو ممن أشرك وكفر من أمة محمد . ومن تشبيه الحال بالحال ، نستطيع التعرف على موقف هؤلاء القوم من محمد ، من خلال معرفة موقف فرعون وقومه من موسى ، الذي ورد بالتفصيل في القرآن الكريم ، حيث أن الآيات ، التي تصف موقف فرعون وقومه من موسى ورسالته ، تكاد تبين ما تحويه سورة الدخان ، من مقاصد إلهية ، تكتنفها الآيات الكريمة .

حال فرعون وقومه مع موسى :
ـ دعا موسى عليه الصلاة والسلام فرعون وقومه ، إلى تقوى الله ، فجادلوه واستهزءوا به ، وبما جاء به ، وأنكروا ربوبية الله ، واتهمه فرعون بالجنون ، وهدّده بالسجن ، إن اتّخذ إلها غيره ، فأراه موسى آيات ربه الكبرى ، فاتهمه بالسحر ، وببلوغه مرتبة عالية في علمه ، ليصبح كبيرا السحرة ، ونفّذ تهديده فيمن اتبعه وآمن به من السحرة .

( وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (10) قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلَا يَتَّقُونَ (11) قَالَ رَبِّ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ (12) … فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولَا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (16) أَنْ أَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ (17) … قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ (23) قَالَ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ (24) قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلَا تَسْتَمِعُونَ (25) قَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ ءَابَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ (26) قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ (27) قَالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ (28) قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ (29) قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُبِينٍ (30) قَالَ فَأْتِ بِهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (31) فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ (32) وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ (33) قَالَ لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ (34) … قَالَ ءَامَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ ءَاذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ (49) … ( الشعراء ) .

ولهذا تشابهت لغة الخطاب وتشابهت الحجة في قول الرسولين الكريمين :

موسى : ( قَالَ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ (24) … قَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ ءَابَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ (26 الشعراء )

محمد : ( … رَبِّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ (7) … رَبُّكُمْ وَرَبُّ ءَابَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ (8 الدخان )

ـ فأنذرهم الله بعذابات ، من المألوفة للناس ، كالقحط والجوع ، مشعرا إياهم بقدرته على أخذهم ، لعلهم يرجعون ، ولكنهم ردّوا هذه الابتلاءات ، إلى " الوشّ النحس " ( باللهجة المصرية ) ، لموسى ومن معه ، ولم ينسبوها إلى الله . وأصرّوا على كفرهم ، فأرسل عليهم ما لم يألفوه ، كالطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم ، فاستكبروا وكانوا قوما مجرمين . ولكنهم لما وقع بهم العذاب وعاينوه ، وعدوا موسى بالإيمان ، في حال كُشف عنهم . ورُفع العذاب عنهم لأجل مسمى ، هم بالغوه ، وفور شعورهم بالرخاء ، نكثوا عهدهم وعادوا لما سبق ، فانتقم الله منهم ، لتكذيبهم لآيات الله وغفلتهم عنها .

( وَلَقَدْ أَخَذْنَا ءَالَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ ، لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (130) فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ ، قَالُوا لَنَا هَذِهِ ، وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ ، يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ ، أَلَا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ ، وَلَكِنَّ أَكْثَر



Bookmark and Share

ننفرد بالنشر .. الياسمينة الزرقاء. عملية عسكرية سورية. الأسرار الكاملة


الياسمينة الزرقاء.. الأسرار الكاملة



خطوات زرع الفتنة

ربما كان انتخاب الأماكن ذكياً جداً للناحية الجغرافية، ولكن من وضع خطط زرع الفتنة أكثر من عبقري، ويجب أن نعترف لأعدائنا بأنهم في غاية الذكاء، وكون المطلوب في الجنوب هو فتنة تؤدي إلى خلق دويلة طائفية كان لابد من ترحيل أهالي محافظة درعا وإشعال فتنة مذهبية في عدة محاور، ولهذا بدأ فريد الغادري من واشنطن وعلى قناة العر...بية بذلك التحضير والتحريض، وكان أول من أساء لقائد الثورة السورية الكبرى بشكل غير مباشر، ربما ليعلن انطلاق المهمة، وهي تسجيل إهانة لسلطان الأطرش في إحدى أماكن درعا عبر شخص غير معروف وإيصالها للسويداء ويتلوها اغتصاب عدد من المدرّسات يعملن في درعا، ونفس الجريمة على طريق جرمانا وفي عرطوز على طريق جبل الشيخ هي الحدود التي كانت ستعلن تبدأ من السويداء وصولاً إلى جرمانا والكسوة، صعوداً باتجاه جبل الشيخ للبقاع الغربي في لبنان، وفي الأردن باتجاه الزرقاء لتصل إلى قرى المثلث، فكان يجب إخلاء السنة من هذه الأماكن.

في جرمانا أغلقت السلطات السورية الطريق وقطعت الطريق أمام الفتنة نهائياً عبر تحويل المرور، فلم تترك لعملاء الناتو مجالاً لإشعال الفتنة، وفي عرطوز ربما مهاجمة باص سرّعت باتخاذ تدابير أمنية فقطعت الطريق أمام الفتنة، وفي الحجر الأسود والقدم كان يجب إشعال هذه المنطقة بعد اشتعال الجنوب، لكن الفشل في درعا أوقف التطورات في الحجر الأسود حيث كان يجب أن يُنقل الصراع الطائفي إلى مداخل دمشق، وفي درعا نجحت العصابات المسلحة بقطع طريق باص ينقل مدرّسات، ولكن السائق استطاع الهروب رغم تحطّم الزجاج ورغم ملاحقة الباص بالدراجات النارية، ونجت الفتيات من حادثة الخطف والاغتصاب.

فإذا كانت الإساءة من قبل شخص مجهول لسلطان الأطرش سبباً للاتصالات بين وجهاء درعا والسويداء وتحوّلت إلى وحدة وطنية بين الأهالي، فإن فشل اغتصاب المدرّسات قطع دابر الفتنة نهائياً في الجنوب، وعوضاً عن قيام حرب دموية بين الأهالي قامت زيارات متّنت روابط المحبة والإخوة.

وهنا فشل تماماً المشروع وكان قد خطّط لارتكاب مجازر حقيقية يقتل فيها ما لا يقل عن عشرة آلاف مواطن، جُهّز لها عصابات مسلحة معظمها غير سوري، وفجأة أصبح ارتكاب المجزرة صعباً، ومع العفو الذي عزل العصابات المسلحة وسرّع عملية تطهير المنطقة سقط كامل المشروع، ولكنه لم ينته.

بعد ثلاثة أيام على دخول الجيش العربي السوري إلى درعا كتبت صحيفة هآرتس الصهيونية بأنه يجب على إسرائيل إعادة النظر في قدرات الجيش السوري، وقد ذهل الأعداء من قدرات الجيش ومن تماسك الشعب والوعي الشعبي وخصوصاً في الجنوب.

ملاحظة: من خلال ما حصلت عليه من معلومات تبيّن أن الأمريكي حاول إنعاش معارك من الذاكرة حدثت إبان الاحتلال العثماني، فلولا صدور العفو وسرعة الحسم في درعا، وتعاون الأهالي مع الجيش، كان هناك مجموعة مسلحة من جنسيات عربية ستقوم بمجزرة حقيقية، وكان اسم العملية على اسم معركة قديمة حدثت إبان الحكم العثماني كان سببها امرأة، واستغلت تركيا الحدث وضخّمته بهدف العودة إلى الجبل وقامت حرب، وقد كنت أجهل هذه الأمور من تاريخ سورية، لأكتشف أن العدو قام ليس فقط بدراسة البعد الجغرافي والسكاني والعسكري، بل ونبش التاريخ بحثاً عن حوادث تساهم في زرع الفتنة، لا أملك كل المعلومات عن عرس فهيدة في التاريخ إبان الاحتلال العثماني، ولكن أعلم أن عرس فهيدة في تسميات الناتو كانت مجزرة ضمن مشروع الياسمينة الزرقاء، وتعني ارتكاب مجزرة بحق قرية نائية ثم تتلوها مجزرة مقابل تلك القرية في قرية أخرى، ويقول المصدر: سبب الفشل تمركز دورية أمنية أمام مستودع الأسلحة التي كانت ستُستعمل في المجزرة، ولم يمضِ على العفو عدة أيام حتى أقرّ أحد الموقوفين بمكان السلاح وتمّت مصادرته، وهنا يقول المصدر: العفو الذي أصدره الأسد كان بمثابة كارثة على العملية، مع سرعه حسم الجيش في المدينة، وما كان استذكار التاريخ كذلك إلا لكي يستغله الإعلام ليسوق للعثمانية، بحيث كان يراد أن يظهر أردوغان على أنه سيطرد الغرب كما طرده من الشام ويعيد بناء الدولة الإسلامية، التي صنعت لها واشنطن الكثير من المتطرفين الذين لا يعلمون أن أردوغان سيصبح تاجر دمهم، وقد جهزت لقناة الجزيرة تقارير سلفاً عن عرس فهيدة.

في الساحل لم تكن الجبهة أشد خطراً، مع استقدام مجموعات مسلحة من لبنان، ورفع شعارات طائفية، كان يتمّ تحريك الشارع على أمل استفزاز الأكثرية العلوية، ليترك السنة تحت رحمتهم بعد إشعال المنطقة وتفجير مصفاة النفط وخطوط النفط والنقاط الإستراتيجية الأخرى التي ستتسبّب بكارثة أصلاً، وبحسب ما سرّبت مواقع إستخباراتية صهيونية فإن قوات سورية أبعدت سفينة للناتو في البحر، وخرقت الاتصالات ما بين الناتو ومقر العمليات العسكرية في بانياس، وأعطت للعصابات تعليمات بموجبها أرسلتهم إلى كمائن وقُبض عليهم جميعاً بعملية بيضاء، وحسب الموقع الصهيوني من بين الأسرى، فضلاً عن عدة قيادات للناتو والموساد، كان هناك ضابط أردني كبير وضابط إماراتي كبير لم يصرّح السوري عن هذه المعلومات، ولكن زيارة وزير خارجية الإمارات مرتين إلى سورية، ولاحقاً زيارة المعلم إلى الإمارات وقيام الإمارات بطرد من فرّ من عملية الياسمينة الزرقاء حسب الموقع الصهيوني (أيمن عبد النور) وطرد معارض آخر، تؤكد الخبر الذي ورد في الموقع الصهيوني.

لم يمضِ وقت طويل حتى فكك جهاز الاستخبارات السورية الشبكات المسلحة وخصوصاً منها غير السوري وشبكات الاتصالات، حتى بدأت تظهر ملامح ترنح وسقوط الياسمينة الزرقاء.

سقوط عملية الياسمينة الزرقاء

ما إن نجحت دمشق بإفشال العملية حتى بدأت مظاهر الهزيمة الأمريكية وهزيمة الناتو بالظهور، وكانت ملامح الهزيمة تتمثل بالنقاط التالية:

1- كلينتون تقول إن الأسد قدّم ما لم يقدّمه شخص آخر، وطبعاً الهدف الرئيسي مخاطبة تركيا وإسرائيل وقطر بأن مشروع الناتو فشل وقد نفاوض دمشق إذا ترددتم بالهجوم.

2- أوباما يزيد الضغط على إسرائيل ويقول: على إسرائيل العودة إلى حدود العام 1967.

3- موقع استخباراتي إسرائيلي يسرّب معلومات عن الياسمينة الزرقاء معلناً موتها، وبالتالي يهدّد الأعراب بأنه الآن كُشف عن ضابط إماراتي وغداً قد يُكشف عن كل عربي تورّط بالاعتداء على سورية إذا لم يشارك في العدوان العلني القادم.



4- الأسد خرج بخطوطه الحمراء: اللاجئون الفلسطينيون تظاهروا على حدود الجولان المحتل برسالة لا تنازل عن حل قضية اللاجئين وسورية تعترف بحدود العام 1967 كحدّ أدنى للقبول بالسلام.

5- يتمّ تأجيل مشروع نابوكو إلى العام 2017 وكان قد تمّ تأجيله مسبقاً بعد فشل العدوان على لبنان وطبعاً خط نابوكو هو جوهر الصراع.

6- إيران وسورية والعراق يوقعون اتفاق أنبوب غاز جديد يحمل الغاز من تركمانستان مروراً بالغاز الإيراني فالعراقي، مروراً بسورية إلى الغاز اللبناني فالقبرصي وصولاً لليونان، ليكون هذا الخط بيضة القبان بعد فشل الاعتداء على سورية ثمنه هو بأقل تقدير حدود الرابع من حزيران العام 1967.

7- الأسد يصدر عفواً عن الإخوان المسلمين كرسالة لاستيعابهم بالحياة السياسية إذا لم يؤجروا أنفسهم للعدو، وهذا يؤشر إلى أن الأسد كان يدرك أن فشل العدوان على سورية يعني الانتقال لتنظيم الإخوان المسلمين، والانتقال من درعا والساحل إلى حماة وجسر الشغور.

8- عبد الحليم خدام يشعر بالإحباط ويذهب إلى التلفزيون الصهيوني ليطلب تدخلاً عسكرياً تركياً.

9- أردوغان يتوقف عن دور الناصح ويبدأ بالتصعيد ضد سورية، بل ولاحقاً يقول: إن كل الخيارات متاحة بما فيها العسكري.

10- جريدة الأخبار اللبنانية وتلفزيون الجديد يتوقفان عن المهاجمة المباشرة لسورية ويخفّفان اللهجة لدرجة شعر البعض أنها انقلبت.

11- القرضاوي شيخ الفتنة يغيب عن السمع والبصر.

12- الجزيرة تعرض فيلماً عن سلطان باشا الأطرش ويسمّون إحدى الجمع باسم صالح العلي ويظهر العلمانيون (مثقفو واشنطن) على الواجهة وتبدأ مرحلة تطمين الأقليات، تحضيراً لمرحلة ثانية من العدوان.

13- يتوقف تكفير كل من يؤيد سورية في قناة وصال وصفا، بعد أن كان كل يوم يشهد فتوى هدر دم صحفي أو مثقف أو رجل دين عربي يدعم سورية.

فشل الياسمينة الزرقاء في العام 2011



الأسباب البعيدة:.0

يمكن القول: إن فشل مشروع التفتيت في العام 2006 منح كلاً من سورية وإيران مزيداً من الوقت للتحصّن، وكشف المخطط الأمريكي بشكل عام، ولهذا نرى العديد من الأسباب البعيدة قد ساهمت في حرق المشروع وإسقاطه ومنها:

1- بعد حرب لبنان تلقّت واشنطن ضربات مؤلمة جداً في العراق بدعم سوري إيراني مما أدى إلى جدولة الانسحاب الأمريكي في العراق، وبالتالي وضعت واشنطن نفسها في أزمة عامل الوقت، وفي المقابل أصبحت سورية تدرك أن عام الانسحاب من العراق هو آخر مفاجآت واشنطن وبالتالي كانت مستعدة للمواجهة، ولا تخشى المفاجآت..0

2- تأثير عمليات المقاومة في لبنان والعراق وفلسطين منح الأسد بعداً قومياً وتعاطفاً شعبياً منقطع النظير لحاكم عربي، وبالتالي قوّى جبهته الداخلية وأصبح أكثر استعداداً للمواجهة..

3- فشل المشروع أرغم واشنطن على التهدئة في لبنان عبر اتفاق الدوحة، وبالتالي كانت الخاصرة السورية مرتاحة وجاهزة لأي طارئ لتستبق الأحداث بإقالة الحريري الابن، وأثناء الأحداث تشكل حكومة غير معادية لدمشق.

4- قام التركي والقطري بالانفتاح بشكل واسع على سورية، وذلك للتحضير للعملية المقبلة وهذا منع العقوبات الأمريكية الأوروبية التي فُرضت على سورية بعد مقتل الحريري من التأثير بالاقتصاد السوري، بل منح السوري مزيداً من الوقت لتأمين احتياطات مواجهة جعلت من موازنة عام المواجهة من أضخم الموازنات في سورية.

5- بدأت سورية بالتوجّه شرقاً بنسبة عالية مما جعل أي عقوبات مستقبلية تأثيرها محدود على الاقتصاد السوري ومنح سورية المزيد من الشركاء والحلفاء.

6- سقوط عدوان تموز وتغير الإستراتيجية جعل إسرائيل تقوم بخمس مناورات كبرى، فضلاً عن احتياطات لحماية مفاعل ديمونة نُشرتْ بحجة التصدي لصواريخ غزة، وبالتالي العدو كان مستنزفاً اقتصادياً، فضلاً عن كساد الأسلحة الإسرائيلية، مما أرغم واشنطن على رفع المساعدات لإسرائيل إلى رقم غير مسبوق.

7- أطاحت الأزمة المالية بالاقتصاد العالمي وأضعفت دور دول الخليج التي دفعت الفاتورة وأصبح خيار شن حرب من قبل واشنطن نوعاً من الانتحار.

8- انتقل الصراع في شمال إفريقيا من الجزائر ونيجيريا إلى ليبيا ومصر، وتوسّعت دائرة المواجهة أمام واشنطن

9- فشل إسقاط روسيا البيضاء وقطع الغاز عن ألمانيا وتوقيع اتفاقيات خط السيل الشمالي أضعف دور ألمانيا من متزعم في العام 2006 إلى غير مبالٍ في العام 2011، ومع أزمة اليونان أضعف الدور الألماني في الأزمة تماماً.

10- تفاقم أزمة منطقة اليورو وأصبح الأمريكي في مواجهة مع الزمن.

11- صعد الصيني اقتصادياً على إثر الأزمة وتحول من الصامت إلى المواجه والرافض للإملاءات الأمريكية رغم محاولات واشنطن نقل الصراع إلى الكوريتين وتايوان وغيرها من الجبهات، بل أصبحت واشنطن أمام مواجهة مع حلفائها، حيث استقال رئيس حكومة في اليابان وفي كوريا الجنوبية والسبب الوجود الأمريكي في المنطقة وبالتالي قلبت أوراق المواجهة في آسيا.

الأسباب المباشرة:

1- حكمة القيادة السورية التي فرضت هدوءً تاماً في التعامل مع الأحداث من خلال عدم الانجرار للفخ بل إيقاع العدو في الفخ، وبالتالي قامت بتصرفات غير متوقعة مثل إطلاق إصلاحات سياسية شاملة، وعدم التصرف بأي رد فعل، وإصدار عفو غير متوقع عمّن يسلم سلاحه، وبالتالي كل ما قامت به القيادة السورية كان أفعالاً غير متوقعة من قبل الإدارة الأمريكية.

2- قوة الجيش السوري الذي حسم معارك بأوقات قياسية ومن دون أي ضحايا تذكر، وهذا ما جعل الصحافة الصهيونية تقول يجب إعادة الحساب لمقدرات الجيش السوري، الذي استطاع الرصد والتخطيط والتنفيذ بدقة متناهية.

3- إجراءات أمنية منعت تفاقم أي توتر طائفي محتمل وقطعت الطريق تماماً في كثير من النقاط، وذكرنا مثالاً سابقاً إغلاق طريق جرمانا والكثير من الأمور التي حالت دون تدخل طرف ثالث لتفجير الوضع.

4- وعي شعبي منقطع النظير كان له دور في حسم الصراع ومساعدة الجيش والأمن.

5- تدارك رجال الدين للأخطار والقيام بدور وطني جامع ساهم بتمتين الوحدة الوطنية، وقطع الطريق أمام شيوخ الفتنة.

6- إبطال الحرب الإعلامية ومواجهتها من خلال تفكيك ودحض دعوات الكذب والتضليل.

7- دخول الشباب إلى المعركة وتأسيس ما سُمّي الجيش الإلكتروني، وبدأ نقل الصراع من الساحة السورية إلى الساحات الأخرى، وبالتالي قطع الطريق أمام الأمريكي لتشكيل رأي عام مضاد لسورية.

8- استثمار عامل الزمن في الصراع، حيث كان يدرك السوريون أن عامل الزمن هو نقطة ضعف الأمريكي.

9- دخلت سورية المواجهة وحيدة وخرجت وحيدة، وبالتالي حتى سقوط المشروع الأمريكي لم تحتاج سورية فيه حتى إلى أي موقف سياسي من حلفائها، وبالتالي لم تستثمر نفوذها وحتى بعد سقوط المشروع الأمريكي حافظت سورية على كل أوراق قوتها، وبالتالي فقد الأعداء القدرة على تحديد ردّة الفعل السورية وهذا ما جعلهم في حال قلق وتوتر دائم. ويمكن القول: إن أقرب المقربين لسورية أطلق موقفه بعد سقوط مشروع الياسمينة الزرقاء ودخول التركي إلى ساحة الصراع، وهذا يؤكد أن سورية كانت متماسكة تماماً وترغم العدو على التصرف برد فعل.

10- اعتماد واشنطن في المنطقة على مجموعة من الفاسدين ساهم بتسريب الكثير من المعلومات للسوريين، وبالتالي تركت سورية الكثير من علامات الاستفهام كان لها دور في العمليات على الأرض من جهة، ومن جهة ثانية شتّتت الأعداء وزرعت عدم الثقة بينهم، وأربكت المشروع.

11- اعتماد واشنطن على خلايا تكفيرية أفقدها السيطرة عليها مما أدى إلى القيام بخطوات متسرّعة ساهمت بفضح المشروع شعبياً.في الجزء القادم التحضير للمرحلة الثانية من العدوان على سورية.. وفشل الانتقام لسقوط الياسمينة الزرقاء..؟
Bookmark and Share

الجيش العربي السوري :: استراتيجية الحرب غير المتماثلة و توازن الرعب


الجيش العربي السوري :: استراتيجية الحرب غير المتماثلة و توازن الرعب منذ الأسابيع الأولى للأحداث في سورية و خاصة بعد أن قررت القيادة السورية الضرب بسلاحها الأقوى على الأرض الجيش العربي السوري هذا الجيش الذي يشكل الجيش السادس عشر في العالم و الجيش العربي الثاني و الجيش الخامس في المنطقة بعد الأيراني و التركي و المصري و الاسرائيلي بدأت حملة كبيرة تتناول الانشقاقات داخل صفوف الجيش و ازدادت هذه الضغوط بعد تماسك الجيش لفترة 8 شهور بالإضافة إلى القدرات الكبيرة التي أظهرها الجيش السوري في حرب المدن حيث يمتلك الجيش السوري وحدات قتال خاصة متطورة جداً قادرة على خوض أي حرب مدن و تنفيذ أي عمليات إقتحام و قد اثبتت الأحداث السورية قدرة هذه الوحدات حيث قامت بتطهير مدن من عصابات مسلحة , و التي أثبتت ان هناك قوات سوريا قادرة على العمل ضمن وحدات صغيرة بإسلوب المقاومة. هذه الأمور أثارت جنون المراقبين أو لنقل المتآمرين في الخارج ولكن يبدو أنهم نسوا ما هو التكوين الفكري و المعنوي الذي يتمتع به الجندي السوري فالجندي السوري لا يستمع للأخبار أو لا يصدق الا الأخبار القادمة من القيادة لأن عقيدته الأساسية تتطلب منه الثقة الكاملة بقيادته المباشرة و العليا و الا لما صمد كل هذا الوقت بالإضافة إلى أن العديد من الجنود قد فقدوا أصدقاءهم غالباً أمام أعينهم اما في كمين غادر أو في هجوم على حاجز في منطقة ما أو في اشتباك مع بعض جيوب الارهابيين و هذا ما زاد من عزيمة هؤلاء الجنود للقضاء على هؤلاء الخونة الذين يريدون تفتيت هذا الوطن .سيناريوهات المواجهة السورية :: هل تستطيع سورية مواجهة اسرائيل و من خلفها حلف الناتو ؟الجواب المنطقي لهذا السؤال هو لا .....لكن ما لا يخفى على أي شخص يفكر بالعدوان على سورية هو أن الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد بنى و بأقل تكلفة ممكنة الجيش العربي السوري القادر على وضع توازن رعب مع العدو الصهيوني و من خلال اتباع استراتيجية الحرب غير المتماثلة إستطاعت سوريا إحتضان المقاومة لسنوات دون الخوف من أي عدوان صهيوني , مع أن الجيش السوري لا يستطيع شن حرب ضد اسرائيل و من خلفها حلف الناتو الذي يحميها و لكنه سد منيع لا يمكن تخطيه بأي ضرف من الضروف يبقي سوريا قلعه حصينة ضد اي عدوان خارجي, و يبقيها سنداً لكل حركات المقاومة في المنطقة.لعل البعض أو الكثيرين من أبناء سورية و للأسف لا يملكون الثقة الكبيرة بالجيش العربي السوري و يظنون و هو مخطئون أن اسرائيل أو أمريكا أو تركيا أو الناتو قادرون على تدمير سورية بسهولة لكن هل يمكن لأحدهم أن يجيبني على هذا السؤال :: لماذا لم تضرب اسرائيل شحنات الصواريخ التي تنقل عبر الحدود السورية الى حزب الله ؟؟ لماذا لم تقم امريكا باحتلال سوريا رغم انها كانت نظرياً قادرة على ذلك بعد حرب العراق ؟؟ سيقول البعض أن سورية هي دولة عميلة لاسرائيل و ان كل ما تدعيه من دعم للمقاومة هو واجهة لهذا النظام ...بالتأكيد لن أرد على هذا الكلام لأن من يجيب بمثل هذا الجواب لا يستحق أن تتكلم معه أصلاً لأنه غبي و لا يعرف من القراءة إلا طريقة تهجئة الحروف !!!!!االجواب الحقيقي لهذه الأسئلة هو توازن القوى الذي استطاعت سورية ايجاده بعد حرب تشرين و ايكم قصة ما يسمى أيضاً بتوازن الرعب و فكرة الحرب غير المتماثلة في عام 1973 كان الجيش السوري يعتبر من الجيوش الضعيفة و لكن مع بدء حرب تشرين التحريرية (حرب أكتوبر) بدأ يتغير مفهوم الجيش السوري و صورته, و لكن ما أن أوقفت مصر الحرب حتى أعتقد البعض أن الجيش السوري بدأ بالإنهيار بعد خسائر فادحة أصابت القوات السورية, و لكن رغم كل الخسائر صمد الجيش العربي السوري ما يقارب من ثلاثة اشهر و لم يوقف القتال حتى صدور اتفاق الهدنة الذي أدى الى خروج القوات الصهيونية من القنيطرة , و كانت أول تجربة للجيش السوري وحيداً حيث حرر أرضه بعمر الحرب و ليس بقدرات الجيش التي كانت متواضعه.مع توقيع السادات على اتفاق كامب ديفيد و ثم بدء الحرب العراقية الإيرانية أدرك الرئيس السوري أن سوريا أصبحت وحيدة في الجبهة و لهذا بدأ بالتحالف مع فصائل المقاومة من جهة و رفع شعار التوازن الإستراتيجي من جهة ثانية, فقد قرر الرئيس السوري الراحل حافظ الاسد أن يخلق توزن رعب مع إسرائيل و بربع موازنة الجيش الصهيوني و هنا بدأ تطوير الجيش السوري وفق استراتيجيات حرب مختلفة لم تشهدها ساحات القتاللم يمضي وقت طويل حتى بدأت إسرائيل حربها على لبنان و إحتلت بيروت و جبل لبنان و تبعها إنزال للقوات الامريكية, و إستطاعوا ضرب الكثير من القوات السورية في الجيش السوري, و لكن مع تفجير مقر قوات المارينز الامريكية من قبل قوى مقاومة في لبنان و خروج الغطاء الأمريكي عن جيش الإحتلال أعاد الجيش السوري و فصائل المقاومة لم الصفوف و إستعادة المبادرة و شن هجوم معاكس وفق إستراتيجية القتال بدون غطاء جوي و تم تحرير جبل لبنان و بيروت و صولا الى الجنوب و رغم الكلفة البشرية العالية التي قدمها الجيش العربي السوري و لكنه خلق توازن رعب من يومها لم تتجرأ إسرائيل على إختباره حتى الآنأثر انتهاء الحرب الباردة، وانهيار الاتحاد السوفياتي، حيث أدت تلك التحولات الى حرمان سوريا الحليف الاستراتيجي الرئيسي الذي تحصل منه على احتياجاتها التسليحية. واستمرت العلاقة مع روسيا الاتحادية، إلا أنها باتت أشبه بعلاقة شريكين تجاريين، بعدما كانت بين حليفين. فاعتمدت موسكو سياسة السداد النقدي مقابل صفقات السلاح، مع المطالبة بالديون العسكرية المستحقة عن الحقبة السوفياتية كل هذه العوامل مجتمعة، وعزوف العديد من الدول العربية عن تبنّي الصراع مع إسرائيل بعد حرب الخليج الثانية، دفعت بسوريا الى التخلّي عن "التوازن الاستراتيجي الكامل" الذي سعى إليه القائد الخالد حافظ الأسد، منتصف الثمانينيات، ومالت الى فكرة الحرب "غير المتماثلة"و بعد سقوط بغداد في 9 نيسان 2003، الى فقدان سوريا العمق العراقي. وأصبحت القوات الأميركية على حدودها الشرقية. وأتى خروج الجيش السوري من بنان عام 2005 ليفقده مجالاً حيوياً لانتشار قواته.و أعود لأقول ان ما حافظ على سورية في تلك المراحل الصعبة هو الاستراتيجية الدفاعية الفعالة التي أوجدها حافظ الأسد و مكونات توازن الرعب و ركائز هذه الاستراتيجية هو: 1- الحرب بدون غطاء جوي من خلال إستراتيجيات قتال متطورة و تحصينات خطوط القتال بشكل متطور 2- منظومة للدفاع الجوي في الجيش السوري تعتبر من أعقد منظومات الدفاع الجوي في العالم و لا يجري تشغيلها الا في وقت الحرب و حاولت إسرائيل كثيراً إستفزاز السوريين لتشغيل هذه المنظومة لكن يبقى الدفاع الجوي في أيام السلم كافي و لا تشغل منظومات الدفاع الجوي السرية الا في يوم الحرب و لازالت منظومة الدفاع الجوي في الجيش السوري تقلق إسرائيل ويقول الكاتب الإسرائيلي عوفر شيلح: "قرر حافظ الأسد بعد حزيران 1982، أنه لم يعد في حاجة إلى سلاح الجو، لأنه أدرك أنه لن يستطيع التعاطي مع القوة المتطورة لسلاح الجو الإسرائيلي، لذا بدأ السوريون يبحثون عن التوازن في مكان آخر"(5)ا. وكانت القناة الثانية للتلفزة الإسرائيلية، قد أذاعت: "أن اسرائيل تعارض بيع روسيا صواريخ مضادة للطائرات من طراز (إس ــ 300) الى سوريا، تقدر قيمتها بحوالى مليار دولار"(6). وتدّعي المصادر الإسرائيلية أن إيران الحليف الاستراتيجي لسوريا تموّل هذه الصفقة. منذ عام 1999، تسعى سوريا للحصول على منظومة صواريخ «S-300VM» ذات الفعالية العالية، وهي أحدث تعديل لمنظومة "S-300V" سام 12، التي تصنعها شركة (Concern Antey) الروسية. أُدخل صاروخ (إس ــ 300) الخدمة ضمن سلاح الدفاع الجوي الروسي منذ عام 1996. ويؤكد الخبراء أنه قادر على إسقاط الطائرات الإسرائيلية فوق المناطق الشمالية لفلسطين. 3- القدرة على رد الضربات فإسرائيل تملك أسراب من أحدث طائرات العالم بينما سوريا عدد طائراتها المتطورة محدود و لا موازنة للجيش السوري لشراء تلك الكميات من الطائرات فكان الإستعانة عنها بالقوة الصاروخية التي تبدأ بصواريخ الغراد و الكاتيوشا مرورا بصواريخ اس 21 و صولا الى صواريخ سكود قصيرة و متوسطة و بعدية المدى.و اقتناء هذه الصواريخ البالستية المتوسطة والبعيدة المدى الذي يهدف الى بناء ذراع هجومية طويلة، تمنح سوريا قدرة معينة على تهديد العمق الإسرائيلي. وأخيراً، نشر الخبير الإسرائيلي زئيف شيف تقريراً في صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية تناول فيه سعي الجيش السوري الى تعزيز قدراته، وتطوير ترسانته الصاروخية. ويعتبر شيف "ان التركيز السوري على الصواريخ والقاذفات الصاروخية، لتعويض الضعف البارز لسلاح الجو السوري، وبدل ضرب إسرائيل من الجو، يبني السوريون قوة نار هائلة بواسطة الصواريخ، ليستطيعوا قصف المدن الإسرائيلية عن بعد على نحو خطير، وتكون إصابة المواقع العسكرية داخل إسرائيل في منتهى الدقة"(1). أدى نجاح المقاومة اللبنانية، عبر استخدام القصف عن بعد بواسطة صواريخ أرض ــ أرض التكتيكية، وشلّ مناطق شمال فلسطين طوال الحرب، إلى تشجيع السوريين الذين يملكون مخزوناً صاروخياً يضاهي أضعاف أضعاف ما تملكه المقاومة، كمّاً ونوعاً. نشرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" خبراً عن قيام السوريين بإجراء تجربة إطلاق صاروخ "سكاد دي" (400 كلم) ناجحة. ونقلت الصحيفة نفسها عن أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية، "ان تعديلات أُدخلت على الصاروخ جعلته أكثر دقة وفتكاً، وأشد صعوبة على الإسقاط"(2). وتزامن الخبر مع إعلان نائب وزير الدفاع الإسرائيلي الجنرال إفراييم سنيه، نجاح تجربة إطلاق الصاروخ الإسرائيلي "حتس" (السهم) المضاد للصواريخ. ونشرت الصحف العبرية خبراً بأن دمشق تحاول إقناع موسكو ببيعها صواريخ أرض ــ أرض متطورة من طراز "إسكندر ــ إيه" الذي يبلغ مداه 280 كلم، ويمكن تزويده رؤوساً متفجرةً من أنواع مختلفة، ويمتاز بالدقة العالية، إذ لا يتجاوز هامش الخطأ فيه خمسين متراً. وهذا الصاروخ البالستي قادر على التملص من المنظومات المضادة للصواريخ. وتشير المصادر الإسرائيلية إلى أن الروس ما زالوا يرفضون طلب سوريا حتى الآن. أثار التركيز السوري على تعزيز وحدات السلاح المضاد للدبّابات، قلقاً لدى القيادة العسكرية الإسرائيلية، ولا سيما بعد الخسائر التي تكبّدها سلاح المدرعات الإسرائيلي خلال حرب تمّوز. وكان الخبير العسكري الروسي فيكتور ليتوفكين قد علّق على صراع الصاروخ مع الدبابة بالقول: "ان حزب الله قد دمّر على أقل تقدير فرقة مدرعة من مجموع الفرق السبع التي يضمها الجيش الإسرائيلي"(3)، بينما اعترف الإسرائيليون بإصابة وتدمير ما يقارب لواءً مدرعاً. كتب المحلل العسكري الإسرائيلي "أليكس فيشمان" في صحيفة يديعوت أحرونوت أن مفاوضات تدور بين روسيا وسوريا حول صفقة صواريخ مضادة للدروع متطورة من طراز "كريزنتما" وهو خليفة صاروخ كورنت الذي أبلى بلاءً حسناً، يصل مداه ستة كيلومترات، ويتلقى الأمر بشكل مزدوج، من خلال جهاز رادار متطور جداً، لا يملكه أي صاروخ مضاد للدروع في العالم، ومن جهاز الليزر القادر على تشويش أجهزة التصدي للصواريخ. وصاروخ كريزنتما قادر على اختراق تدريع كل أنواع الدبابات. وينقل فيشمان عن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية: "أن الجيش السوري يتزوّد الآن مجموعةً كبيرةً من الصواريخ المضادة للدبابات، في إطار التطوير الذي يجتازه، استناداً الى الدروس التي استخلصها من حرب لبنان"(4).ا 4- الرد على الخطر النووي الإسرائيلي بإستراتيجية تدمير المدن من خلال صواريخ ذات حمولات عالية برؤس تقليدية و كيماوية و بيولوجية , قد لا تعادل القوة الصهيونية و لكن تجعل إسرائيل تفكر الف مرة قبل الإقدام على أي عمل مجنون فتدمير مدينة سوريا يبقي سوريا دولة و لكن تدمير تل أبيب ينهي إسرائيل تقريبا , و لكن تبقى هذه القوى قوى ردع لا يمكن إستعمالها و يستبعد إستعمالها في أي حرب. 5- منذ أواخر التسعينيات، بدأ الجيش السوري يعزز أفواج القوات الخاصة التي تماثل بأسلوب قتالها أسلوب حرب العصابات. وتعتمد نظام تسلّح مناسب، يسهل إخفاؤه وتحريكه، لتشكل الأسلحة "المضادة" من أنظمة صواريخ مضادة للطائرات، وصواريخ مضادة للدروع عموده الفقري. وتركّز القوات الخاصة على تنفيذ الإغارات، وتنظيم الكمائن المخصصة للدروع والأفراد، والقتال الليلي، وإقامة العقد الدفاعية. وتضم في تشكيلاتها فصائل متخصصة في صواريخ أرض ــ أرض ذات المدى القصير والمتوسط. ويبدو أن نجاح الأساليب القتالية ــ حرب العصابات ــ التي اعتمدتها المقاومة في حرب تموز، عزز هذا الخيار لدى الجيش السوري. فاعتماد أساليب قتال غير تقليدية في وجه جيش تقليدي متطور، والتسلح بأسلحة خفيفة وفعالة، يربكان العدو ويبطل الكثير من قدراته التكنولوجية الحديثة. لذا يجب على الجيش النظامي غير القادر على امتلاك التكنولوجيا المتطورة (كحال الجيوش العربية)، إعادة النظر في استراتيجيته القتالية، وبالتالي التنازل عن أساليب القتال التقليدية، حيث السبق فيها للجيش الحديث، لينتقل الى ميدان آخر، كي يخوض حرباً "غير متماثلة". وفي السنوات الماضية، عانت القيادة السورية صعوبات جمة، للحفاظ على كفاءة قواتها العسكرية، والقدرة على تسليحها. ويبدو أنها باتت تركّز في عمليات البناء العسكري، على توسيع هيكل القوات الخاصة، وإعطائها الأفضلية على بقية القطاعات الأخرى. وينقل فيشمان عن مراجع أمنية اسرائيلية أن الجيش السوري "يطوّر الوحدات المضادة للدبابات وسلاح المشاة، وفي هذا الإطار تمت زيادة عديد وحدات الكوماندوس"(8)ا. 6- التحكم بعمر الحرب حيث قامت سوريا ببناء أمن غذائي و دوائي و إحتياط غذائي إستراتيجي يجعلها قادرة على خوض حرب لشهور طويلة و هذا ما يرعب إسرائيل التي تخاف من الحرب الطويلة 7-تعتمد سوريا على سلاح المدرعات، ولو بنسبة أقل. إذ يمتلك جيشها البري ما يزيد على خمسة آلاف دبابة وعربة قتالية من الأنواع المختلفة. ويفترض نشرها في المناطق المحتمل تقدم الإسرائيليين منها في حال المواجهة العسكرية، للاستفادة من قدراتها النارية، أكثر من حركتها. ولا بدّ من خندقتها وتمويهها كي يصعب على الطائرات الإسرائيلية كشفها. فالدبابة تصبح هدفاً سهلاً، متى انعدمت الحماية الجوية، مثلما حدث لسلاح المدرعات المصري في صحراء سيناء أثناء حرب حزيران 1967. و بسبب كل ما سبق و بسبب هذا التوازن الاستراتيجي الذي يصنعه الجيش السوري في المنطقة فهذا الجيش مستهدف في أي تحرك خارجي أو داخلي متآمر و اذا كنا نتابع سياسات أمريكا في حروبها السابقة فسوف نعلم أن أول ما تقوم به هذه الدول بعد اجتياحها أو احتلالها أو سمّه ما شئت للبلدان هو تفكيك جيوشها و أحدث مثال هو الجيش العراقي الذي كان جيشا قوياً يحسب له حساب في موازين القوى في المنطقة أما الأن فأين الجيش العراقي ؟؟ يقدّر أليكسي فيشمان المراسل العسكري لصحيفة يديعوت أحرونوت : "أن يستكمل الجيش السوري ثورته الحالية في غضون ثلاث الى أربع سنوات"(9). وأشار جنرال إسرائيلي الى "أن سوريا تستثمر منذ سنوات في ميدان يمكن أن تتفوق فيه على إسرائيل مثل المدفعية المضادة للطيران والصواريخ والملاجئ المحصنة. وأثبتت حرب لبنان الصيف الماضي أنها أحسنت فعلاً بذلك"(10)ا.في مجمل الأحوال، فإن كل المؤشرات تدل على أن القيادة السورية قد استوعبت دروس حرب تموز. وتعمل على بناء "جيش مختلف" حسب تعبير "أليكس فيشمان" "سنرى جيشاً برياً سورياً مختلفاً عما عرفناه اليوم"(12)ا.جيش مختلف، من حيث تركيب هيكل القوات، ونظام التسلّح، وأساليب القتال، والأهم جيش يعتمد استراتيجية دفاعية من نوع "مختلف".أصدقائي إن العالم لا يحترم إلّا القوي و إذا أردنا أن نحافظ على بلدنا عزيزة قوية يجب علينا أن نحافظ على جيشها الذي هو قادر على رد أي عدوان قد تتعرض له سوريا الأن و في المستقبل .
بقلم Ismail Majar


Bookmark and Share

العملية الامنية "تحطيم الاوهام".... اسرار المرحلة الاولى لتطهير حمص


العملية الامنية "تحطيم الاوهام".... اسرار المرحلة الاولى لتطهير حمص

مع بداية العمليات الامنية في جبل الزاوية ونتيجة للتنصت الالكتروني ،كانت تظهر اشارات لاسلكية من نوع متطور تم تحديد جهتها من الجنوب، تابعت الوحدات الالكترونية عملها فتأكدت ان المصدر هو المنطقة الوسطى،وكانت البداية.
***...
مع انتهاء العمليات في جبل الزاوية تمت بعض العمليات الامنية السريعة في الاماكن التالية...الرستن ...الحولة...تلكلخ ...القصير...كل عملية كانت تعطي دلائل جديدة عن نوع الاتصالات وعن مركز الارسال، ولكنها تشير الى قاسم مشترك وحيد وهو ان مركز الاوامر هو من ثلاث مواقع رئيسية، وان كل مركز يدير جانب من المعركة.
تم نشر مجموعات سطع في المناطق لتدقيق المعلومات وتبين التالي:
-مركز البث للاعلام والاشراف على التنسيقيات هو منطقة الحولة بجانب مريمين.
ـ مركز العمليات المالية وتأمين السلاح هو منطقة الرستن وتلبيسة
ـ مركز القيادة العسكرية وتأمين الارهابيين هو باب عمر والقصير
في المراحل الاولى للتصدي للارهابيين كانت تلتقط اجهزة السطع العبارات التالية ...اصمدوا لاسبوع واحيانا يتم الطلب بالصبر لمدة شهر واحيانا لأيام .
كانت الاراء التفسيرية تتجه الى ان هذه الرسائل هي لتقوية المعنويات أوربما يقصد بالرهان على الشارع ..لقد كان مستبعدا فكرة تأمين ارهابيين من الخارج، ولكن مع استمرار الرسائل ومع الطلب الى ضرورة المتابعة في الانشطة مهما تكن النتائج ,جعل القيادة تفكر بأن هناك مخطط يجعل البعض يصر على متابعة نشاطه العسكري حتى ولو كان افقه مسدود.
وجهت القيادة بالتدقيق أكثر في المناطق الحدودية ، وتبين ان غرفة القيادة العسكرية هي في لبنان بمحاذاة القصير وهناك كانت تتم كل عمليات التجهيز والاعداد لصراع وقتال طويل..
تم استقدام اجهزة تنصت متطورة وكانت المفاجأة الموأمرة.امريكا واذنابها تجهز لعمليات عسكرية قاسية وقد وضعت 7000 ارهابي تدربوا جيدا في شركات امنية كان قد استقدمها سعدون الحريري لقتال حزب الله وعندما فشل تم تعزيز هؤلاء لزجهم في معركة مع سوريا.بدأت الامور تتجه باتجاه خطير فهؤلاء مقدمة لتدخل غربي يكون ذريعة لتدخل أكبر.انقسمت الاراء في القيادة بين من رأى امكانية منعهم من دخول سوريا وفضحهم اعلاميا وبين من رأى ضرورة استقدامهم الى سوريا واجتثاث وجودهم وبذلك ننهي امكانية تكرار لاعمالهم..... استقر الرأي على خوض المعركة واجتثاث هؤلاء من جذورهم وتلقين الاعداء درسا مهما في القتال.
وضعت الخطة التالية.
عدم زج اي قوات على الحدود وبدأ تطهير الرستن والحولة والقيام بعمليات تطهير بطيئة ماأمكن .
بدأ الامريكيون بترتيب تنقل وحداتهم المقاتلة واعين الجيش السوري تراقب
تم ادخال حوالي 2000 مجرم مرتزقة من اقرى الحدودية ، وتم تأمين اقامة لهم في مزارع باب عمر وتل الشور.
بعد الانتهاء من تنظيف الرستن وتلبيسة وبعد هروب قسم من المجرمين باتجاه باب عمر .بدأت القوات المسلحة بعملية تطهير في الحولة " تلدو ،كفر لاها، تلذهب، طيبة"..وكان الطريق الى باب عمر مفتوحا وتم فرار بعض المسلحين اليها .
انتقلت عمليات التطهير من جديد الى تلكلخ وايضا بدأت عمليات التطهير في احياء حمص ..البياضة...ديربعلبة...باب السباع ..النازحين ...المريجة..التقطت القيادة اوامر جديدة للمسلحين ...تأمرهم بالاتجاه الى باب عمر لآن المعركة الحاسمة اقتربت اتخذت القيادة عدة تدابيرمنها منع دخول اي عناصر جديدة من لبنان وبدأ الجيش اللبناني بعمليات الملاحقة في الداخل اللبناني التعاون مع اللجان الشعبية بالقرى الحدودية والتقاط كل العناصر التي تأتي من لبنان وقد حقق هذا الاتفاق انجازا رائعا.بدأت القوات تدفع بالمخربين والارهابيين من حدود التماس مع لبنان الى الداخل وبدأ الجيش انتشاره على الحدود اللبنانية تم التأكد من عدم انتشار المسلحين خارج حدود باب عمر وخاصة ان اوامر قيادة الارهابيين تواصل تأكيدها على تجمع المسلحين بباب عمر .
في الجانب السياسي
قررت امريكا ان تنفذ مخططها مع تجييش من الجامعة العربية بحيث يصبح تطور القتال بمثابة ادانة للحكومة السورية وانها تريد متابعة العنف فاجتمعت الجامعة بايعاز امريكي وقررت ماهو معروف .
وفي تفس اليوم ادعى غراب قطر بأن العنف في سوريا غير مقبول
*****

بعد الاطلاع على كامل التفصيلات وتداعياتها تم وضع الخطة التالية:
نشر القوات في كامل المنطقة ابتداء من القصور ...سوق الهال...المزارع الغربية وصولا الى المصفاة وباتجاه كامل المحيط المجانب للمتحلق الدولي حمص دمشق.
بدأت العمليات على وقع النشاط السياسي الذي دارته القيادة ببراعة وهي تعلم مايخطط لها.
قررت القيادة حسم المعركة خلال عشرة ايام.
بدأت عمليات التطهير وفي اليوم الاول خسر الجيش حوالي 20 شهيدا وأكثر من 100 جريح وقد تبين ان هنالك اكثر من 200 رامي ار بي جي بالاضافة الى حوالي 300 قناص واكثر من 6000 مجرم مسلح.
اتخذت القيادة قرارا حاسما بأن حياة الجندي أغلى من كل هؤلاء وممنوع المخاطرة فكل مقاومة تدمر تدميرا تاما.
وبدأ سير العمليات العسكرية يحقق النجاحات الكبيرة فلاخسائر في الجنود بعد اليوم الاول وبدأت تظهر هشاشة الارهابيين امام القرار الحاسم لجنودنا وتصديهم الباسل وبدأ السقوط المريع للمخطط فسوريا نجحت سياسيا وهاهي تقطف الانتصار العسكري. مئات من اللبنانيين والمرتزقة المدربين على القتل يحملون هوية مزورة للاسلام ومئات من المجرمين السوريين القتلة الذين باعو ضمائرهم للشيطان يسقطون بين قتيل وجريح ومقبوض عليهم يوميا وماهي الا ساعات وتعلن القيادة انتهاء المجموعات الامريكية الامنية من الوجود. وتعود باب عمر أكثر نظافة مما كانت وايضا ستعود حمص قلعة للصمود فهي اولا من قتل المؤامرة وهي أولا من ضحى بدماء ابنائه الذكية التي وقفت سد في وجه من اراد تدمير سوريا


Bookmark and Share

بيان إدانة “لائحة القومي العربي” لقرار الجامعة العربية بتعليق عضوية سوريا


بيان إدانة “لائحة القومي العربي” لقرار الجامعة العربية بتعليق عضوية سوريا
الجامعة العربية تُسقط أخر أوراق التين عن نفسها، وتعد لتفجير سوريا
نعم لجامعة شعبية عربية بديلة
تجاوزت الجامعة العربية الحد هذه المرة أكثر من أي وقت مضى، فقد سبقت أن شرعنت دخول القوات الأجنبية إلى وطننا العربي أكثر من مرة، من العراق لليبيا، وسبق أن تواطأت سياسياً مع غزوات واحتلالات أجنبية، ومنه الاحتلال الصهيوني لفلسطين طبعاً، والعدوان على غزة، وتهاونت عن نصرة أبناء الوطن العربي ممن يتعرضون للاحتلال، وغضت النظر عن مشاريع التفكيك والحروب الأهلية كما في الصومال والسودان، ولكنها ذهبت هذه المرة إلى حد نزع المشروعية عن عضو مؤسس، وهذا لعب بالنار، لأنه يطرح مشروعية الجامعة نفسها على بساط البحث
.
إن الجامعة العربية هي التي نقضت مشروعيتها بفصلها عضو مؤسس بصورة غير قانونية، وليست سوريا هي التي فقدت مشروعيتها بالجامعة… تلك الجامعة التي أوجدها الاستعمار البريطاني لتكريس الفرقة بين الأمة العربية، ماضية الآن بتنفيذ مهمتها. وقد أطلقت عليها دويلة قطر الرصاصة القاتلة بتوجيه صهيو-أمريكي. فأين كانت الجامعة عندما انتهكت أعراض العرب في أبو غريب وعندما صال العدو الصهيوني وجال من لبنان عام 2006 إلى غزة عام 2009؟! لقد افتقدناها كثيراً في الوقت الذي كان يفترض فيه أن تكون عوناً للشعب العربي، وها هي من جديد لا تسكت إلا عن ظلم، ولا تُظاهِر إلا على عدوان، حتى دخلت من أوسع الأبواب إلى دائرة الخيانة العظمى التي سيحاسبها التاريخ وشعبنا العربي عليها لا محالة.
إن الجامعة العربية فضحتنا وأحرجتنا عالمياً بإصرارها على تسويق ما أسمته ب”المبادرة العربية” في شهر آذار 2002 للتفاهم مع العدو الصهيوني، وقد استخف العدو بتلك المبادرة وحولها إلى ممسحة سياسية عمومية، وقد رفضت الجامعة أن تسحبها حتى الآن بعد أكثر من تسع سنوات بالرغم من كل ما قام به العدو الصهيوني من مجازر وعدوان وانتهاكات… أما مع سوريا، التي قبلت المبادرة العربية المتعلقة بالشأن السوري، فقد تم التعامل بصورة فظة واستباقية، ولم تتابع الجامعة العربية خطوات مبادرتها السورية، ولم ترسل وفداً كما اتفق لمراقبة الوضع الداخلي السوري ولا أرسلت أسماء أعضائه، بل سارعت لاتخاذ إجراءات عقابية حتى بعدما وافقت عليها سوريا، ورفضت حتى أن تُعقد قمة استثنائية لمناقشة قرار تعليق عضوية سوريا!
إن مثل هذا التعامل المزدوج يدل أن قرار الجامعة العربية ليس قراراً عربياً أصلاً، بل قرار تابع لقوى الهيمنة الخارجية، وقرار تعليق عضوية سوريا في الجامعة العربية هو باختصار قرار أمريكي-صهيوني، والجامعة العربية باتت أداة مكشوفة أخرى بيد أعداء الأمة، تماماً مثل قناتي “الجزيرة” و”العربية”، يحركها البترودولار وعمالته السياسية، وقد تجلى مثل هذا الدور الرخيص، أكثر ما تجلى، في تخلي سلطة الحكم الذاتي الفلسطيني عن رئاسة الدورة الحالية للجامعة لقطر كما هو معروف.
وقد نجحت سوريا بإحراج الجامعة العربية، بدلاً من العكس، عندما وافقت على المبادرة العربية بشأن سوريا، بالرغم من كل عيوبها وغموضها، وهو ما وضع التحالف العدواني الناتوي-الخليجي بمأزق سياسي، ووضع التحالف الداخلي الإخواني-الليبرالي بمأزق أكبر، ومن هنا كان لا بد من حرق المراحل وتقديم الغطاء السياسي العربي للمعركة الدموية القادمة ومشروع الفتنة والدمار الذي يعدون له في سوريا أسوة بما جرى في العراق وليبيا، وهو الهدف الحقيقي لقرار تعليق عضوية سوريا في الجامعة العربية، والسعي لتقديم عملاء الناتو السوريين كبديل معتمد عربياً، ومن ثم دولياً، للقيادة السورية.
إن محاولة عزل القيادة السورية وإسقاطها وكشف غطائها السياسي وسحب مشروعيتها هو مشروع أمريكي-صهيوني معلن رسمياً، وقد ردت عليه الجماهير السورية بالنزول بالملايين إلى الشارع لأنها فهمت أنه مشروع يستهدف سوريا نفسها دولةً وقيادةً وشعباً. ونؤكد بدورنا أن أية دعوة للرئيس بشار الأسد بالتنحي في لحظة الصدام هذه مع أعداء الأمة هي دعوة أمريكية-صهيونية مكشوفة، وتجاوز على السيادة العربية لمصلحة أجندة غير عربية، ومجرد مدخل لتدمير سوريا وحرقها وإعادتها لحظيرة التبعية، وعليه فأننا نعلن وقوفنا مع القيادة السورية بالكامل في هذه اللحظة التاريخية وفي هذه المعركة ضد العدوان الخارجي وضد المؤامرة الداخلية، كما نؤكد أن مشروع التغيير والإصلاح الحقيقي الذي نتبناه هو ذاك المنفصل عن الأجندات الخارجية، والذي يضع التناقض مع الطرف الأمريكي-الصهيوني في رأس أولوياته.
وبغض النظر عن تطورات الأزمة بين سوريا والجامعة العربية، وتطورات الوضع الداخلي السوري، فإن الجامعة العربية باتت اليوم أداة الأنظمة الملكية لمحو آثار موجة التحرر القومي والوطني التي اجتاحت الوطن العربي في الخمسينيات والستينيات. فما يجري اليوم هو في أحد جوانبه محاولة تصفية حساب ملكية نفطية (وغير نفطية) مع التاريخ العربي الحديث. لذلك نرى، كقوميين عرب، أن الهجمة الشرسة غير المسبوقة التي تتعرض لها العروبة اليوم سياسياً وعسكرياً وعقائدياً صارت تتطلب تأسيس جامعة شعبية عربية تعبر تعبيراً حقيقياً عن المصلحة القومية العربية والأمن القومي العربي، وهو ما أصبح ضرورة ملحة راهنة كانت دوماً ضرورة ملحة تاريخية.
لقد حان الوقت لتجاوز الجامعة العربية التي تأسست لمنع الوحدة العربية أصلاً بعد أن أطلقت هي رصاصة الرحمة على رأسها. والجامعة العربية لم تعكس أية صيغة وحدة قومية، بل سعت دوماً، على العكس من ذلك، لتكريس صيغة التجزئة القطرية وتثبيتها .. ولم تعكس قراراتها الإرادة الشعبية العربية، بل ميزان القوى وتقاطعات المصالح بين أنظمة التجزئة التي وضعت أصلاً لمنع التحرر والنهوض والوحدة في الوطن العربي. وما دامت الجامعة عازمة على اجتثاث أي أثر للموقف القومي والوطني والمستقل من صفوفها، وهو ما يجب أن تفهمه بعض الأنظمة التي سيأتي دورها بعض أن قايضت بقاءها في الجامعة العربية مؤقتاً بتعليق عضوية سوريا، فإن الجامعة العربية تكون بذلك قد أسقطت أخر أوراق التين عن نفسها. ونرجح أن يكون ذلك مقدمة لتغيير هويتها من عربية لجامعة “شرق أوسطية” تضم “إسرائيل” وتركيا والدويلات المفككة إذا نجح ما يعدون له من تآمر وفتن.
لهذا نؤكد للسوريين، ولليبيين، وللعراقيين، وللفلسطينيين، وللبنانيين، ولكل من تضرر مَن العرب مِن تهاون الجامعة العربية وتواطؤها عبر الزمن، وخيانتها المفضوحة للعروبة اليوم، أن العروبة والقومية العربية لا تلامان على ما تأثم فيه الجامعة العربية، فلا يجوز أن نحمَّل القومية العربية وزر من يعيشون على إدامة التجزئة من أنظمة الاستبداد والفساد، خاصة بعد أن ظهر اليوم أن القومية العربية هي المرجعية الضرورية والراهنة لمشروع النهوض والتحرر القومي، وبعد أن تكشفت حسابات الإسلاميين المتأمركين وانخراطهم في المعسكر المعادي للأمة مع الليبراليين العرب تحت عباءة البترودولار.
وعليه فإننا نطالب المناضلين القوميين، خاصة من الدول العربية التي تأذت أكثر من غيرها من سياسات جامعة الدول العربية ومواقفها، مثل العراق وليبيا وسوريا ولبنان وفلسطين، بالتجمع في سوريا لتأسيس جامعة شعبية عربية ستكون مكسباً كبيراً لهذه الأمة بعد انتهاء هذه الأزمة، ويمكن بالكثير من الجهد والنضال أن تصبح بديلاً حقيقياً للجامعة الرسمية العربية الرثة، مع قناعتنا أن مثل تلك الجامعة الشعبية العربية تصبح أكثر ضرورة كلما مضت الجامعة الرسمية العربية في غيها وخيانتها وضلالها.
لكننا يجب أن ندرك في النهاية أن معركة سوريا اليوم ليست معركة السوريين وحدهم، كما لم تكن يوماً معركة ليبيا أو العراق أو فلسطين أو لبنان معركة الليبيين أو العراقيين أو الفلسطينيين أو اللبنانيين وحدهم، بل هي معركة الأمة دفاعاً عن وطنها التاريخي بكافة أجزائه، وعن دورها التاريخي، وعن وجودها وسيادتها. ولهذا فإننا ندعو لتشكيل لجان شعبية عربية للدفاع عن سوريا في كافة الدول العربية والمهجر، وندعو لتفعيل النشاط السياسي والإعلامي والشعبي المناهض للمؤامرة الداخلية والخارجية ضد سوريا.

عاشت سوريا رافعة لواء القومية العربية.. عاشت الأمة حرة موحدة!

لائحة القومي العربي
16/11/2011



Bookmark and Share

دمشق تعرض موقفها بمؤتمر صحفي: لا تدويل ولا نموذج ليبياً


جدّدت القيادة السورية، أمس، رمي الكرة في الملعب العربي: «إن أردتم المشاركة في المؤامرة، فهذا شأنكم، لكننا سنواجه ونواصل مدّ يدنا لكم وثقتنا بكم كبيرة بالتعاون، لعلمكم أن الأمن السوري يؤثر على الأمن القومي العربي»، كل ذلك في كلام هجومي صاغه رئيس الدبلوماسية وليد المعلم على طريقته الهادئة
خرج وزير الخارجية السورية وليد المعلم، في مؤتمره الصحافي أمس، بمواقف قوية لكن هادئة، تشديد على وجود مؤامرة وعرض لطريقة محاربتها طبع الخط السياسي لكلام المعلم، الذي سعى للطمأنة إلى أن لا تدويل ولا إسقاط للتجربة الليبية على الساحة السورية، وإن لم يمنعه ذلك من شنّ حملة على الأمين العام للجامعة العربية ودولة قطر تحديداً. وقد تمكن المعلم من اعتماد لغة هجومية وسلسة في آن واحد إزاء الجامعة العربية ككل، مجدداً ثقة الحكم السوري بها رغم إشاراته إلى انسياقها في خانة «المؤامرة» على سوريا. وقال المعلم، الذي وصف قرار وزراء الخارجية العرب يوم السبت بأنه «شديد الخطورة»، إن سوريا لا تزال تدرك «حجم المؤامرة» التي تواجهها. وسعى إلى الطمأنة لكون «التدويل وتكرار السيناريو الليبي في سوريا لن يحصلا لأن سوريا ليست ليبيا كما أن الأوروبيين يعانون في اقتصاداتهم، ولأننا متمسكون بالعمل العربي المشترك لسبب وحيد هو أن سوريا قلب العروبة النابض، ولن يكون هناك عمل عربي مشترك من دونها».
وجدد الإشارة إلى أن سوريا «تتجه نحو نهاية الأزمة»، مخاطباً العرب بـ«إذا قررتم أن تكونوا متآمرين فهذا شأنكم». وتوقف المعلم عند أهمية الطلب السوري بعقد قمة عربية طارئة، مكرراً ترحيب دمشق بزيارة اللجنة الوزارية العربية «ومعها من تراه مناسباً من خبراء ومراقبين» قبل يوم غد لسوريا للإشراف على تنفيذ المبادرة العربية. ووضع «المؤامرة التي تتعرض لها سوريا» في خانة «دفع ثمن صلابة مواقفها وصدق عروبتها»، لافتاً إلى أنها «ستخرج من أزمتها قوية، رغم ما يرميها به بعض الأشقاء»، ومؤكداً أن «التآمر على سوريا مصيره الفشل». وتوقف رئيس الدبلوماسية السورية على قضية تعليق عضوية سوريا في الجامعة العربية، كاشفاً أن «مخطَّط اتخاذ إجراء ضد سوريا عبر تعليق عضويتها كان موجوداً في وقت سابق لأي طرح في هذا الموضوع». وتحدث الوزير عن خبايا الاجتماع التشاوري الذي عقدته اللجنة العربية المكلفة الاتصال بدمشق في فندق «الفورسيزنز» في القاهرة ليل الجمعة، من دون دعوة الوفد السوري، موضحاً أنه خلاله «طُرحت فكرة تجميد العضوية، الأمر الذي عارضته عدة دول عربية، وانتهى الأمر إلى قرار بتأليف لجنة وزارية عربية تبحث الأمر في دمشق، وهذا لم يحدث».
وجدّد اتهام اللجنة العربية المذكورة بالعمل ضد سوريا، بدليل أنه بعد الموافقة السورية على الخطة العربية، «جرى تصعيد إعلامي غير مسبوق من قنوات التحريض وكذلك تصعيد في العمليات الإجرامية المسلحة على الأرض». وهنا، عدّد المعلم الخطوات التي التزمت بها دمشق في إطار تنفيذ المبادرة العربية، وهو ما واجهته «المجموعات المسلحة» والولايات المتحدة وسط «غياب لأي رد فعل من الجامعة العربية»، ليخلص إلى أن «الخطة كانت مقررة ومبيتة وتنتظر الذرائع، والقرار (العربي) الصادر على أي حال غير قانوني».
وفيما رفض المعلم التعليق على العلاقة السورية ـــــ القطرية، كشف أجزاءً من وقائع زيارته للدوحة قبل نحو أسبوعين، مكرراً موقف بلاده المرحب بمشاركة جميع المعارضين. وبشأن هذه النقطة، لفت المعلم إلى أن الروس يريدون أن يكون لهم «دور مؤثر في الحوار الوطني المزمع عقده، وهذا شيء إيجابي». حتى إن المعلم اتهم الجامعة العربية برفض تحديد آليات لتطبيق المبادرة في الدوحة، ملمحاً إلى مسؤولية دول الجوار في عدم ضبط الحدود لمنع تهريب السلاح»، وهذا الأمر بأيدي دول الجوار، إضافة إلى وقف الحوالات المالية التي تأتي من دول الخليج». ووصل الأمر بالمعلم إلى الكشف أن الوفد السوري أعرب عن استعداده لفتح مكتب لقناة «الجزيرة» في سوريا «وفق أسس الموضوعية»، مستدركاً أنه «بعدما رأينا تصاعد التحريض منذ الموافقة السورية على الخطة العربية، استغربنا لأننا عندما كنا في الدوحة قالوا لنا إذا وافقتم على خطة العمل فسنحشد المثقفين والإعلاميين ورجال الدين بمن فيهم يوسف القرضاوي لدعم هذه الموافقة، ولكن هذا الشيء لم يحدث».
ورغم مهاجمة القادة العرب، عاد المعلم ليعرب عن ثقة بلاده بهم، وذلك رداً على سؤال عن الدعوة السورية لعقد قمة طارئة، قائلاً: «نثق بحكمة القادة العرب ورؤيتهم الواقعية لتطورات الأحداث في المنطقة ومساهمتهم في حل الأزمة على قاعدة أن الحل سوري سيصب في تعزيز الأمن القومي العربي».
وصوّب المعلم سهامه تحديداً على الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي من باب تصريح الأخير بأنه سيتشاور مع أطياف المعارضة، لا الحكومة السورية، واصفاً ذلك بأنه يدعو إلى «الخزي والعار ولن يشرفنا التشاور معه»، متسائلاً: «هل هناك قلة حياء أكثر من دعوة الجيش العربي السوري إلى عدم التورط في أعمال العنف والقتل ضد المدنيين؟». ولم يوفّر الرئاسة القطرية للجنة مبادرة السلام العربية من انتقاداته على خلفية فشلها في إقناع دولة أفريقية كي تكون الصوت التاسع في مجلس الأمن لمصلحة الاعتراف بدولة فلسطين في الأمم المتحدة. ورداً على سؤال عن مهاجمة بعثات دبلوماسية في دمشق واللاذقية وحلب، قدم المعلم اعتذار بلاده عن الموضوع. أما عن الكلام على أنباء عن عزم تركيا إقامة منطقة عازلة مستقبلاً، ردّ الوزير بأن «سوريا ستدافع عن سيادة كل شبر من أراضيها»، مستبعداً أن يقوم «الأشقاء في تركيا بهذه الخطوة».
وفي تعليقه على خطوات عربية مقبلة محتملة، اعترف بأن قيادته «مقصرة في موضوع الحوار، وأرجو أن نتدارك ذلك»، مفضلاً عدم التحدث عن الجامعة العربية كثيراً؛ «فقرارها الأخير مشين وخبيث، ولذلك يجب أن نتوقع منه أشياء أخرى تبنى عليه». وكشف المعلم أنه لن يشارك في منتدى الحوار العربي ـــــ التركي المقرر في الرباط يوم الأربعاء، وعلى هامشه يعقد وزراء الخارجية العرب اجتماعاً.
على صعيد آخر، توحّد الموقفان الروسي والإيراني على التنديد بقرارات وزراء الخارجية العربية، بينما اقتصر التعليق الصيني على دعوة دمشق إلى تنفيذ بنود المبادرة العربية؛ وفيما وصف وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف القرار بأنه «غير صائب»، أشار الناطق باسم وزارة الخارجية الإيرانية رامين مهمانبرست إلى أن القرار «سيعقّد البحث عن حل سلمي للأزمة السورية». في المقابل، اتهم الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز الولايات المتحدة وأوروبا بإرسال «إرهابيين» لإثارة العنف في سوريا.
وفي تداعيات القرارات العربية الأخيرة، برر وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري موقف بغداد المتحفّظ على قرار تعليق عضوية سوريا في الجامعة العربية، بالقول إن «الوضع في سوريا يؤثر بصورة مباشرة على العراق». غير أنه استدرك بالتذكير بأنّ «هناك التزامات بالنسبة إلى العراق بمحيطه العربي الدولي لا يمكن أن نتغاضى عنها». وفي السياق، خرجت الجزائر عن صمتها، وناشد المتحدث الرسمي باسم وزارة خارجيتها عمار بلاني، الحكومة السورية اتخاذ إجراءات فورية لوقف العنف بهدف تجنب تدويل الأزمة السورية.


Bookmark and Share