تزويج القاصرات.. اغتصابٌ وبيعٌ في سوق النخاسة
بتاريخ 4:43 م بواسطة ADMIN
عندما خَرَجت من المنزل، لم تستطع جمع أشيائها نظراً لضيق الوقت، كل ما أخذته كان دميةً غاليةً على قلبها، والقليل من الأوراق الملونة.. خرجت طفلة بضفيرتين ودمية، ودخلت مخيم اللاجئين مع أسرتها، مصدر عارهم، وهمٌ لابد من التخلص منه بتزويجها لأول متقدم .. حال فاطمة، لم يكن إلا نموذج كثيرات، دفعت الأزمة ذويهن إلى الموافقة على ترويجهن لأوّل طالب، بغض النظر عن العمر أو الحالة النفسية، فحالات الاغتصاب والتحرش التي تتعرض إليها الفتيات الصغيرات في مخيمات اللجوء أو حتى أماكن النزوح، كثيرة، والتخوف من العار وكثرة الاتهامات، كانت أسباباً أساسية لدى بعضهم لرمي فلذات أكبادهم في بيتٍ مجهولٍ، دون ضمانة أو قيمة..
* اليوم العالمي للفتاة منذ أيام قليلة، تجددت المطالبات الدولية بالحد من ظاهرة زواج القاصرات، وذلك بمناسبة اليوم العالمي للفتاة، الذي احتفل به للمرة الثانية في الحادي عشر من تشرين الأول الجاري، حيث طالبت منظمة “هيومن رايتس ووتش” الحقوقية دول العالم بوضع محاربة زواج القاصرات في سلم أولوياتها السياسية. وقالت المنظمة الحقوقية: إن زواج القاصرات تحت سن الثامنة عشرة يخرق حقوق الفتيات، كالحق في التعليم والحق في عدم التعرض للعنف. وأشارت المنظمة إلى أن زواج الفتاة المبكر، غالباً ما يمنعها من ولوج المدرسة، كما أن الفتاة تصبح عرضةً لصنوف من العنف الزوجي. وطالبت المنظمة الحكومات بوضع سنّ قانونية للزواج لاتتعدى الثامنة عشرة، إضافة إلى سن قوانين تعاقب، من يجبر الفتاة على الزواج في سن مبكرة. وكان صندوق الأمم المتحدة للسكان قد قدر سنة 2005 عدد الفتيات اللائي سيتزوجن زيجة مبكرة بمئة مليون فتاة عبر العالم.
* مهور منخفضة لزوجات صغيرات في الأزمة، التي تعيشها البلاد، زادت حالات زواج القاصرات بشكل كبير، والأمثلة على ذلك كثيرة. (ر. م) مثلاً فتاة سورية تزوجت في مخيم “الزعتري” للاجئين السوريين في الأردن، بعد أن كانت قد تعرضت إلى الاغتصاب، وبعد أشهر قليلة رمى زوجها الأردني عليها يمين الطلاق، على الرغم من مصارحة أهلها له بوضعها، ليتبين لهم فيما بعد أن زواجه منها كان منذ البداية بنية الزواج المؤقت فقط . وكانت محطة إذاعية هولندية، ادّعت أن أعداداً كبيرة من السعوديين تقدموا بطلبات إلى سفارتهم في عمان للموافقة على زيجات من سوريات صغيرات في العمر ممن لجأن إلى الأردن، بسبب انخفاض المهور، ورغبة أهاليهن تحت ضغط الظروف المالية والنفسية في ترتيب زيجات عاجلة لهن. وكذلك تحدثت الصحف الأردنية عن عدد من الرجال الذين طلقوا نساءهم من أجل الزواج من لاجئات سوريات، كما تحدثت مواقع عراقية عن إجبار بعض اللاجئات السوريات على زواج المتعة. كما نشرت صحيفة جزائرية مؤخراً خبراً عن دعوة عدد من الأئمة الجزائريين في خطب الجمعة إلى الزواج من السوريات اللواتي أجبرتهن الظروف في بلدهن على الفرار نحو الجزائر. من جهتها، أكدت الدكتورة منى غانم، الناشطة في تيار بناء الدولة، أن التيار قام بحملة في هذا الخصوص، وذلك بالتعاون مع عدد من الجهات المدنية والإعلامية، منها إذاعة هولندا وقناة الميادين، ما دفع الحكومة الأردنية إلى منع الزواج من السوريات، إلا في حال كانت هناك قرابة. وتؤكد غانم أن ذلك جاء بعد ازدياد حالات الزواج القسري، خاصةً من القاصرات في مخيمات اللاجئين السوريين، سواء في تركيا أم الأردن، حيث كان هناك الكثير من حالات الزواج من سوريات قاصرات من قبل أردنيين وسعوديين في أغلب الأحيان، بعد أن يتم الضغط على الأهالي نتيجة ظروفهم السيئة لتزويج بناتهم من رجال غير مناسبين وبمهور رخيصة جداً، قد لا تتجاوز عشرات الدنانير الأردنية، خاصةً بعد أن تعرض الكثير من الفتيات في المخيمات التركية للاغتصاب أو التحرش الجنسي على أقل تقدير، وتؤكد الناشطة في تيار بناء الدولة أن الوضع بات يحتاج إلى تحرك مؤسسات دولية وسورية تعمل لحماية النساء السوريات من نتائج العنف الذي تشهده البلاد، ومنع الدول المستضيفة للاجئين من استغلال وجود سوريات على أراضيها.
تقرير مصور من قناة التلفزيون
* اغتصاب يجب أن يتوقف استغلال الظروف المعيشية للفتيات السوريات في هذه الأزمة دفع بذويهن إلى تزويج متقدمين في السن من فتيات قاصرات دون سن الخامسة عشرة، خاصة في مخيمات اللجوء، ما اعتبره بعضهم اغتصاباً، يجب أن يتوقف فوراً، وأن يُحال من يقوم بهذه الجريمة إلى القضاء العادل. بدوره، أكد الطبيب النفسي هيثم علي، أن ما يحدث هو بيع للطفلة كسلعة من خلال تزويجها بحجة “السترة”، حيث ترى كثير من العائلات أن شرفها وكرامتها ترتبطان بستر بناتها فقط، وأن الفتيات هن من يجلبن العار والعيب لأسرهن، وفي النتيجة سيثبّت ذلك استلاب هوية الفتاة، وبأنها “عيب”. وأكد الطبيب النفسي، أن ما تتعرض له الفتاة هو ضغط اقتصادي وجنسي وعقائدي، فمن الناحية الاقتصادية يعتبر هذا النوع من الزواج شكلاً من أشكال العبودية، حيث تزوّج القاصر لتحصل على لقمة عيشها، ومن الممكن أن تصل إلى درجة تشعر فيها بعض الأحيان أنها خادمة، لا تتقاضى أجراً في منزل ذلك الرجل، على الرغم من أنها طفلة لم تأخذ حقها حتى في النمو، فلم يحمها المجتمع هنا، إنما ثبّت أنها “شيء ناقص”؛ ما يلغي أنوثتها وإنسانيتها. أما على الصعيد الجنسي، فيقول الدكتور علي: إن هذا الزواج يسمح للزوج أن يغتصب القاصر دون أن تكون بالنسبة إليه الأنثى التي يحب، إنما أداة للتنفيس عن رغباته وخدمته من الناحية الجنسية، وبالتالي ستكون مستعبدة جنسياً أيضاً. أما الناحية الثالثة العقائدية، فتتمثل – حسب قول الاختصاصي النفسي - في إلغاء إنسانية القاصر، وتحويلها إلى أداة و”عيب”؛ ما سيجعل داخلها محتقناً بالغضب، الذي لا يحق لها التعبير عنه، وإذا أنجبت هذه القاصر فسينعكس ماتعرضت إليه على تربية أولادها، حيث ستتعامل معهم على أنها العبدة التي أنجبت أطفالاً وليست الأم.
* تأثير إلى نهاية الحياة يؤكد الطبيب النفسي، أنه لا بد من العمل على حماية الفتيات القاصرات من الزواج القسري في هذه الأزمة، وأن تعمل المؤسسات والجهات المعنية المدنية والحكومية على التخفيف من وطأة الأزمة بدلاً من تثبيتها في أذهان القاصرات، اللواتي سيكون تأثيرها عليهن ممتداً إلى نهاية حياتهن، حيث من المفترض أن يتم العمل على هذا الموضوع من الناحيتين القانونية والثقافية، وأن يكون هناك ما يمنع تزويج القاصر في هذه الظروف؛ كأن يعتبر اغتصاباً وليس زواجاً، وأن يعاقب عليه القانون، مشيراً إلى دور الناشطين في حقوق المرأة والطفل في أن ينشروا ثقافة أن هذه الطفلة من حقها أن تعيش حياة طبيعية، وألا تُحرم من طفولتها بأن تُزوج بهدف السترة، كما يروّج كثير من رجال الدين، كما للإعلام دور كبير في نشر هذه الثقافة. وهنا، يؤكد المحامي وحيد عرفات، أن الزواج له ركن أساسي في حال كانت الزوجة تحت سن الـ 18 وهو موافقة ولي الأمر، وللقاضي الشرعي هنا الصلاحية في رفض توثيق الزواج، في حال وجد أن الفتاة المقبلة على الزواج غير مؤهلة، إلا أن قانون الأحوال الشخصية - حسب عرفات - لم يمنع الزواج في أي عمر، كما لم يحدد له عمراً. ويلاحظ خلال الأزمة، ازدياد حالات توثيق زواج القاصرات، الذي كان منتشراً كثيراً في الريف دون توثيق، إلا أن الأزمة جعلت الكثير من المقدمين على هذا الزواج مضطرين لتوثيقه نتيجة اضطرارهم إلى التنقل والسفر بشكل أكثر من المعتاد.
* حمل خطر .. أكد عرفات، أن المشرّع فوّض القاضي الشرعي صلاحيات رفض الزواج، في حال كان غير مناسب، والقضاة الشرعيون يقومون بذلك فعلاً، إلا أنه من المفترض أن يحدد قانون الأحوال الشخصية سناً واضحة يُمنع الزواج قبلها. وفي هذا السياق، يقول الطبيب النفسي، هيثم علي: إنه من الضروري أن يحدد القانون السن المسموح فيها الزواج بـ 18 سنة للفتيات، لأن الفتاة قبل هذا العمر لا تكون قد اكتمل نضجها النفسي والجسدي، حتى وإن كانت قادرة على الحمل جسدياً، فهي لن تكون كذلك نفسياً على الإطلاق. أما صحياً، فيوصف حَمل القاصر بـ “الحمل ذي الخطورة العالية”، حيث من الممكن أن تتعرّض إلى مجموعة من الأمراض، كفقر الدم، والإجهاض في الأسابيع الأولى، الولادة المبكرة، وذلك لأسباب تتعلّق بخلل في الهرمونات الأنثوية، أو عدم استعداد الجسم والرحم لعملية حدوث الحمل، ما يؤدي إلى انقباضات رحمية متكررة. كما أنّها معرّضة بنسبة كبيرة إلى ارتفاع حاد ومفاجئ في ضغط الدم، ما قد يؤدي إلى نزف دماغي، وحدوث تشنجات وفشل كلوي واعتلال حاد في نظام التخثر في الجسم. وعند المخاض، تكون القاصر عرضة لتعسّر الولادة ومضاعفاتها المختلفة من وفاة الجنين أو نقص الأوكسجين عنه وزيادة الولادات القيصرية ومضاعفاتها، وارتفاع نسبة وفيات الأمهات عند المخاض أو في مرحلة النفاس، كما أنّ الحمل في سن مبكرة قد يسبب النقص في الكالسيوم، وبالتالي هشاشة العظام”. وتؤكد “أن هذه الأضرار لا تقتصر على المرأة بل تتعدّاها إلى الجنين، فيصاب بقصور جهازه التنفسي لعدم اكتمال نمو الرئتين وبنزف دماغي، وترتفع فرص إصابته بالشلل الدماغي وباعتلالات في الجهاز الهضمي، وبتأخر النمو الجسدي والعقلي، وبإعاقات مختلفة سمعية وبصرية، وقد يتطوّر بعض هذه الحالات إلى الوفاة بسبب الالتهابات أو فشل أجهزة الجسم الحيوية. وهنا، تقول الاختصاصية الاجتماعية، الدكتورة هناء برقاوي: إن الظروف التي وضعت فيها الطفلة المقبلة على الزواج ستنعكس على نفسيتها، وعلى المجتمع بشكل عام، لأن المشكلة ستبدأ بمحاولة ستر الفتاة - حسب ما يعتقد بعضهم - إلا أنه سيتحول إلى ضياع في شخصيتها، فالزوجة الصغيرة لن تستطيع النجاح في هذا الزواج القسري، وفي حال حملت في سن مبكرة، لن تستطيع المحافظة على حملها في كثير من الأحيان نتيجة قلة خبرتها وصغر سنها، إضافةً إلى غياب الرعاية الصحية، التي كانت تقدمها الدولة سابقاً في الأرياف، ما قد يعرّض الفتاة إلى خطر الوفاة أثناء الولادة أو خسارة أجنتها.
* محرومة من الدعم النفسي والاجتماعي وتشير الاختصاصية الاجتماعية، إلى أن الزواج مرحلة نفسية واجتماعية، وفي حال تمت بصورة سريعة ستحرم الزوجين من اختيار الشريك الصحيح، إضافة إلى أنها ستحرم العروس من الطقوس التي تحلم بها بزواج تقليدي من احتفال وثوب وغيرها، وهذا سيؤثر فيها أكثر، في حال كانت صغيرة السن ومحرومة من الدعم النفسي والاجتماعي. وتؤكد الدكتورة هناء برقاوي أن الزواج المبكر أمر مرفوض في مجتمعنا، مقارنةً بدول المنطقة؛ فالزواج يتطلب استعداداً نفسياً واجتماعياً من قبل الزوجين لمعرفة حقوقهما وواجباتهما. ولكن، ما حدث خلال الأزمة، حسب برقاوي، أن بعض الأهالي تحولوا عن إرسال بناتهم إلى المدارس لمصلحة تزويجهن، وكأنهم يبيعون سلعاً في سوق النخاسة، خاصةً في مخيمات اللاجئين السوريين في دول الجوار، حيث لم تحم هذه الدول المستضيفة السوريات، ولم تحافظ على حقوقهن، ما زاد من حالات الزواج من قاصرات بمهور زهيدة جداً لدرجة أصبح بعض المخيمات سوق نخاسة بعقود زواج.
* آثار وانعكاسات بعيدة الأمد في دراسة أعدّها “مرصد نساء سورية”، تبين أن الطفلة التي تدفع إلى الزواج، تعاني من جملة من الآثار الصحية والنفسية، التي قد تلازمها طويلاً، منها: الآثار الصحية على القاصرة والمتمثلة في اضطرابات الدورة الشهرية، وتأخر الحمل، والآثار الجسدية التي تتمثل في تمزق المهبل والأعضاء المجاورة له أثناء الجماع، إضافة إلى احتمال تعرض الطفلة الحامل إلى حدوث القيء المستمر، وفقر الدم، وارتفاع نسبة الوفيات نتيجة المضاعفات المختلفة مع الحمل، وظهور التشوهات العظمية في العمود الفقري ومنطقة الحوض نتيجة الحمل المبكر. وبيّن المرصد، أن الآثار النفسية لتزويج القاصر، تظهر في الحرمان العاطفي من حنان الوالدين، والحرمان من مرحلة الطفولة، التي إن مرت بسلام كبُرت الطفلة لتصبح إنسانة سوية، لذا فإن حرمانها من الاستمتاع بهذه السن يؤدي عند تعرضها لضغوط إلى ارتداد لهذه المرحلة في صورة أمراض نفسية مثل “الهستيريا والفصام والاكتئاب والقلق واضطرابات الشخصية”، إضافةً إلى أن الاضطرابات في العلاقات الجنسية بين الزوجين ناتج عن عدم إدراك الطفلة لطبيعة العلاقة؛ ما ينتج عنه عدم نجاح العلاقة وصعوبتها، وقلق واضطرابات عدم التكيف، نتيجة للمشكلات الزوجية وعدم تفهم الزوجة ما يعنيه الزواج ، كما من الممكن أن تتعرض إلى الإدمان نتيجة كثرة الضغوط كنوع من أنواع الهروب، وآثار ما بعد الصدمة (ليلة الدخلة) وهي مجموعة من الأعراض النفسية التي تتراوح ما بين أعراض الاكتئاب والقلق عند التعرض لكل هذه المواقف. و يشكّل الخوف حالة طبيعية عند الأطفال ومن هم دون سن البلوغ؛ كالخوف من الظلام والغرباء والبعد عن الوالدين، ويزول هذا الشعور بعد مرحلة البلوغ، لذلك فإن الخوف ومايترتب عليه قد يصاحب القاصر، إذا تزوّجت في هذا العمر. كما يمكن أن تصاب ببعض الأمراض النفسية خلال فترة النفاس، نتيجة احتمال إصابتها بأمراض نفسية قبل الحمل. وأشارت الدراسة، إلى أن عدم اكتمال النضج الذهني في ما يخص اتخاذ القرارات، وما يترتب عليها بالنسبة إلى العناية بالطفل وواجبات الزوج والعلاقة مع أقاربه. وبينت الدراسة، التي أعدها المرصد، أن هناك آثاراً نفسية على أطفال الأم قاصر، منها الشعور بالحرمان، حيث إن الأم القاصر لا يمكن أن تقوم بعملها كأم ناضجة. إضافة إلى بعض الاضطرابات النفسية، التي قد تؤدي إلى أمراض نفسية في الكبر، كالفصام والاكتئاب نتيجة وجود الطفل في بيئة اجتماعية غير متجانسة، وتأخر النمو الذهني عند الأطفال، نتيجة انعدام أو ضعف الرعاية التربوية الصحيحة، حيث لا يمكن للأم القاصر أن تقوم بواجبها التربوي تجاه أطفالها.
* اليوم العالمي للفتاة منذ أيام قليلة، تجددت المطالبات الدولية بالحد من ظاهرة زواج القاصرات، وذلك بمناسبة اليوم العالمي للفتاة، الذي احتفل به للمرة الثانية في الحادي عشر من تشرين الأول الجاري، حيث طالبت منظمة “هيومن رايتس ووتش” الحقوقية دول العالم بوضع محاربة زواج القاصرات في سلم أولوياتها السياسية. وقالت المنظمة الحقوقية: إن زواج القاصرات تحت سن الثامنة عشرة يخرق حقوق الفتيات، كالحق في التعليم والحق في عدم التعرض للعنف. وأشارت المنظمة إلى أن زواج الفتاة المبكر، غالباً ما يمنعها من ولوج المدرسة، كما أن الفتاة تصبح عرضةً لصنوف من العنف الزوجي. وطالبت المنظمة الحكومات بوضع سنّ قانونية للزواج لاتتعدى الثامنة عشرة، إضافة إلى سن قوانين تعاقب، من يجبر الفتاة على الزواج في سن مبكرة. وكان صندوق الأمم المتحدة للسكان قد قدر سنة 2005 عدد الفتيات اللائي سيتزوجن زيجة مبكرة بمئة مليون فتاة عبر العالم.
* مهور منخفضة لزوجات صغيرات في الأزمة، التي تعيشها البلاد، زادت حالات زواج القاصرات بشكل كبير، والأمثلة على ذلك كثيرة. (ر. م) مثلاً فتاة سورية تزوجت في مخيم “الزعتري” للاجئين السوريين في الأردن، بعد أن كانت قد تعرضت إلى الاغتصاب، وبعد أشهر قليلة رمى زوجها الأردني عليها يمين الطلاق، على الرغم من مصارحة أهلها له بوضعها، ليتبين لهم فيما بعد أن زواجه منها كان منذ البداية بنية الزواج المؤقت فقط . وكانت محطة إذاعية هولندية، ادّعت أن أعداداً كبيرة من السعوديين تقدموا بطلبات إلى سفارتهم في عمان للموافقة على زيجات من سوريات صغيرات في العمر ممن لجأن إلى الأردن، بسبب انخفاض المهور، ورغبة أهاليهن تحت ضغط الظروف المالية والنفسية في ترتيب زيجات عاجلة لهن. وكذلك تحدثت الصحف الأردنية عن عدد من الرجال الذين طلقوا نساءهم من أجل الزواج من لاجئات سوريات، كما تحدثت مواقع عراقية عن إجبار بعض اللاجئات السوريات على زواج المتعة. كما نشرت صحيفة جزائرية مؤخراً خبراً عن دعوة عدد من الأئمة الجزائريين في خطب الجمعة إلى الزواج من السوريات اللواتي أجبرتهن الظروف في بلدهن على الفرار نحو الجزائر. من جهتها، أكدت الدكتورة منى غانم، الناشطة في تيار بناء الدولة، أن التيار قام بحملة في هذا الخصوص، وذلك بالتعاون مع عدد من الجهات المدنية والإعلامية، منها إذاعة هولندا وقناة الميادين، ما دفع الحكومة الأردنية إلى منع الزواج من السوريات، إلا في حال كانت هناك قرابة. وتؤكد غانم أن ذلك جاء بعد ازدياد حالات الزواج القسري، خاصةً من القاصرات في مخيمات اللاجئين السوريين، سواء في تركيا أم الأردن، حيث كان هناك الكثير من حالات الزواج من سوريات قاصرات من قبل أردنيين وسعوديين في أغلب الأحيان، بعد أن يتم الضغط على الأهالي نتيجة ظروفهم السيئة لتزويج بناتهم من رجال غير مناسبين وبمهور رخيصة جداً، قد لا تتجاوز عشرات الدنانير الأردنية، خاصةً بعد أن تعرض الكثير من الفتيات في المخيمات التركية للاغتصاب أو التحرش الجنسي على أقل تقدير، وتؤكد الناشطة في تيار بناء الدولة أن الوضع بات يحتاج إلى تحرك مؤسسات دولية وسورية تعمل لحماية النساء السوريات من نتائج العنف الذي تشهده البلاد، ومنع الدول المستضيفة للاجئين من استغلال وجود سوريات على أراضيها.
تقرير مصور من قناة التلفزيون
* اغتصاب يجب أن يتوقف استغلال الظروف المعيشية للفتيات السوريات في هذه الأزمة دفع بذويهن إلى تزويج متقدمين في السن من فتيات قاصرات دون سن الخامسة عشرة، خاصة في مخيمات اللجوء، ما اعتبره بعضهم اغتصاباً، يجب أن يتوقف فوراً، وأن يُحال من يقوم بهذه الجريمة إلى القضاء العادل. بدوره، أكد الطبيب النفسي هيثم علي، أن ما يحدث هو بيع للطفلة كسلعة من خلال تزويجها بحجة “السترة”، حيث ترى كثير من العائلات أن شرفها وكرامتها ترتبطان بستر بناتها فقط، وأن الفتيات هن من يجلبن العار والعيب لأسرهن، وفي النتيجة سيثبّت ذلك استلاب هوية الفتاة، وبأنها “عيب”. وأكد الطبيب النفسي، أن ما تتعرض له الفتاة هو ضغط اقتصادي وجنسي وعقائدي، فمن الناحية الاقتصادية يعتبر هذا النوع من الزواج شكلاً من أشكال العبودية، حيث تزوّج القاصر لتحصل على لقمة عيشها، ومن الممكن أن تصل إلى درجة تشعر فيها بعض الأحيان أنها خادمة، لا تتقاضى أجراً في منزل ذلك الرجل، على الرغم من أنها طفلة لم تأخذ حقها حتى في النمو، فلم يحمها المجتمع هنا، إنما ثبّت أنها “شيء ناقص”؛ ما يلغي أنوثتها وإنسانيتها. أما على الصعيد الجنسي، فيقول الدكتور علي: إن هذا الزواج يسمح للزوج أن يغتصب القاصر دون أن تكون بالنسبة إليه الأنثى التي يحب، إنما أداة للتنفيس عن رغباته وخدمته من الناحية الجنسية، وبالتالي ستكون مستعبدة جنسياً أيضاً. أما الناحية الثالثة العقائدية، فتتمثل – حسب قول الاختصاصي النفسي - في إلغاء إنسانية القاصر، وتحويلها إلى أداة و”عيب”؛ ما سيجعل داخلها محتقناً بالغضب، الذي لا يحق لها التعبير عنه، وإذا أنجبت هذه القاصر فسينعكس ماتعرضت إليه على تربية أولادها، حيث ستتعامل معهم على أنها العبدة التي أنجبت أطفالاً وليست الأم.
* تأثير إلى نهاية الحياة يؤكد الطبيب النفسي، أنه لا بد من العمل على حماية الفتيات القاصرات من الزواج القسري في هذه الأزمة، وأن تعمل المؤسسات والجهات المعنية المدنية والحكومية على التخفيف من وطأة الأزمة بدلاً من تثبيتها في أذهان القاصرات، اللواتي سيكون تأثيرها عليهن ممتداً إلى نهاية حياتهن، حيث من المفترض أن يتم العمل على هذا الموضوع من الناحيتين القانونية والثقافية، وأن يكون هناك ما يمنع تزويج القاصر في هذه الظروف؛ كأن يعتبر اغتصاباً وليس زواجاً، وأن يعاقب عليه القانون، مشيراً إلى دور الناشطين في حقوق المرأة والطفل في أن ينشروا ثقافة أن هذه الطفلة من حقها أن تعيش حياة طبيعية، وألا تُحرم من طفولتها بأن تُزوج بهدف السترة، كما يروّج كثير من رجال الدين، كما للإعلام دور كبير في نشر هذه الثقافة. وهنا، يؤكد المحامي وحيد عرفات، أن الزواج له ركن أساسي في حال كانت الزوجة تحت سن الـ 18 وهو موافقة ولي الأمر، وللقاضي الشرعي هنا الصلاحية في رفض توثيق الزواج، في حال وجد أن الفتاة المقبلة على الزواج غير مؤهلة، إلا أن قانون الأحوال الشخصية - حسب عرفات - لم يمنع الزواج في أي عمر، كما لم يحدد له عمراً. ويلاحظ خلال الأزمة، ازدياد حالات توثيق زواج القاصرات، الذي كان منتشراً كثيراً في الريف دون توثيق، إلا أن الأزمة جعلت الكثير من المقدمين على هذا الزواج مضطرين لتوثيقه نتيجة اضطرارهم إلى التنقل والسفر بشكل أكثر من المعتاد.
* حمل خطر .. أكد عرفات، أن المشرّع فوّض القاضي الشرعي صلاحيات رفض الزواج، في حال كان غير مناسب، والقضاة الشرعيون يقومون بذلك فعلاً، إلا أنه من المفترض أن يحدد قانون الأحوال الشخصية سناً واضحة يُمنع الزواج قبلها. وفي هذا السياق، يقول الطبيب النفسي، هيثم علي: إنه من الضروري أن يحدد القانون السن المسموح فيها الزواج بـ 18 سنة للفتيات، لأن الفتاة قبل هذا العمر لا تكون قد اكتمل نضجها النفسي والجسدي، حتى وإن كانت قادرة على الحمل جسدياً، فهي لن تكون كذلك نفسياً على الإطلاق. أما صحياً، فيوصف حَمل القاصر بـ “الحمل ذي الخطورة العالية”، حيث من الممكن أن تتعرّض إلى مجموعة من الأمراض، كفقر الدم، والإجهاض في الأسابيع الأولى، الولادة المبكرة، وذلك لأسباب تتعلّق بخلل في الهرمونات الأنثوية، أو عدم استعداد الجسم والرحم لعملية حدوث الحمل، ما يؤدي إلى انقباضات رحمية متكررة. كما أنّها معرّضة بنسبة كبيرة إلى ارتفاع حاد ومفاجئ في ضغط الدم، ما قد يؤدي إلى نزف دماغي، وحدوث تشنجات وفشل كلوي واعتلال حاد في نظام التخثر في الجسم. وعند المخاض، تكون القاصر عرضة لتعسّر الولادة ومضاعفاتها المختلفة من وفاة الجنين أو نقص الأوكسجين عنه وزيادة الولادات القيصرية ومضاعفاتها، وارتفاع نسبة وفيات الأمهات عند المخاض أو في مرحلة النفاس، كما أنّ الحمل في سن مبكرة قد يسبب النقص في الكالسيوم، وبالتالي هشاشة العظام”. وتؤكد “أن هذه الأضرار لا تقتصر على المرأة بل تتعدّاها إلى الجنين، فيصاب بقصور جهازه التنفسي لعدم اكتمال نمو الرئتين وبنزف دماغي، وترتفع فرص إصابته بالشلل الدماغي وباعتلالات في الجهاز الهضمي، وبتأخر النمو الجسدي والعقلي، وبإعاقات مختلفة سمعية وبصرية، وقد يتطوّر بعض هذه الحالات إلى الوفاة بسبب الالتهابات أو فشل أجهزة الجسم الحيوية. وهنا، تقول الاختصاصية الاجتماعية، الدكتورة هناء برقاوي: إن الظروف التي وضعت فيها الطفلة المقبلة على الزواج ستنعكس على نفسيتها، وعلى المجتمع بشكل عام، لأن المشكلة ستبدأ بمحاولة ستر الفتاة - حسب ما يعتقد بعضهم - إلا أنه سيتحول إلى ضياع في شخصيتها، فالزوجة الصغيرة لن تستطيع النجاح في هذا الزواج القسري، وفي حال حملت في سن مبكرة، لن تستطيع المحافظة على حملها في كثير من الأحيان نتيجة قلة خبرتها وصغر سنها، إضافةً إلى غياب الرعاية الصحية، التي كانت تقدمها الدولة سابقاً في الأرياف، ما قد يعرّض الفتاة إلى خطر الوفاة أثناء الولادة أو خسارة أجنتها.
* محرومة من الدعم النفسي والاجتماعي وتشير الاختصاصية الاجتماعية، إلى أن الزواج مرحلة نفسية واجتماعية، وفي حال تمت بصورة سريعة ستحرم الزوجين من اختيار الشريك الصحيح، إضافة إلى أنها ستحرم العروس من الطقوس التي تحلم بها بزواج تقليدي من احتفال وثوب وغيرها، وهذا سيؤثر فيها أكثر، في حال كانت صغيرة السن ومحرومة من الدعم النفسي والاجتماعي. وتؤكد الدكتورة هناء برقاوي أن الزواج المبكر أمر مرفوض في مجتمعنا، مقارنةً بدول المنطقة؛ فالزواج يتطلب استعداداً نفسياً واجتماعياً من قبل الزوجين لمعرفة حقوقهما وواجباتهما. ولكن، ما حدث خلال الأزمة، حسب برقاوي، أن بعض الأهالي تحولوا عن إرسال بناتهم إلى المدارس لمصلحة تزويجهن، وكأنهم يبيعون سلعاً في سوق النخاسة، خاصةً في مخيمات اللاجئين السوريين في دول الجوار، حيث لم تحم هذه الدول المستضيفة السوريات، ولم تحافظ على حقوقهن، ما زاد من حالات الزواج من قاصرات بمهور زهيدة جداً لدرجة أصبح بعض المخيمات سوق نخاسة بعقود زواج.
* آثار وانعكاسات بعيدة الأمد في دراسة أعدّها “مرصد نساء سورية”، تبين أن الطفلة التي تدفع إلى الزواج، تعاني من جملة من الآثار الصحية والنفسية، التي قد تلازمها طويلاً، منها: الآثار الصحية على القاصرة والمتمثلة في اضطرابات الدورة الشهرية، وتأخر الحمل، والآثار الجسدية التي تتمثل في تمزق المهبل والأعضاء المجاورة له أثناء الجماع، إضافة إلى احتمال تعرض الطفلة الحامل إلى حدوث القيء المستمر، وفقر الدم، وارتفاع نسبة الوفيات نتيجة المضاعفات المختلفة مع الحمل، وظهور التشوهات العظمية في العمود الفقري ومنطقة الحوض نتيجة الحمل المبكر. وبيّن المرصد، أن الآثار النفسية لتزويج القاصر، تظهر في الحرمان العاطفي من حنان الوالدين، والحرمان من مرحلة الطفولة، التي إن مرت بسلام كبُرت الطفلة لتصبح إنسانة سوية، لذا فإن حرمانها من الاستمتاع بهذه السن يؤدي عند تعرضها لضغوط إلى ارتداد لهذه المرحلة في صورة أمراض نفسية مثل “الهستيريا والفصام والاكتئاب والقلق واضطرابات الشخصية”، إضافةً إلى أن الاضطرابات في العلاقات الجنسية بين الزوجين ناتج عن عدم إدراك الطفلة لطبيعة العلاقة؛ ما ينتج عنه عدم نجاح العلاقة وصعوبتها، وقلق واضطرابات عدم التكيف، نتيجة للمشكلات الزوجية وعدم تفهم الزوجة ما يعنيه الزواج ، كما من الممكن أن تتعرض إلى الإدمان نتيجة كثرة الضغوط كنوع من أنواع الهروب، وآثار ما بعد الصدمة (ليلة الدخلة) وهي مجموعة من الأعراض النفسية التي تتراوح ما بين أعراض الاكتئاب والقلق عند التعرض لكل هذه المواقف. و يشكّل الخوف حالة طبيعية عند الأطفال ومن هم دون سن البلوغ؛ كالخوف من الظلام والغرباء والبعد عن الوالدين، ويزول هذا الشعور بعد مرحلة البلوغ، لذلك فإن الخوف ومايترتب عليه قد يصاحب القاصر، إذا تزوّجت في هذا العمر. كما يمكن أن تصاب ببعض الأمراض النفسية خلال فترة النفاس، نتيجة احتمال إصابتها بأمراض نفسية قبل الحمل. وأشارت الدراسة، إلى أن عدم اكتمال النضج الذهني في ما يخص اتخاذ القرارات، وما يترتب عليها بالنسبة إلى العناية بالطفل وواجبات الزوج والعلاقة مع أقاربه. وبينت الدراسة، التي أعدها المرصد، أن هناك آثاراً نفسية على أطفال الأم قاصر، منها الشعور بالحرمان، حيث إن الأم القاصر لا يمكن أن تقوم بعملها كأم ناضجة. إضافة إلى بعض الاضطرابات النفسية، التي قد تؤدي إلى أمراض نفسية في الكبر، كالفصام والاكتئاب نتيجة وجود الطفل في بيئة اجتماعية غير متجانسة، وتأخر النمو الذهني عند الأطفال، نتيجة انعدام أو ضعف الرعاية التربوية الصحيحة، حيث لا يمكن للأم القاصر أن تقوم بواجبها التربوي تجاه أطفالها.
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ردود على "تزويج القاصرات.. اغتصابٌ وبيعٌ في سوق النخاسة"
أترك تعليقا