واشنطن تغسل يديها من «ربيع دمشق»

بتاريخ 12:42 ص بواسطة ADMIN

كل المؤشرات تدل على أن ما اصطلح على تسمية «بالربيع العربي» توقف في مرحلته الرابعة اي في سوريا بعد التغييرات التي أحدثها في كل من تونس ومصر وليبيا واليمن. فالتعقيدات التي ظهرت في «الربيع السوري» فاجأت العواصم الغربية، اضافة الى التماسك غير المتوقع للنظام السوري خصوصاً على مستوى الجيش والقوى الأمنية، وخسر الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي رهانه السوري بعد ان كان منتشياً بنجاح رهانه في ليبيا، حيث تولّت فرنسا قيادة الدعم الجوي للملف الأطلسي وادارة مسار «الثورة» على الأرض. ففي واشنطن ساد نقاش كبير بين مراكز صناعة القرار وحول المسار الذي يجب ان تسلكه الأزمة السورية، قياساً بما ظهر من مستجدات، وبشكل يتلاءم مع المصالح الأميركية في المنطقة. وبعد أجهزة الأمن والاستخبارات الأميركية والتي اعتبرت ان الاندفاع اكثر في تأجيج العنف الداخلي في سوريا أصبح مضراً بالمصالح الأميركية على مستوى سوريا وخارطة الشرق الأوسط ككل، جاء دور أجهزة الاقتصاد داخل الادارة الاميركية، وهي التي تُعنى بالمصالح الاقتصادية الاميركية. وتشير أوساط ديبلوماسية غربية، الى ان المسؤولين في هذه الأجهزة والدوائر الاقتصادية رفعوا توصيات عاجلة تحدثوا فيها عن الواقع الذي استجدّ في البلدان التي طالتها الثورات، والارتدادات التي بدأت تظهر في الساحات العربية الأخرى، ما بدأ يهدد الاستقرار الهشّ الذي يسود الدول التي تحكمها انظمة ملكية ووراثية والتي تعتبر بمثابة مناطق نفوذ استراتيجية، حيث تشهد التيارات الاسلامية المتشددة فورة وحيوية متصاعدة، ما قد يؤدي في حال استمرار هذا الواقع الى انهيار سريع ومفاجئ لهذه الأنظمة وفي توقيت لا يتوقعه أحد. وبدت هذه الدوائر الاقتصادية قلقة من المناخ الاسلامي غير المنضبط الذي ظهر في بلدان «الربيع العربي»، ولا سيما في مصر، حيث يقترب الانفجار ما بين الاسلاميين والجيش المصري الذي يعتبر الحلقة القوية الضامنة للمصالح الأميركية. ويجري الحديث عن نصيحة اميركية للجيش المصري بالتحرك والامساك اكثر بالأرض، بعدما بدا ان الأخوان المسلمين نقضوا كل التزاماتهم التي أعطوها في السابق، وحيث يسعون لامتلاك كامل السلطة في قبضتهم. وتؤكد اوساط ديبلوماسية معنية ان هذه الدوائر الاقتصادية نصحت بضرورة ان يقف «الربيع العربي» في الملعب السوري، وعلى ذمّة هذه الأوساط، فان البيت الأبيض الذي دخل اصلاً في «غيبوبة» الانتخابات الرئاسية والتي ستطول لأكثر من ستة أشهر، ابلغ التحالف الغربي الذي كان يعمل معه في ملف «الربيع العربي» وعلى وجه الخصوص فرنسا، انه «غسل يديه» من الملف السوري، وانه سيخفف كثيراً من اندفاعته الهجومية. طبعاً، هذا لا يعني ان التسوية اصبحت قريبة، وان الاستقرار الامني سيستعيد هدوءه الكامل، لا بل، فان الرهان على استمرار الاضطرابات الامنية ولكن وفق الوتيرة الحالية ولمدة طويلة قد تُحسب بالسنوات، على أن يصار على إنجاز تسوية سياسية باتت تُعرف بالطائف السوري والذي سيعمل على ترتيب تقاسم السلطة. هذا الواقع المستجدّ أدّى الى تراجع مركز الداعمين للربيع العربي في لبنان. ومرة جديدة بدا لهؤلاء ان رهاناتهم انتجت خطأ اضافياً تبدو آثاره سلبية جداً على لبنان. فعدا الواقع الأمني المضطرب في شمال لبنان والذي يبشّر بمزيد من الدماء في شمال لبنان، اضافة الى تفشّي الاعمال المخلّة بالأمن مثل السرقات والاعتداءات، فان حيوية الحركات المتطرفة تبدو واضحة على الساحة اللبنانية. وجاء رهان الدكتور سمير جعجع من خلال مهرجان 31 آذار مخيباً للآمال. فالانخراط في مناخ «الربيع الاسلامي» بدا صورة «سوريالية» وغير واقعية، رغم الجهد والإبهار الذي يرافق ترتيب المهرجان. فالثورة التونسية اطاحت بعبد الرؤوف العيادي وهو نائب الأمين العام لحزب «المؤتمر من اجل الجمهورية» بسبب الرسالة التي وجّّهها الى مؤتمر القوات اللبنانية والتي جاءت لتكون بمثابة النقطة التي طفح بها كأس الخلافات الداخلية. وجاء في قرار الحزب وبوضوح بأن ما صدر عن العيادي لا علاقة له بالخط السياسي للمؤتمر ولا يعبّر عن خياراته الوطنية والقومية. وفي مصر أيضاً، تعرّض النائب المصري محمد أبو حامد، والذي كان القى كلمة في الاحتفال، لانتقادات لاذعة من أوساط اسلامية متشددة في القاهرة، على أساس انه اعتلى «منبراً مسيحياً عرف لأعوام خلت بعدائه للقضية الفلسطينية». وللتذكير فقط فان أحد أبرز النقاط العقائدية للأخوان المسلمين تقضي برفض بدعة «العروبة» كونها استيراد من «الصليبيين» لضرب العقيدة الاسلامي. كل ذلك يطرح علامات القلق حول المسار المستقبلي للأحداث في لبنان، وسط تزاحم الاستحقاقات، ما بين زيارة قداسة البابا، والانتخابات النيابية وبعدها الرئاسية، ذلك ان الصورة تعطي وجود عوامل كافية لأحداث احتزازات امنية مستقبلاً، وتترسّخ النقاعة اكثر لدى الأوساط الديبلوماسية الاوروبية من احتمال تنفيذ عملية اغتيال تطال أحد رموز فريق 14 آذار، فيما الهدف الحقيقي قطع الطريق على حصول زيارة البابا بنديكتوس السادس عشر. وتكشف هذه الأوساط عن التحقيقات الجارية حول حادثة معراب حيث يجري تمحيض كافة النقاط المحيطة بها ومن كل الجوانب. ولفت في هذا الإطار ما قاله رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان من استراليا في هذا الشأن: «... لا يمكن اعتبارها محاولة اغتيال ام لا، حتى الساعة هي اطلاق نار ونترك للتحقيق ان يؤكد اذا كانت محاولة اغتيال، واتمنى الا تكون كذلك». وموقف رئيس الجمهورية يعتبر تراجعاً عن موقفه الأول حين هنأ جعجع بالسلامة. وما يزيد المسألة غموضاً عدم صدور تقرير رسمي واضح من الأجهزة الأمنية والمحققين حول الحادثة حتى الساعة. وهذا ما يدفع للتساؤل، ماذا يجري خلف الكواليس؟ لكن اوساط ديبلوماسية كشفت ان باريس وواشنطن طلبتا ان تشاركا في التفاصيل الكاملة لكل التحقيقات الجارية في هذا الشأن. الديار - جوني منير-
Bookmark and Share

ردود على "واشنطن تغسل يديها من «ربيع دمشق»"

أترك تعليقا