skip to main |
skip to sidebar
العلم والبحوث في مجال الرياضيات آخذة في التوسع شيئا فشيئا، فالقوانين والقواعد المتعلقة في الرياضيات والتي لم تكن معروفة سابقا، ازدادت بشكل ملحوظ، وكان من ضمن مبتكري تلك القواعد الجديدة، هو المواطن السوري جمال أبو الورد من محافظة ادلب، حيث استطاع من خلال استمراره في البحث العلمي والمطالعة من الحصول على شهادة الملكية الفكرية في مجال علوم الرياضيات عام 2003 نظرا لتوفر عنصر الابتكار في مكتشفاته التي سجلها في مديرية حماية حقوق المؤلف التابعة لوزارة الثقافة.
ونقلتا عن أبو الورد قوله: 'إن اجتهاده في مجال الرياضيات أثمر عن ابتكار ما يزيد على 42 قانوناً وقاعدة في الرياضيات لم تكن معروفة سابقاً منها 17 قاعدة في جبر الأعداد و 12 في التحليل الرياضي والهندسي و13 قانوناً بعلاقة المثلثات من شانها ان تغير عمل الحاسوب وتسهم في تطوير علم الرياضيات' .
وتابع أبو الورد من مواليد قرية كفر جالس شمال مدينة إدلب عام 1971 إنه من خلال استقراء القوانين ومواكبة كل ما هو جديد تمكن من الإبداع في هذا المجال رغم عدم دخوله الجامعة في بداية رحلته العلمية حيث استطاع أن يزيد الخوارزميات من 11 إلى 26 خوارزمية وان يكسر مقولة المحدد الثلاثي والرباعي للمصفوفات لتصبح الأعمدة والأسطر لا متناهية.
وأوضح أن القوانين التي اكتشفها نتجت عنها علاقة تحدد الصلة بين الأضلاع والزوايا الحادة في المثلث القائم وإن أهم ما يميزها انه اعتمد في برهنتها على الأسلوب التركيبي الذي يعد اكثر صعوبة من التحليلي بحسب علماء النفس.
وتحدث عن آخر مكتشفاته وهي قاعدتان في جبر الأعداد تفيدان في عمليات الأتمتة، بحيث انه لو تم تطبيق إحدى القاعدتين في الحاسب فإنها تعطينا كما لانهائياً من الأعداد تفيد في العمليات الحسابية التي تعجز عن أجرائها الحاسبات التقليدية.
ولفت أبو الورد إلى أن هذا الاكتشاف يفيد في جميع مراحل التعليم وفي مجال البحث العلمي المتقدم بالنسبة لعلماء الرياضيات فضلاً عن إمكانية الاستفادة منه في التطبيقات العملية لباقي العلوم كونه تمكن من خلاله كسر مقولة المحدد الثلاثي والرباعي للمصفوفات والتي مازالت تدرس في مناهجنا حتى الآن.
وأضاف توصلت إلى قاعدتين في جبر الأعداد الذي لم يشهد إضافات منذ أرسى قواعده الخوارزمي، لافتاً إلى أن اكتشافه هذا يعد حسب رأي الباحثين والمختصين ركيزة أساسية في علم الأرقام ونظرية الأعداد والحسابات الحديثة والمعلوماتية.
وأشار إلى أن رغبته في إثبات دور العقل العربي في مجال البحث العلمي والاكتشاف شكلت حافزاً كبيراً لديه لرفد المسيرة الإنسانية للعلماء العرب بمكتشفات لم يسبقه إليها علماء الرياضيات.
وأوضح أنه عمل في تدريس مادة الرياضيات في المدارس الخاصة لمختلف المراحل وهو عضو في الجمعية السورية الكونية ويجمع بين الأدب والعلوم ويهوى كتابة القصة القصيرة والخواطر والمقالات الأدبية وحالياً يدرس في كلية الهندسة الزراعية بحمص.
كشف المدرب السابق لمنتخب البرازيل اندرلي لوكسمبورغو أن مهاجم المنتخب السابق رونالدو كان يرتدي حفاظات خلال مباريات بطولة كأس كوبا أمريكا 1999 في الباراغواي.
وقال لوكسمبورغو في لصحيفة (ماركا) الأسبانية أن رونالدو كان يعان من زيادة في الوزن، وفي محاولة منه لإنقاص بعض الكيلوات قدم له الأطباء دواء يدعى 'زينكال' الذي كان مدرا للبول. مضيفا أنه لتفادي أي مشاكل أثناء المباريات فقد كان رونالدو مجبرا على لبس الحفاضات.
يذكر بأن رونالدو الذي أعلن اعتزاله الكرة نهائيا منذ اربع اشهر تقريبا حقق مع المنتخب البرازيلي بطولة كوبا أمريكا 99 إضافة إلى لقب هداف البطولة مناصفة مع زميله ريفالدو برصيد 5 أهداف.
نقلا عن كتاب » البداية والنهاية »
ذكر قصتي الخضر وإلياس ، عليهما السلام الخضر عليه السلام
، فقد تقدم أن موسى ، عليه السلام ، رحل إليه في طلب ما عنده من العلم اللدني ، وقص الله من خبرهما في كتابه العزيز في سورة " الكهف " ، وذكرنا في تفسير ذلك هنالك ، وأوردنا هنا ذكر الحديث المصرح بذكر الخضر ، عليه السلام ، وأن الذي رحل إليه هو موسى بن عمران ، نبي بني إسرائيل ، عليه السلام ، الذي أنزلت عليه التوراة . وقد اختلف في الخضر; في اسمه ، ونسبه ، ونبوته ، وحياته إلى الآن ، على أقوال سأذكرها لك هاهنا إن شاء الله وبحوله وقوته . قال الحافظ ابن عساكر : يقال : إنه الخضر بن آدم ، عليه السلام ، لصلبه . ثم روى من طريق الدارقطني : حدثنا محمد بن الفتح القلانسي ، حدثنا العباس بن عبد الله الترقفي ، حدثنا رواد بن الجراح ، حدثنا مقاتل بن سليمان ، عن الضحاك ، عن ابن عباس قال : الخضر ابن آدم لصلبه ، ونسئ له في أجله حتى يكذب الدجال . وهذا منقطع وغريب . وقال أبو حاتم سهل بن محمد بن عثمان السجستاني : سمعت مشيختنا; منهم ، أبو عبيدة وغيره ، [ ص: 244 ] قالوا : إن أطول بني آدم عمرا الخضر ، واسمه : خضرون بن قابيل بن آدم . قال : وذكر ابن إسحاق أن آدم ، عليه السلام ، لما حضرته الوفاة ، أخبر بنيه أن الطوفان سيقع بالناس ، وأوصاهم إذا كان ذلك أن يحملوا جسده معهم في السفينة ، وأن يدفنوه في مكان عينه لهم . فلما كان الطوفان ، حملوه معهم ، فلما هبطوا إلى الأرض ، أمر نوح بنيه أن يذهبوا ببدنه فيدفنوه حيث أوصى ، فقالوا : إن الأرض ليس بها أنيس ، وعليها وحشة ، فحرضهم ، وحثهم على ذلك . وقال : إن آدم دعا لمن يلي دفنه بطول العمر ، فهابوا المسير إلى ذلك الموضع في ذلك الوقت ، فلم يزل جسده عندهم ، حتى كان الخضر هو الذي تولى دفنه ، وأنجز الله ما وعده ، فهو يحيى إلى ما شاء الله له أن يحيى . وذكر ابن قتيبة في " المعارف " ، عن وهب بن منبه ، أن اسم الخضر بليا . ويقال : إيليا بن ملكان بن فالغ بن عابر بن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح عليه السلام . وقال إسماعيل بن أبي أويس : اسم الخضر فيما بلغنا - والله أعلم - المعمر بن مالك بن عبد الله بن نصر بن الأزد . وقال غيره : هو خضرون بن عمياييل بن اليفز بن العيص بن إسحاق بن إبراهيم الخليل . ويقال : هو أرميا بن حلقيا . فالله أعلم . وقيل : إنه كان ابن فرعون صاحب موسى ، ملك مصر . وهذا غريب جدا . قال ابن الجوزي : رواه محمد بن أيوب ، عن ابن لهيعة ، وهما ضعيفان . وقيل : إنه ابن مالك ، وهو أخو إلياس . قاله السدي كما سيأتي . [ ص: 245 ] وقيل إنه كان على مقدمة ذي القرنين . وقيل : كان ابن بعض من آمن بإبراهيم الخليل وهاجر معه . وقيل : كان نبيا في زمن بشتاسب بن لهراسب . قال ابن جرير والصحيح أنه كان متقدما في زمن أفريدون ابن أثفيان حتى أدركه موسى ، عليهما السلام . وروى الحافظ ابن عساكر ، عن سعيد بن المسيب أنه قال : الخضر أمه رومية وأبوه فارسي . وقد ورد ما يدل على أنه كان من بني إسرائيل في زمان فرعون أيضا . قال أبو زرعة في " دلائل النبوة " : حدثنا صفوان بن صالح الدمشقي ، حدثنا الوليد ، حدثنا سعيد بن بشير ، عن قتادة عن ، مجاهد ، عن ابن عباس ، عن أبي بن كعب ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أنه ليله أسري به وجد رائحة طيبة ، فقال : يا جبريل ما هذه الرائحة الطيبة؟ قال : هذه ريح قبر الماشطة ، وابنيها ، وزوجها وقال : وكان بدء ذلك أن الخضر كان من أشراف بني إسرائيل ، وكان ممره براهب في صومعته فتطلع عليه الراهب ، فعلمه الإسلام ، فلما بلغ الخضر زوجه أبوه امرأة ، فعلمها الإسلام وأخذ عليها أن لا تعلم أحدا ، وكان لا يقرب النساء ، ثم طلقها ، ثم زوجه أبوه بأخرى فعلمها الإسلام ، وأخذ عليها أن لا تعلم أحدا ، ثم طلقها ، فكتمت إحداهما ، [ ص: 246 ] وأفشت عليه الأخرى ، فانطلق هاربا حتى أتى جزيرة في البحر ، فأقبل رجلان يحتطبان فرأياه ، فكتم أحدهما ، وأفشى عليه الآخر ، قال : قد رأيت الخضر . فقيل ومن رآه معك؟ قال : فلان . فسئل فكتم ، وكان من دينهم أنه من كذب قتل فقتل وكان قد تزوج الكاتم المرأة الكاتمة ، قال : فبينما هي تمشط بنت فرعون ، إذ سقط المشط من يدها ، فقالت : تعس فرعون . فأخبرت أباها ، وكان للمرأة ابنان ، وزوج ، فأرسل إليهم فراود المرأة وزوجها أن يرجعا عن دينهما ، فأبيا فقال : إني قاتلكما . فقالا : إحسان منك إلينا إن أنت قتلتنا أن تجعلنا في قبر واحد . فجعلهما في قبر واحد فقال : وما وجدت ريحا أطيب منهما ، وقد دخلت الجنة وقد تقدمت قصة مائلة بنت فرعون ، وهذا المشط في أمر الخضر قد يكون مدرجا من كلام أبي بن كعب ، أو عبد الله بن عباس ، والله أعلم . وقال بعضهم : كنيته أبو العباس . والأشبه - والله أعلم - أن الخضر لقب غلب عليه . قال البخاري رحمه الله : حدثنا محمد بن سعيد الأصبهاني ، حدثنا ابن المبارك ، عن معمر ، عن همام ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إنما سمي الخضر لأنه جلس على فروة بيضاء ، فإذا هي تهتز من خلفه خضراء تفرد به البخاري ، وكذلك رواه عبد الرزاق ، عن معمر به . ثم قال عبد [ ص: 247 ] الرزاق : الفروة; الحشيش الأبيض وما أشبهه ، يعني الهشيم اليابس . وقال الخطابي : وقال أبو عمر : الفروة; الأرض البيضاء ، التي لا نبات فيها ، وقال غيره : هو الهشيم اليابس ، شبهه بالفروة ، ومنه قيل فروة الرأس ، وهي جلدته بما عليها من الشعر كما قال الراعي : ولقد ترى الحبشي حول بيوتنا جذلا إذا ما نال يوما مأكلا جعدا أسك كأن فروة رأسه بذرت فأنبت جانباه فلفلا وقال الخطابي : إنما سمي الخضر خضرا; لحسنه وإشراق وجهه . قلت : هذا لا ينافي ما ثبت في " الصحيح " ، فإن كان ولا بد من التعليل بأحدهما ، فما ثبت في " الصحيح " أولى وأقوى ، بل لا يلتفت إلى ما عداه . وقد روى الحافظ ابن عساكر هذا الحديث أيضا من طريق أبي إسماعيل بن حفص بن عمر الأيلي ، حدثنا عثمان ، وأبو جزي ، وهمام بن يحيى ، عن قتادة ، عن عبد الله بن الحارث بن نوفل ، عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إنما سمي الخضر خضرا; لأنه صلى على فروة بيضاء ، فاهتزت خضراء وهذا غريب من هذا الوجه . وقال قبيصة ، عن الثوري ، عن [ ص: 248 ] منصور ، عن مجاهد ، قال إنما سمي الخضر; لأنه كان إذا صلى اخضر ما حوله . وتقدم أن موسى ، ويوشع ، عليهما السلام ، لما رجعا يقصان الأثر ، وجداه على طنفسة خضراء على كبد البحر ، وهو مسجى بثوب ، قد جعل طرفاه من تحت رأسه وقدميه ، فسلم عليه موسى ، عليه السلام فكشف عن وجهه ، فرد وقال : أنى بأرضك السلام! من أنت؟ قال : أنا موسى . قال : موسى بني إسرائيل؟ قال : نعم . فكان من أمرهما ما قصه الله في كتابه عنهما . وقد دل سياق القصة على نبوته من وجوه; أحدها قوله تعالى : فوجدا عبدا من عبادنا آتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من لدنا علما [ الكهف : 65 ] . الثاني ، قول موسى له : هل أتبعك على أن تعلمني مما علمت رشدا قال إنك لن تستطيع معي صبرا وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا قال ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصي لك أمرا قال فإن اتبعتني فلا تسألني عن شيء حتى أحدث لك منه ذكرا [ الكهف : 66 - 70 ] . فلو كان وليا وليس بنبي ، لم يخاطبه موسى بهذه المخاطبة ، ولم يرد على موسى هذا الرد ، بل موسى إنما سأل صحبته لينال ما عنده من العلم ، الذي اختصه الله به دونه ، فلو كان غير نبي لم يكن معصوما ، ولم تكن لموسى - وهو نبي عظيم ، ورسول كريم ، واجب العصمة - كبير رغبة ، ولا [ ص: 249 ] عظيم طلبة في علم ولي غير واجب العصمة ، ولما عزم على الذهاب إليه ، والتفتيش عليه ، ولو أنه يمضي حقبا من الزمان ، قيل : ثمانين سنة . ثم لما اجتمع به تواضع له ، وعظمه ، واتبعه في صورة مستفيد منه ، دل على أنه نبي مثله يوحى إليه كما يوحى إليه ، وقد خص من العلوم اللدنية ، والأسرار النبوية ، بما لم يطلع الله عليه موسى ، الكليم ، نبي بني إسرائيل الكريم ، وقد احتج بهذا المسلك بعينه الرماني ، على نبوة الخضر ، عليه السلام . الثالث ، أن الخضر أقدم على قتل ذلك الغلام ، وما ذاك إلا للوحي إليه من الملك العلام . وهذا دليل مستقل على نبوته ، وبرهان ظاهر على عصمته; لأن الولي لا يجوز له الإقدام على قتل النفوس بمجرد ما يلقى في خلده ، لأن خاطره ليس بواجب العصمة; إذ يجوز عليه الخطأ بالاتفاق . ولما أقدم الخضر على قتل ذلك الغلام ، الذي لم يبلغ الحلم ، علما منه بأنه إذا بلغ يكفر ، ويحمل أبويه عن الكفر; لشدة محبتهما له ، فيتابعانه عليه ، ففي قتله مصلحة عظيمة تربو على بقاء مهجته; صيانة لأبويه عن الوقوع في الكفر وعقوبته ، دل ذلك على نبوته ، وأنه مؤيد من الله بعصمته . وقد رأيت الشيخ أبا الفرج ابن الجوزي طرق هذا المسلك بعينه في الاحتجاج على نبوة الخضر وصححه . وحكى الاحتجاج عليه الرماني أيضا . الرابع ، أنه لما فسر الخضر تأويل تلك الأفاعيل لموسى ، ووضح له عن حقيقة أمره ، وجلى ، قال بعد ذلك كله : رحمة من ربك وما فعلته عن أمري يعني : ما فعلته من تلقاء نفسي ، بل أمرت به ، وأوحي إلي فيه ، فدلت هذه الوجوه على نبوته . ولا ينافي ذلك حصول ولايته ، بل ولا رسالته ، كما قال آخرون . وأما كونه ملكا من الملائكة ، فغريب جدا . وإذا ثبتت نبوته كما ذكرناه ، لم يبق لمن قال بولايته - وإن الولي قد يطلع على [ ص: 250 ] حقيقة الأمور دون أرباب الشرع الظاهر - مستند يستندون إليه ، ولا معتمد يعتمدون عليه . وأما الخلاف في وجوده إلى زماننا هذا ، فالجمهور على أنه باق إلى اليوم ، قيل : لأنه دفن آدم بعد خروجهم من الطوفان ، فنالته دعوة أبيه آدم بطول الحياة . وقيل : لأنه شرب من عين الحياة فحيي . وذكروا أخبارا استشهدوا بها على بقائه إلى الآن ، وسنوردها مع غيرها ، إن شاء الله تعالى ، وبه الثقة . وهذه وصيته لموسى حين قال هذا فراق بيني وبينك سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا [ الكهف : 78 ] . روي في ذلك آثار منقطعة كثيرة . قال البيهقي : أنبأنا أبو سعيد بن أبي عمرو ، حدثنا أبو عبد الله الصفار ، حدثنا أبو بكر ابن أبي الدنيا ، حدثنا إسحاق بن إسماعيل ، حدثنا جرير ، حدثني أبو عبد الله الملطي ، قال : لما أراد موسى أن يفارق الخضر ، قال له موسى : أوصني . قال : كن نفاعا ولا تكن ضرارا ، كن بشاشا ولا تكن غضبان ، ارجع عن اللجاجة ، ولا تمش في غير حاجة . وفي رواية من طريق أخرى زيادة : ولا تضحك إلا من عجب . وقال وهب بن منبه قال الخضر : يا موسى ، إن الناس معذبون في الدنيا على قدر همومهم بها . وقال بشر بن الحارث الحافي : قال موسى للخضر : أوصني . فقال : يسر الله [ ص: 251 ] عليك طاعته . وقد ورد في ذلك حديث مرفوع ، رواه ابن عساكر ، من طريق زكريا بن يحيى الوقار ، إلا أنه من الكذابين الكبار . قال : قرئ على عبد الله بن وهب ، وأنا أسمع ، قال الثوري : قال مجالد : قال أبو الوداك : قال أبو سعيد الخدري : قال عمر بن الخطاب ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال أخي موسى : يا رب . ذكر كلمة ، فأتاه الخضر ، وهو فتى طيب الريح ، حسن بياض الثياب ، مشمرها ، فقال : السلام عليك ورحمة الله يا موسى بن عمران ، إن ربك يقرأ عليك السلام . قال موسى : هو السلام ، وإليه السلام ، والحمد لله رب العالمين ، الذي لا أحصي نعمه ، ولا أقدر على أداء شكره إلا بمعونته ، ثم قال موسى : أريد أن توصيني بوصية ، ينفعني الله بها بعدك . فقال الخضر : يا طالب العلم إن القائل أقل ملالة من المستمع ، فلا تمل جلساءك إذا حدثتهم ، واعلم أن قلبك وعاء فانظر ماذا تحشو به وعاءك؟ واعزف عن الدنيا وأنبذها وراءك ، فإنها ليست لك بدار ، ولا لك فيها محل قرار . وإنما جعلت بلغة للعباد ، والتزود منها ليوم المعاد . ورض نفسك على الصبر ، تخلص من الإثم ، يا موسى تفرغ للعلم إن كنت تريده ، فإنما العلم لمن تفرغ له ، ولا تكن مكثارا بالمنطق مهدارا; فإن كثرة المنطق تشين [ ص: 252 ] العلماء ، وتبدي مساوئ السخفاء ، ولكن عليك بالاقتصاد ، فإن ذلك من التوفيق والسداد ، وأعرض عن الجهال وباطلهم ، واحلم عن السفهاء ، فإن ذلك فعل الحكماء ، وزين العلماء ، إذا شتمك الجاهل فاسكت عنه حلما ، وجانبه حزما; فإن ما بقي من جهله عليك ، وسبه إياك أكثر وأعظم . يا ابن عمران ، ولا تر أنك أوتيت من العلم إلا قليلا; فإن الاندلاث والتعسف ، من الاقتحام والتكلف ، يا ابن عمران لا تفتحن بابا لا تدري ما غلقه ، ولا تغلقن بابا لا تدري ما فتحه . يا ابن عمران من لا تنتهي من الدنيا نهمته ، ولا تنقضي منها رغبته ، كيف يكون عابدا؟! ومن يحقر حاله ويتهم الله فيما قضى له ، كيف يكون زاهدا؟! هل يكف عن الشهوات من غلب عليه هواه ، أو ينفعه طلب العلم والجهل قد حواه; لأن سعيه إلى آخرته ، وهو مقبل على دنياه؟! يا موسى تعلم ما تعلمت لتعمل به ، ولا تعلمه لتحدث به ، فيكون عليك بواره ولغيرك نوره . يا موسى بن عمران ، اجعل الزهد والتقوى لباسك ، والعلم والذكر كلامك ، واستكثر من الحسنات ، فإنك مصيب السيئات ، وزعزع بالخوف قلبك ، فإن ذلك يرضي ربك ، واعمل خيرا فإنك لا بد عامل سوءا . قد وعظت إن حفظت قال : فتولى الخضر ، وبقي موسى محزونا مكروبا يبكي . لا يصح هذا الحديث ، وأظنه من صنعة زكريا بن يحيى الوقار [ ص: 253 ] المصري ، كذبه غير واحد من الأئمة ، والعجب أن الحافظ ابن عساكر سكت عنه . وقال الحافظ أبو نعيم الأصبهاني : حدثنا سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني ، حدثنا عمرو بن إسحاق بن إبراهيم بن العلاء الحمصي ، حدثنا محمد بن الفضل بن عمران الكندي ، حدثنا بقية بن الوليد ، عن محمد بن زياد ، عن أبي أمامة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه : ألا أحدثكم عن الخضر؟ قالوا : بلى يا رسول الله . قال : بينما هو ذات يوم يمشي في سوق بني إسرائيل ، أبصره رجل مكاتب ، فقال : تصدق علي بارك الله فيك . فقال الخضر : آمنت بالله ، ما شاء الله من أمر يكون ، ما عندي من شيء أعطيكه . فقال المسكين : أسألك بوجه الله لما تصدقت علي ، فإني نظرت السيماء في وجهك ، ورجوت البركة عندك . فقال الخضر : آمنت بالله ، ما عندي من شيء أعطيكه ، إلا أن تأخذني فتبيعني . فقال المسكين : وهل يستقيم هذا؟ قال : نعم ، الحق أقول لك ، لقد سألتني بأمر عظيم ، أما إني لا أخيبك بوجه ربي بعني . قال : فقدمه إلى السوق فباعه بأربعمائة درهم ، فمكث عند المشتري زمانا لا يستعمله في شيء; فقال له : إنك إنما ابتعتني التماس خير عندي ، فأوصني بعمل . قال : أكره أن أشق عليك ، إنك شيخ كبير ضعيف . قال : ليس تشق علي . قال : فانقل هذه الحجارة . وكان لا ينقلها دون ستة نفر في يوم ، فخرج الرجل لبعض حاجته ، ثم انصرف وقد نقل [ ص: 254 ] الحجارة في ساعة . فقال : أحسنت وأجملت ، وأطقت ما لم أرك تطيقه . ثم عرض للرجل سفر فقال : إني أحسبك أمينا فاخلفني في أهلي خلافة حسنة . قال : فأوصني بعمل . قال : إني أكره أن أشق عليك . قال : ليس تشق علي . قال : فاضرب من اللبن لبيتي حتى أقدم عليك . فمضى الرجل لسفره فرجع وقد شيد بناءه . فقال : أسألك بوجه الله ما سبيلك وما أمرك؟ فقال : سألتني بوجه الله ، والسؤال بوجه الله أوقعني في العبودية ، سأخبرك من أنا ، أنا الخضر الذي سمعت به ، سألني مسكين صدقة ، فلم يكن عندي شيء أعطيه ، فسألني بوجه الله فأمكنته من رقبتي ، فباعني ، وأخبرك أنه من سئل بوجه الله ، فرد سائله وهو يقدر ، وقف يوم القيامة; جلده لا لحم له ولا عظم يتقعقع . فقال الرجل : آمنت بالله ، شققت عليك يا نبي الله ولم أعلم . فقال : لا بأس أحسنت وأبقيت . فقال الرجل : بأبي وأمي يا نبي الله ، احكم في أهلي ومالي بما أراك الله ، أو أخيرك فأخلي سبيلك . فقال : أحب أن تخلي سبيلي فأعبد ربي . فخلى سبيله ، فقال الخضر : الحمد لله الذي أوقعني في العبودية ثم نجاني منها وهذا حديث رفعه خطأ ، والأشبه أن يكون موقوفا ، وفي رجاله من لا يعرف . فالله أعلم . وقد رواه ابن الجوزي ، في كتابه " عجالة المنتظر في شرح حال الخضر " من طريق عبد الوهاب بن الضحاك ، وهو متروك عن بقية . وقد [ ص: 255 ] روى الحافظ ابن عساكر بإسناده إلى السدي ، أن الخضر وإلياس كانا أخوين ، وكان أبوهما ملكا ، فقال إلياس لأبيه : إن أخي الخضر لا رغبة له في الملك ، فلو أنك زوجته; لعله يجيء منه ولد يكون الملك له . فزوجه أبوه بامرأة حسناء بكر ، فقال لها الخضر : إنه لا حاجة لي في النساء ، فإن شئت أطلقت سراحك ، وإن شئت أقمت معي تعبدين الله ، عز وجل ، وتكتمين على سري . فقالت : نعم . وأقامت معه سنة ، فلما مضت السنة ، دعاها الملك فقال : إنك شابة وابني شاب ، فأين الولد؟ فقالت : إنما الولد من عند الله ، إن شاء كان ، وإن لم يشأ لم يكن . فأمره أبوه فطلقها وزوجه أخرى ثيبا قد ولد لها ، فلما زفت إليه قال لها كما قال للتي قبلها ، فأجابت إلى الإقامة عنده ، فلما مضت السنة ، سألها الملك عن الولد ، فقالت : إن ابنك لا حاجة له في النساء . فتطلبه أبوه فهرب ، فأرسل وراءه ، فلم يقدروا عليه ، فيقال إنه قتل المرأة الثانية ، لكونها أفشت سره فهرب من أجل ذلك ، وأطلق سراح الأخرى ، فأقامت تعبد الله في بعض نواحي تلك المدينة ، فمر بها رجل يوما ، فسمعته يقول : بسم الله . فقالت له : أنى لك هذا الاسم؟ فقال : إني من أصحاب الخضر . فتزوجته ، فولدت له أولادا ، ثم صار من أمرها أن صارت ماشطة بنت فرعون ، فبينما هي يوما تمشطها; إذ وقع المشط من يدها ، فقالت : بسم الله . فقالت ابنة فرعون : أبي؟ فقالت : لا ، ربي وربك ورب أبيك الله . فأعلمت أباها ، فأمر ببقرة من نحاس ، فأحميت ، ثم أمر بها ، فألقيت فيه ، فلما عاينت [ ص: 256 ] ذلك ، تقاعست أن تقع فيها ، فقال لها ابن معها صغير : يا أمه ، اصبري فإنك على الحق . فألقت نفسها في النار ، فماتت رحمها الله . وقد روى ابن عساكر ، عن أبي داود الأعمى نفيع ، وهو كذاب وضاع ، عن أنس بن مالك ، ومن طريق كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف ، وهو كذاب أيضا ، عن أبيه ، عن جده ، أن الخضر جاء ليلة فسمع النبي صلى الله عليه وسلم كلامه وهو يدعو ويقول : اللهم أعني على ما ينجيني مما خوفتني ، وارزقني شوق الصالحين إلى ما شوقتهم إليه . فبعث إليه رسول الله أنس بن مالك ، فسلم عليه ، فرد عليه السلام ، وقال له : قل له : إن الله فضلك على الأنبياء ، كما فضل شهر رمضان على سائر الشهور ، وفضل أمتك على الأمم ، كما فضل يوم الجمعة على غيره . الحديث ، وهو مكذوب ، لا يصح سندا ولا متنا; كيف لا يتمثل بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ويجيء بنفسه مسلما ومتعلما ، وهم يذكرون في حكاياتهم وما يسندونه عن بعض مشايخهم ، أن الخضر يأتي إليهم ويسلم عليهم ، ويعرف أسماءهم ومنازلهم ومحالهم ، وهو مع هذا لا يعرف موسى بن عمران ، كليم الله ، الذي اصطفاه الله في ذلك الزمان على من سواه ، حتى يتعرف إليه بأنه موسى بني إسرائيل . وقد قال الحافظ أبو الحسين بن المنادى بعد إيراده حديث أنس هذا : وأهل الحديث متفقون على أنه حديث منكر الإسناد ، سقيم المتن ، يتبين فيه أثر الصنعة . فأما الحديث الذي رواه [ ص: 257 ] الحافظ أبو بكر البيهقي ، قائلا : أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو بكر بن بالويه ، حدثنا محمد بن بشر بن مطر ، حدثنا كامل بن طلحة ، حدثنا عباد بن عبد الصمد ، عن أنس بن مالك ، قال : لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أحدق به أصحابه ، فبكوا حوله ، واجتمعوا ، فدخل رجل أشهب اللحية ، جسيم ، صبيح ، فتخطى رقابهم ، فبكى ثم التفت إلى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : إن في الله عزاء من كل مصيبة ، وعوضا من كل فائت ، وخلفا من كل هالك ، فإلى الله فأنيبوا ، وإليه فارغبوا ، ونظره إليكم في البلاء فانظروا ، فإن المصاب من لم يجبر . وانصرف ، فقال بعضهم لبعض : تعرفون الرجل؟ فقال أبو بكر ، وعلي : نعم ، هذا أخو رسول الله صلى الله عليه وسلم ، الخضر عليه السلام . وقد رواه أبو بكر بن أبي الدنيا ، عن كامل بن طلحة به ، وفي متنه مخالفة لسياق البيهقي ، ثم قال البيهقي : عباد بن عبد الصمد ضعيف ، وهذا منكر بمرة . قلت : عباد بن عبد الصمد هذا ، هو ابن معمر البصري ، روى عن أنس نسخة . قال ابن حبان والعقيلي : أكثرها موضوع . وقال البخاري : منكر الحديث . وقال أبو حاتم : ضعيف الحديث جدا منكره . [ ص: 258 ] وقال ابن عدي عامة ما يرويه في فضائل علي ، وهو ضعيف ، غال في التشيع . وقال الشافعي في " مسنده " : أخبرنا القاسم بن عبد الله بن عمر ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جده ، علي بن الحسين ، قال : لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وجاء التعزية ، سمعوا قائلا يقول : إن في الله عزاء من كل مصيبة ، وخلفا من كل هالك ، ودركا من كل فائت ، فبالله فثقوا ، وإياه فارجوا ، فإن المصاب من حرم الثواب . قال علي بن الحسين أتدرون من هذا؟ هذا الخضر . شيخ الشافعي القاسم العمري متروك . قال أحمد بن حنبل ، ويحيى بن معين : يكذب . زاد أحمد : ويضع الحديث . ثم هو مرسل ، ومثله لا يعتمد عليه هاهنا . والله أعلم . وقد روي من وجه آخر ضعيف ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جده ، عن أبيه ، عن علي . ولا يصح . وقد روى عبد الله بن وهب ، عمن حدثه ، عن محمد بن عجلان ، عن محمد بن المنكدر أن عمر بن الخطاب بينما هو يصلي على جنازة; إذ سمع هاتفا وهو يقول : لا تسبقنا يرحمك الله . فانتظره حتى لحق بالصف ، فذكر دعاءه للميت; إن تعذبه فكثيرا عصاك ، وإن تغفر له ففقير إلى رحمتك . ولما [ ص: 259 ] دفن قال : طوبى لك يا صاحب القبر ، إن لم تكن عريفا ، أو جابيا ، أو خازنا ، أو كاتبا ، أو شرطيا . فقال عمر : خذوا الرجل نسأله عن صلاته وكلامه عمن هو . قال : فتوارى عنهم ، فنظروا فإذا أثر قدمه ذراع . فقال عمر : هذا والله الخضر الذي حدثنا عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم . وهذا الأثر فيه مبهم ، وفيه انقطاع ، ولا يصح مثله . وروى الحافظ ابن عساكر ، عن الثوري ، عن عبد الله بن المحرر ، عن يزيد بن الأصم ، عن علي بن أبي طالب ، قال : دخلت الطواف في بعض الليل ، فإذا أنا برجل متعلق بأستار الكعبة ، وهو يقول : يا من لا يمنعه سمع عن سمع ، ويا من لا تغلطه المسائل ، ويا من لا يبرمه إلحاح الملحين ، ولا مسألة السائلين ، ارزقني برد عفوك ، وحلاوة رحمتك . قال : فقلت : أعد علي ما قلت . فقال لي : أوسمعته؟ قلت : نعم . فقال لي : والذي نفس الخضر بيده - قال : وكان هو الخضر - لا يقولها عبد خلف صلاة مكتوبة; إلا غفر الله له ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر ، وورق الشجر ، وعدد النجوم; لغفرها الله له . وهذا ضعيف من جهة عبد الله بن المحرر; فإنه متروك الحديث ، ويزيد بن الأصم لم يدرك عليا . ومثل هذا لا يصح . والله أعلم . وقد رواه أبو [ ص: 260 ] إسماعيل الترمذي : حدثنا مالك بن إسماعيل ، حدثنا صالح بن أبي الأسود ، عن محفوظ بن عبد الله الحضرمي ، عن محمد بن يحيى ، قال : بينما علي بن أبي طالب يطوف بالكعبة ، إذا هو برجل متعلق بأستار الكعبة ، وهو يقول : يا من لا يشغله سمع عن سمع ، ويا من لا يغلطه السائلون ، ويا من لا يتبرم بإلحاح الملحين ، أذقني برد عفوك ، وحلاوة رحمتك . قال : فقال له علي : يا عبد الله ، أعد دعاءك هذا . قال : وقد سمعته؟ قال : نعم . قال : فادع به في دبر كل صلاة ، فوالذي نفس الخضر بيده ، لو كانت عليك من الذنوب عدد نجوم السماء ومطرها ، وحصباء الأرض وترابها ، لغفر لك أسرع من طرفة عين . وهذا أيضا منقطع وفي إسناده من لا يعرف . والله أعلم . وقد أورده ابن الجوزي ، من طريق أبي بكر بن أبي الدنيا : حدثنا يعقوب بن يوسف ، حدثنا مالك بن إسماعيل ، فذكر نحوه . ثم قال : وهذا إسناد مجهول منقطع ، وليس فيه ما يدل على أن الرجل الخضر . وقال الحافظ أبو القاسم ابن عساكر : أنبأنا أبو القاسم بن الحصين ، أنبأنا أبو طالب محمد بن محمد ، أنبأنا أبو إسحاق المزكي ، حدثنا محمد بن إسحاق بن خزيمة ، حدثنا محمد بن أحمد بن زيد ، أمله علينا بعبادان ، أنبأنا عمرو بن عاصم ، حدثنا الحسن بن رزين ، عن ابن جريج ، عن عطاء ، عن [ ص: 261 ] ابن عباس - قال : ولا أعلمه إلا مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم - قال : يلتقي الخضر وإلياس كل عام في الموسم ، فيحلق كل واحد منهما رأس صاحبه ، ويتفرقان عن هؤلاء الكلمات : بسم الله ما شاء الله ، لا يسوق الخير إلا الله ، ما شاء الله ، لا يصرف الشر إلا الله ، ما شاء الله ، ما كان من نعمة فمن الله ، ما شاء الله ، لا حول ولا قوة إلا بالله قال : وقال ابن عباس : من قالهن حين يصبح وحين يمسي ثلاث مرات ، آمنه الله من الغرق ، والحرق ، والسرق . قال : وأحسبه قال : ومن الشيطان ، والسلطان ، والحية ، والعقرب . قال الدارقطني في " الأفراد " : هذا حديث غريب من حديث ابن جريج لم يحدث به غير هذا الشيخ عنه . يعني الحسن بن رزين هذا . وقد روى عنه محمد بن كثير العبدي أيضا ، ومع هذا قال فيه الحافظ أبو أحمد ابن عدي : ليس بالمعروف . وقال الحافظ أبو جعفر العقيلي : مجهول ، وحديثه غير محفوظ . وقال أبو الحسين ابن المنادي : هو حديث واه ، بالحسن بن رزين . وقد روى ابن عساكر نحوه من طريق علي بن الحسن الجهضمي ، وهو كذاب ، عن ضمرة بن حبيب المقدسي ، عن أبيه ، عن العلاء بن زياد [ ص: 262 ] القشيري ، عن عبد الله بن الحسن ، عن أبيه ، عن جده ، عن علي بن أبي طالب مرفوعا ، قال : يجتمع كل يوم عرفة بعرفات جبريل ، وميكائيل ، وإسرافيل ، والخضر . وذكر حديثا طويلا موضوعا تركنا إيراده قصدا . ولله الحمد . وروى ابن عساكر ، من طريق هشام بن خالد ، عن الحسن بن يحيى الخشني ، عن ابن أبي رواد ، قال : إلياس والخضر يصومان شهر رمضان في بيت المقدس ، ويحجان في كل سنة ، ويشربان من ماء زمزم شربة واحدة تكفيهما إلى مثلها من قابل . وروى ابن عساكر أن الوليد بن عبد الملك بن مروان ، باني جامع دمشق ، أحب أن يتعبد ليلة في المسجد فأمر القومة أن يخلوه له ، ففعلوا ، فلما كان من الليل ، جاء من باب الساعات ، فدخل الجامع ، فإذا رجل قائم يصلي فيما بينه وبين باب الخضراء ، فقال للقومة : ألم آمركم أن تخلوه؟ فقالوا : يا أمير المؤمنين ، هذا الخضر يجيء كل ليلة يصلي هاهنا . وقال ابن عساكر أيضا : أنبأنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد ، أنبأنا أبو [ ص: 263 ] بكر ابن الطبري ، أنبأنا أبو الحسين بن الفضل ، أنبأنا عبد الله بن جعفر ، حدثنا يعقوب - هو ابن سفيان - الفسوي ، حدثني محمد بن عبد العزيز ، حدثنا ضمرة ، عن السري بن يحيى ، عن رياح بن عبيدة ، قال : رأيت رجلا يماشي عمر بن عبد العزيز معتمدا على يديه فقلت في نفسي : إن هذا الرجل جاف . قال : فلما انصرف من الصلاة ، قلت : من الرجل الذي كان معتمدا على يدك آنفا؟ قال : وهل رأيته يا رياح؟ قلت : نعم . قال : ما أحسبك إلا رجلا صالحا . ذاك أخي الخضر ، بشرني أني سألي وأعدل . قال الشيخ أبو الفرج ابن الجوزي : الرملي مجروح عند العلماء . وقد قدح أبو الحسين بن المنادي في ضمرة ، والسري ، ورياح . ثم أورد من طرق أخرى ، عن عمر بن عبد العزيز ، أنه اجتمع بالخضر . وضعفها كلها . وروى ابن عساكر أيضا ، أنه اجتمع بإبراهيم التيمي ، وبسفيان بن عيينة ، وجماعة يطول ذكرهم . وهذه الروايات والحكايات ، هي عمدة من ذهب إلى حياته إلى اليوم . وكل من الأحاديث المرفوعة ضعيفة جدا ، لا يقوم بمثلها حجة في [ ص: 264 ] الدين . والحكايات لا يخلو أكثرها عن ضعف في الإسناد ، وقصاراها أنها صحيحة إلى من ليس بمعصوم; من صحابي أو غيره; لأنه يجوز عليه الخطأ . والله أعلم . وقال عبد الرزاق : أنبأنا معمر ، عن الزهري ، أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ، أن أبا سعيد ، قال : حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا طويلا عن الدجال ، فقال فيما يحدثنا : يأتي الدجال ، وهو محرم عليه أن يدخل نقاب المدينة ، فيخرج إليه يومئذ رجل ، هو خير الناس ، أو من خيرهم ، فيقول : أشهد أنك أنت الدجال الذي حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بحديثه . فيقول الدجال : أرأيتم إن قتلت هذا ثم أحييته ، أتشكون في الأمر؟ فيقولون : لا . فيقتله ثم يحييه ، فيقول حين يحيى : والله ما كنت أشد بصيرة فيك مني الآن قال فيريد قتله الثانية فلا يسلط عليه قال معمر : بلغني أنه يجعل على حلقه صفيحة من نحاس ، وبلغني أنه الخضر الذي يقتله الدجال ، ثم يحييه . وهذا الحديث مخرج في " الصحيحين " من حديث الزهري به . وقال أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن سفيان ، الفقيه الراوي عن مسلم : الصحيح أن يقال : إن هذا الرجل الخضر . وقول معمر وغيره : بلغني . ليس فيه حجة وقد ورد في بعض ألفاظ الحديث : فيأتي بشاب ممتلئ شبابا فيقتله وقوله : " الذي حدثنا عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم " . لا يقتضي المشافهة ، [ ص: 265 ] بل يكفي التواتر . وقد تصدى الشيخ أبو الفرج ابن الجوزي ، رحمه الله في كتابه : " عجالة المنتظر ، في شرح حالة الخضر " للأحاديث الواردة في ذلك من المرفوعات ، فبين أنها موضوعات ، ومن الآثار عن الصحابة والتابعين ومن بعدهم ، فبين ضعف أسانيدها ببيان أحوالها ، وجهالة رجالها ، وقد أجاد في ذلك وأحسن الانتقاد . وأما الذين ذهبوا إلى أنه قد مات ، ومنهم البخاري ، وإبراهيم الحربي ، وأبو الحسين ابن المنادي ، والشيخ أبو الفرج بن الجوزي ، وقد انتصر لذلك وألف فيه كتابا سماه : " عجالة المنتظر في شرح حالة الخضر " فيحتج لهم بأشياء كثيرة; منها ، قوله تعالى : وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد [ الأنبياء : 34 ] . فالخضر ، إن كان بشرا ، فقد دخل في هذا العموم لا محالة ، ولا يجوز تخصيصه منه إلا بدليل صحيح ، والأصل عدمه حتى يثبت ، ولم يذكر ما فيه دليل على التخصيص عن معصوم يجب قبوله . ومنها أن الله تعالى قال : وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال ءأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين [ آل عمران : 81 ] . قال ابن عباس : ما بعث الله نبيا إلا أخذ عليه الميثاق : لئن بعث [ ص: 266 ] محمد ، وهو حي ، ليؤمنن به ولينصرنه . وأمره أن يأخذ على أمته الميثاق : لئن بعث محمد وهم أحياء; ليؤمنن به ولينصرنه . ذكره البخاري عنه . فالخضر إن كان نبيا أو وليا فقد دخل في هذا الميثاق ، فلو كان حيا في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم; لكان أشرف أحواله أن يكون بين يديه ، يؤمن بما أنزل الله عليه وينصره أن يصل أحد من الأعداء إليه; لأنه إن كان وليا; فالصديق أفضل منه ، وإن كان نبيا; فموسى أفضل منه . وقد روى الإمام أحمد في " مسنده " : حدثنا سريج بن النعمان ، حدثنا هشيم ، أنبأنا مجالد ، عن الشعبي ، عن جابر بن عبد الله ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : والذي نفسي بيده ، لو أن موسى كان حيا ما وسعه إلا أن يتبعني وهذا الذي يقطع به ويعلم من الدين علم الضرورة ، وقد دلت عليه هذه الآية الكريمة; أن الأنبياء كلهم لو فرض أنهم أحياء مكلفون في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لكانوا كلهم أتباعا له ، وتحت أوامره ، وفي عموم شرعه ، كما أنه صلوات الله وسلامه عليه لما اجتمع معهم ليلة الإسراء ، رفع فوقهم كلهم ، ولما هبطوا معه إلى بيت المقدس ، وحانت الصلاة; أمره جبريل عن أمر الله أن يؤمهم ، فصلى بهم في محل ولايتهم ، ودار إقامتهم ، فدل على أنه الإمام الأعظم ، والرسول الخاتم المبجل المقدم ، صلوات الله وسلامه عليه وعليهم أجمعين . فإذا علم هذا - وهو معلوم عند كل مؤمن - علم أنه لو كان الخضر [ ص: 267 ] حيا ، لكان من جملة أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، وممن يقتدي بشرعه ، لا يسعه إلا ذلك . هذا عيسى بن مريم ، عليه السلام ، إذا نزل في آخر الزمان ، يحكم بهذه الشريعة المطهرة ، لا يخرج منها ، ولا يحيد عنها ، وهو أحد أولي العزم الخمسة المرسلين ، وخاتم أنبياء بني إسرائيل . والمعلوم أن الخضر ، لم ينقل بسند صحيح ولا حسن تسكن النفس إليه ، أنه اجتمع برسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم واحد ، ولم يشهد معه قتالا في مشهد من المشاهد ، وهذا يوم بدر ، يقول الصادق المصدوق ، فيما دعا به لربه ، عز وجل ، واستنصره ، واستفتحه ، على من كفره : اللهم إن تهلك هذه العصابة ، لا تعبد بعدها في الأرض ، وتلك العصابة كان تحتها سادة المسلمين يومئذ ، وسادة الملائكة ، حتى جبريل ، عليه السلام ، كما قال حسان بن ثابت في قصيدة له ، في بيت يقال : إنه أفخر بيت قالته العرب : وببئر بدر إذ يرد وجوههم جبريل تحت لوائنا ومحمد فلو كان الخضر حيا لكان وقوفه تحت هذه الراية أشرف مقاماته ، وأعظم غزواته . قال القاضي أبو يعلى محمد بن الحسين بن الفراء الحنبلي : سئل بعض [ ص: 268 ] أصحابنا عن الخضر : هل مات؟ فقال : نعم . قال : وبلغني مثل هذا عن أبي طاهر بن الغباري قال : وكان يحتج بأنه لو كان حيا ، لجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم . نقله ابن الجوزي في " العجالة " . فإن قيل : فهلا يقال : إنه كان حاضرا في هذه المواطن كلها ، ولكن لم يكن أحد يراه . فالجواب أن الأصل عدم هذا الاحتمال البعيد الذي يلزم منه تخصيص العمومات بمجرد التوهمات ، ثم ما الحامل له على هذا الاختفاء؟ وظهوره أعظم لأجره ، وأعلى في مرتبته ، وأظهر لمعجزته . ثم لو كان باقيا بعده ، لكان تبليغه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الأحاديث النبوية ، والآيات القرآنية ، وإنكاره لما وقع من الأحاديث المكذوبة ، والروايات المقلوبة ، والآراء البدعية ، والأهواء العصبية ، وقتاله مع المسلمين في غزواتهم ، وشهوده جمعهم وجماعاتهم ، ونفعه إياهم ، ودفعه الضرر عنهم ممن سواهم ، وتسديده العلماء والحكام ، وتقريره الأدلة والأحكام ، أفضل مم يقال عنه من كنونه في الأمصار ، وجوبه الفيافي والأقطار ، واجتماعه بعباد لا يعرف أحوال كثير منهم ، وجعله لهم كالنقيب المترجم عنهم . وهذا الذي ذكرناه لا يتوقف أحد فيه بعد التفهم ، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم . ومن ذلك ما ثبت في " الصحيحين " وغيرهم عن عبد الله بن عمر ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى ليلة العشاء ، ثم [ ص: 269 ] قال : أرأيتم ليلتكم هذه ، فإنه إلى مائة سنة ، لا يبقى ممن هو على وجه الأرض اليوم أحد - وفي رواية : - عين تطرف قال ابن عمر : فوهل الناس في مقالة رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه ، وإنما أراد انخرام قرنه . قال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرزاق ، أنبأنا معمر ، عن الزهري ، قال : أخبرني سالم بن عبد الله ، وأبو بكر بن سليمان بن أبي حثمة ، أن عبد الله بن عمر قال : صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة العشاء في آخر حياته ، فلما سلم قام فقال : أرأيتم ليلتكم هذه ، فإن على رأس مائة سنة لا يبقى ممن على ظهر الأرض أحد وأخرجه البخاري ، ومسلم ، من حديث الزهري . وقال الإمام أحمد : حدثنا محمد بن أبي عدي ، عن سليمان التيمي ، عن أبي نضرة ، عن جابر بن عبد الله ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل موته بقليل أو بشهر : ما من نفس منفوسة - أو : ما منكم من نفس اليوم منفوسة - يأتي عليها مائة سنة وهي يومئذ حية . وقال أحمد : حدثنا موسى بن داود ، حدثنا ابن لهيعة ، عن أبي الزبير ، عن جابر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه قال قبل أن يموت بشهر : يسألونني عن الساعة ، وإنما علمها عند الله ، أقسم بالله ما على الأرض نفس منفوسة اليوم ، [ ص: 270 ] يأتي عليها مائة سنة وهكذا رواه مسلم ، من طريق أبي نضرة ، وأبي الزبير ، كل منهما عن جابر بن عبد الله به نحوه . وقال الترمذي : حدثنا هناد ، حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن أبي سفيان ، عن جابر ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما على الأرض من نفس منفوسة يأتي عليها مائة سنة وهذا أيضا على شرط مسلم . قال ابن الجوزي : فهذه الأحاديث الصحاح تقطع دابر دعوى حياة الخضر . قالوا : فالخضر إن لم يكن قد أدرك زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كما هو المظنون الذي يترقى في القوة إلى القطع فلا إشكال . وإن كان قد أدرك زمانه ، فهذا الحديث يقتضي أنه لم يعش بعده مائة سنة ، فيكون الآن مفقودا لا موجودا; لأنه داخل في هذا العموم ، والأصل عدم المخصص له ، حتى يثبت بدليل صحيح يجب قبوله . والله أعلم . وقد حكى الحافظ أبو القاسم السهيلي في كتابه : " التعريف والإعلام " عن البخاري وشيخه أبي بكر ابن العربي ، أنه أدرك حياة النبي صلى الله عليه وسلم ، ولكن مات بعده; لهذا الحديث . وفي كون البخاري ، رحمه الله ، يقول بهذا ، وأنه بقي إلى زمان النبي صلى الله عليه وسلم ، نظر . ورجح السهيلي بقاءه ، وحكاه عن [ ص: 271 ] الأكثرين; قال : وأما اجتماعه مع النبي صلى الله عليه وسلم ، وتعزيته لأهل البيت ، بعده فمروي من طرق صحاح . ثم ذكر ما تقدم مما ضعفناه ، ولم يورد أسانيدها . والله أعلم . إلياس ، عليه السلام
[ ص: 272 ] أما إلياس ، عليه السلام فقال الله تعالى ، بعد قصة موسى وهارون من سورة " الصافات " : وإن إلياس لمن المرسلين إذ قال لقومه ألا تتقون أتدعون بعلا وتذرون أحسن الخالقين الله ربكم ورب آبائكم الأولين فكذبوه فإنهم لمحضرون إلا عباد الله المخلصين وتركنا عليه في الآخرين سلام على إل ياسين إنا كذلك نجزي المحسنين إنه من عبادنا المؤمنين [ الصافات : 123 - 132 ] . قال علماء النسب : هو إلياس بن تسبي . ويقال : ابن ياسين بن فنحاص بن العيزار بن هارون . وقيل : إلياس بن العازر بن العيزار بن هارون بن عمران . قالوا : وكان إرساله إلى أهل بعلبك ، غربي دمشق ، فدعاهم إلى عبادة الله ، عز وجل ، وأن يتركوا عبادة صنم لهم ، كانوا يسمونه بعلا . وقيل : كانت امرأة اسمها بعل . والأول أصح . ولهذا قال لهم : ألا تتقون أتدعون بعلا وتذرون أحسن الخالقين الله ربكم ورب آبائكم الأولين فكذبوه وخالفوه ، وأرادوا قتله ، فيقال : إنه هرب منهم ، واختفى عنهم . [ ص: 273 ] قال أبو يعقوب الأذرعي ، عن يزيد بن عبد الصمد ، عن هشام بن عمار ، قال : وسمعت من يذكر عن كعب الأحبار ، أنه قال : إن إلياس اختبأ من ملك قومه ، في الغار الذي تحت الدم ، عشر سنين ، حتى أهلك الله الملك ، وولى غيره ، فأتاه إلياس ، فعرض عليه الإسلام ، فأسلم ، وأسلم من قومه خلق عظيم ، غير عشرة آلاف منهم ، فأمر بهم فقتلوا عن آخرهم . وقال ابن أبي الدنيا حدثني أبو محمد القاسم بن هاشم ، حدثنا عمر بن سعيد الدمشقي ، حدثنا سعيد بن عبد العزيز ، عن بعض مشيخة دمشق ، قال : أقام إلياس ، عليه السلام ، هاربا من قومه ، في كهف جبل ، عشرين ليلة ، أو قال : أربعين ليلة ، تأتيه الغربان برزقه . وقال محمد بن سعد ، كاتب الواقدي : أنبأنا هشام بن محمد بن السائب الكلبي ، عن أبيه ، قال : أول نبي بعث إدريس ، ثم نوح ، ثم إبراهيم ، ثم إسماعيل وإسحاق ، ثم يعقوب ، ثم يوسف ، ثم لوط ، ثم هود ، ثم صالح ، ثم شعيب ، ثم موسى وهارون ، ابنا عمران ، ثم إلياس بن تسبي بن العازر بن هارون بن عمران بن قاهث بن لاوي بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم ، عليهم السلام . هكذا قال ، وفي هذا الترتيب نظر . وقال مكحول عن كعب : [ ص: 274 ] أربعة أنبياء أحياء ، اثنان في الأرض : إلياس والخضر ، واثنان في السماء : إدريس وعيسى . وقد قدمنا قول من ذكر أن إلياس والخضر يجتمعان في كل عام في شهر رمضان ببيت المقدس ، وأنهما يحجان كل سنة ، ويشربان من زمزم شربة تكفيهما إلى مثلها من العام المقبل . وأوردنا الحديث الذي فيه أنهما يجتمعان بعرفات كل سنة ، وبينا أنه لم يصح شيء من ذلك ، وأن الذي يقوم عليه الدليل : أن الخضر مات ، وكذلك إلياس ، عليهما السلام . وما ذكره وهب بن منبه ، وغيره; أنه لما دعا ربه ، عز وجل ، أن يقبضه إليه لما كذبوه ، وآذوه ، فجاءته دابة لونها لون النار فركبها ، وجعل الله له ريشا ، وألبسه النور ، وقطع عنه لذة المطعم والمشرب ، وصار ملكيا بشريا ، سماويا أرضيا ، وأوصى إلى اليسع بن أخطوب ، ففي هذا نظر ، وهو من الإسرائيليات ، التي لا تصدق ولا تكذب ، بل الظاهر أن صحتها بعيدة . والله أعلم . فأما الحديث الذي رواه الحافظ أبو بكر البيهقي : أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حدثني أبو العباس أحمد بن سعيد المعداني ببخارى ، حدثنا عبد الله بن محمود ، حدثنا عبدان بن سنان ، حدثني أحمد بن عبد الله [ ص: 275 ] البرقي ، حدثنا يزيد بن يزيد البلوي ، حدثنا أبو إسحاق الفزاري ، عن الأوزاعي ، عن مكحول ، عن أنس بن مالك ، قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر ، فنزلنا منزلا ، فإذا رجل في الوادي يقول : اللهم اجعلني من أمة محمد صلى الله عليه وسلم المرحومة ، المغفورة ، المثاب لها . قال : فأشرفت على الوادي ، فإذا رجل طوله أكثر من ثلاثمائة ذراع ، فقال لي : من أنت؟ قلت : أنس بن مالك ، خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال : فأين هو؟ قلت : هو ذا يسمع كلامك . قال : فأته فأقرئه السلام ، وقل له : أخوك إلياس يقرئك السلام . قال : فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته فجاء حتى لقيه ، فعانقه وسلم ، ثم قعدا يتحدثان ، فقال له : يا رسول الله ، إني ما آكل في سنة إلا يوما ، وهذا يوم فطري ، فآكل أنا وأنت . قال : فنزلت عليهما مائدة من السماء عليها خبز ، وحوت ، وكرفس ، فأكلا وأطعماني ، وصلينا العصر ، ثم ودعه ، ورأيته مر في السحاب نحو السماء . فقد كفانا البيهقي أمره وقال : هذا حديث ضعيف بمرة . والعجب أن الحاكم أبا عبد الله النيسابوري أخرجه في " مستدركه على الصحيحين " ، وهذا مما يستدرك به على " المستدرك " ، فإنه حديث موضوع ، مخالف للأحاديث الصحاح ، من وجوه . ومعناه لا يصح أيضا ، فقد تقدم في " الصحيحين " ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : إن الله خلق آدم طوله ستون ذراعا في السماء إلى أن قال : ثم لم يزل الخلق ينقص ، حتى الآن وفيه أنه لم يأت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى كان هو الذي ذهب إليه . وهذا لا يصح; لأنه [ ص: 276 ] كان أحق بالسعي إلى بين يدي خاتم الأنبياء . وفيه أنه يأكل في السنة مرة ، وقد تقدم عن وهب أنه سلبه الله لذة المطعم والمشرب ، وفيما تقدم عن بعضهم أنه يشرب من زمزم كل سنة شربة تكفيه إلى مثلها من الحول الآخر . وهذه أشياء متعارضة ، وكلها باطلة لا يصح شيء منها . وقد ساق ابن عساكر هذا الحديث من طريق أخرى ، واعترف بضعفها وهذا عجب منه ، كيف تكلم عليه ، فإنه أورده من طريق خير بن عرفة ، عن هانئ بن الحسن ، عن بقية ، عن الأوزاعي ، عن مكحول ، عن واثلة بن الأسقع ، فذكر نحو هذا مطولا ، وفيه أن ذلك كان في غزوة تبوك ، وأنه بعث إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أنس بن مالك ، وحذيفة بن اليمان ، قالا : فإذا هو أعلى جسما منا بذراعين أو ثلاثة ، واعتذر بعدم قدومه لئلا تنفر الإبل . وفيه أنه لما اجتمع به رسول الله صلى الله عليه وسلم أكلا من طعام الجنة ، وقال : إن لي في كل أربعين يوما أكلة ، وفي المائدة خبز ، ورمان ، وعنب ، وموز ، ورطب ، وبقل ، ما عدا الكراث . وفيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سأله عن الخضر ، فقال : عهدي به عام أول ، وقال لي : إنك ستلقاه قبلي فأقرئه مني السلام . وهذا يدل على أن الخضر وإلياس ، بتقدير وجودهما وصحة هذا الحديث ، لم يجتمعا [ ص: 277 ] به إلى سنة تسع من الهجرة ، وهذا لا يسوغ شرعا ، وهذا موضوع أيضا . وقد أورد ابن عساكر طرقا في من اجتمع بإلياس من العباد ، وكلها لا يفرح بها; لضعف إسنادها أو لجهالة المسند إليه فيها . ومن أحسنها ما قال أبو بكر بن أبي الدنيا ، حدثني بشر بن معاذ ، حدثنا حماد بن واقد ، عن ثابت ، قال : كنا مع مصعب بن الزبير بسواد الكوفة ، فدخلت حائطا أصلي فيه ركعتين ، فافتتحت حم تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذي الطول [ غافر : 1 - 3 ] . فإذا رجل من خلفي على بغلة شهباء ، عليه مقطعات يمنية ، فقال لي : إذا قلت : غافر الذنب فقل : يا غافر الذنب اغفر لي ذنبي . وإذا قلت : قابل التوب فقل : يا قابل التوب تقبل توبتي . وإذا قلت : شديد العقاب فقل : يا شديد العقاب لا تعاقبني . وإذا قلت : ذي الطول فقل : يا ذا الطول تطول علي برحمة . فالتفت فإذا لا أحد ، وخرجت فسألت : مر بكم رجل على بغلة شهباء ، عليه مقطعات يمنية؟ فقالوا : ما مر بنا أحد . فكانوا لا يرون إلا أنه إلياس . وقوله تعالى : فكذبوه فإنهم لمحضرون أي; للعذاب; إما في الدنيا والآخرة ، وإما في الآخرة ، والأول أظهر على ما ذكره المفسرون والمؤرخون . وقوله : إن هذا لهو الفوز العظيم أي; إلا من آمن منهم ، وقوله : وتركنا عليه في الآخرين أي; أبقينا بعده ذكرا حسنا له في [ ص: 278 ] العالمين فلا يذكر إلا بخير ، ولهذا قال : سلام على إل ياسين أي; سلام على إلياس . والعرب تلحق النون في أسماء كثيرة ، وتبدلها من غيرها ، كما قالوا : إسماعيل وإسماعين ، وإسرائيل وإسرائين ، وإلياس وإلياسين . ومن قرأ ( سلام على آل ياسين ) أي; على آل محمد ، وقرأ ابن مسعود وغيره : ( سلام على إدراسين ) . ونقل عنه من طريق إسحاق عن عبيدة بن ربيعة ، عن ابن مسعود ، أنه قال : إلياس هو إدريس . وإليه ذهب الضحاك بن مزاحم ، وحكاه قتادة ، ومحمد بن إسحاق ، والصحيح أنه غيره ، كما تقدم ، والله تعالى أعلم بالصواب .
قال الله تعالى في كتابه العزيز : الله خالق كل شيء وهو على كل شيء وكيل [ الزمر : 62 ] . فكل ما سواه تعالى فهو مخلوق له ، مربوب مدبر ، مكون بعد أن لم يكن ، محدث بعد عدمه ، فالعرش الذي هو سقف المخلوقات إلى ما تحت الثرى وما بين ذلك من جامد وناطق ، الجميع خلقه وملكه وعبيده وتحت قهره وقدرته وتحت تصريفه ومشيئته . خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو معكم أين ما كنتم والله بما تعملون بصير [ الحديد : 4 ] . وقد أجمع علماء الإسلام قاطبة لا يشك في ذلك مسلم أن الله خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام كما دل عليه القرآن الحكيم ، واختلفوا في هذه الأيام أهي كأيامنا هذه ، أو كل يوم كألف سنة مما تعدون ؟ على قولين كما بينا ذلك في التفسير وسنتعرض لإيراده في موضعه .
واختلفوا هل كان قبل خلق السماوات والأرض شيء مخلوق قبلهما ؟ فذهب طوائف من المتكلمين إلى أنه لم يكن قبلهما شيء ، وأنهما خلقتا من العدم المحض . وقال آخرون بل كان قبل السماوات والأرض مخلوقات أخر لقوله تعالى : وهو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام وكان عرشه على الماء . [ هود : 7 ] . [ ص: 12 ] الآية . وفي حديث عمران بن حصين كما سيأتي كان الله ولم يكن قبله شيء ، وكان عرشه على الماء ، وكتب في الذكر كل شيء ، ثم خلق السماوات والأرض . وقال الإمام أحمد : حدثنا بهز ، حدثنا حماد بن سلمة ، أنبأنا يعلى بن عطاء ، عن وكيع بن حدس ، عن عمه أبي رزين لقيط بن عامر العقيلي أنه قال : يا رسول الله أين كان ربنا قبل أن يخلق السماوات والأرض ؟ قال : كان في عماء ما فوقه هواء وما تحته هواء ، ثم خلق عرشه على الماء . ورواه عن يزيد بن هارون ، عن حماد بن سلمة به ولفظه أين كان ربنا قبل أن يخلق خلقه؟ وباقيه سواء ، وأخرجه الترمذي عن أحمد بن منيع ، وابن ماجه عن أبي بكر بن أبي شيبة ، ومحمد بن الصباح ، ثلاثتهم عن يزيد بن هارون ، وقال الترمذي : حسن ، واختلف هؤلاء في أيها خلق أولا ؟ فقال قائلون : خلق القلم قبل هذه الأشياء كلها ، وهذا هو اختيارابن جرير وابن الجوزي وغيرهما قال ابن جرير : وبعد القلم السحاب الرقيق واحتجوا بالحديث الذي رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي ، عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه [ ص: 13 ] قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن أول ما خلق الله القلم ، ثم قال له اكتب فجرى في تلك الساعة بما هو كائن إلى يوم القيامة . لفظ أحمد ، وقال الترمذي : حسن صحيح غريب ، والذي عليه الجمهور فيما نقله الحافظ أبو العلاء الهمذاني وغيره ; أن العرش مخلوق قبل ذلك . وهذا هو الذي رواه ابن جرير من طريق الضحاك ، عن ابن عباس كما دل على ذلك الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه حيث قال : حدثني أبو الطاهر أحمد بن عمرو بن السرح ، حدثنا ابن وهب ، أخبرني أبو هانئ الخولاني ، عن أبي عبد الرحمن الحبلي ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة قال : وعرشه على الماء .
قالوا : فهذا التقدير هو كتابته بالقلم المقادير ، وقد دل هذا الحديث أن ذلك بعد خلق العرش ، فثبت تقدم خلق العرش على القلم الذي كتب به المقادير كما ذهب إلى ذلك الجماهير . ويحمل حديث القلم على أنه أول المخلوقات من هذا العالم ، ويؤيد هذا ما رواه البخاري عن عمران بن حصين قال : قال أهل اليمن لرسول الله صلى الله عليه وسلم : جئناك لنتفقه في الدين ولنسألك عن أول هذا الأمر ؟ فقال : كان الله ولم يكن شيء قبله . وفي رواية : معه وفي رواية : غيره وكان عرشه على الماء وكتب في الذكر كل شيء [ ص: 14 ] وخلق السماوات والأرض . وفي لفظ ثم خلق السماوات والأرض . فسألوه عن ابتداء خلق السماوات والأرض ، ولهذا قالوا جئناك نسألك عن أول هذا الأمر ، فأجابهم عما سألوا فقط ، ولهذا لم يخبرهم بخلق العرش كما أخبر به في حديث أبي رزين المتقدم . قال ابن جرير : وقال آخرون : بل خلق الله عز وجل الماء قبل العرش رواه السدي ، عن أبي مالك ، وعن أبي صالح ، عن ابن عباس ، وعن مرة ، عن ابن مسعود ، وعن ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا : إن الله كان عرشه على الماء ، ولم يخلق شيئا غير ما خلق قبل الماء ، وحكى ابن جرير ، عن محمد بن إسحاق أنه قال : أول ما خلق الله عز وجل النور والظلمة ، ثم ميز بينهما فجعل الظلمة ليلا أسود مظلما ، وجعل النور نهارا مضيئا مبصرا قال ابن جرير : وقد قيل إن الذي خلق ربنا بعد القلم الكرسي ، ثم خلق بعد الكرسي العرش ، ثم خلق بعد ذلك الهواء والظلمة ، ثم خلق الماء فوضع عرشه على الماء . والله سبحانه وتعالى أعلم
تفاصيل مهمة في قضية التخابر لحساب جهاز الموساد الإسرائيلي والمتهم فيها الجاسوس المصري طارق عبدالرازق حسين. الصورة
وضابطين بجهاز الاستخبارات الإسرائيلية هاربين وتضمنت المفاجآت معلومات خطيرة حصل عليها الموساد من العميل السوري صالح الناجم,والذي يعمل ضابطا بالمخابرات العسكرية السورية, وتم الكشف عنه والقبض عليه بعد أن سلمت المخابرات المصرية ملفا مدعوما بالوثائق والأدلة إلي المخابرات السورية, حمل الاعترافات التفصيلية التي أدلي بها المتهم طارق عبدالرازق منذ القبض عليه في أول أغسطس الماضي, مكن السلطات السورية من القبض علي الضابط الجاسوس وجري استجوابه وتقديمه لمحكمة عاجلة قضت بإعدامه وتم تنفيذ الاعدام فيه دون إعلان بعد ثبوت تجسسه لصالح الموساد منذ15 عاما, عقب تجنيده في باريس عندما كان يعالج داخل أحد مستشفياتها وطوال هذه السنوات أمدهم بمعلومات خطيرة حول الملف النووي السوري ومطار دمشق والوجود الأمني في الشوارع. وقد كشفت التحقيقات عن إصرار الموساد الإسرائيلي علي اختراق الجبهة السورية بمختلف الوسائل والسبل والسعي لتجنيد عملاء من مختلف الطبقات والشرائح مهما كان الثمن أو التكلفة المادية, وهو ماتم بالفعل بعدما نقلت معلومات خطيرة عن الوضع الداخلي والأمني وحركة التجارة والصناعة.
اختراق الجبهة السورية
وقد أدلي المتهم طارق باعترافات مثيرة حول تعامله في الملف السوري, وقال إن ضابطي الموساد طلبا منه في البداية تجنيد عناصر من سوريا من خلال إنشاء مواقع علي الإنترنت تحت مسمي شركات وهمية تطلب وظائف في جميع المجالات والتخصصات لضمان إقبال أكبر عدد من أبناء الشعب السوري من مختلف الأعمار والطبقات, خاصة في مجال تجارة الزيتون والحلويات, علي أن يكون مقر هذه الشركة هو الصين لضمان الدخول والخروج من وإلي سوريا والعودة إلي بكين, وكذلك إختراق شبكة الاتصالات السورية, علي أن يتم تدوين بيانات المتقدمين من حيث أعمارهم وخبراتهم ودراساتهم وعناوينهم وأرقام تليفوناتهم ومتوسط دخولهم وأماكن إقامتهم في سوريا, ويتم فرزهم بعد ذلك وترشيح من يصلح منهم للتعامل مع الموساد. وبدأت الشركات السورية في مراسلة المتهم طارق الذي بدأ في جمع هذه البيانات من المتقدمين, بعدها طلب منه الموساد الاستعداد للسفر إلي سوريا لمقابلة بعض المتقدمين هناك وحجزوا له تذكرة من دولة مكاو إلي دمشق.
رصد لكل ما هو سوري
وكانت التكليفات للمتهم طارق أنه منذ أول نزوله من الطائرة في المطار يقوم برصد الوجود الأمني داخل المطار وعدد بوابات الدخول والخروج وطبيعة الاجراءات ونوعية السائحين الموجودين علي الأراضي السورية وكيفية التعامل معهم, وعدد الطائرات المتوقفة بالمطار والرحلات القادمة إلي المطار ومعاملة الجمهور للسائحين ونوعية أجهزة الكمبيوتر المستخدمة في المطار, وشبكة الإنترنت وقيمة اشتراكات الأفراد الشهرية فيها ونوعية أجهزة الكمبيوتر التي يقبل عليها الجمهور السوري, ونقل صورة كاملة عما يحدث في المطار وطبيعة الرصد الأمني وطرق التفتيش في المطار والبوابات التي يقف عليها أفراد الأمن وطولها وسمكها, وقد نفذ المتهم هذه التكليفات حرفيا, وقدم تقارير بها إلي ضابطي الموساد. وسلما له9 أسماء للقائهم علي مدي ثلاثة أيام في سوريا, وأعطوا له تليفون مفتوح طوال الوقت وطلبا منه النزول في فندق معين علي أن يتم تغييره كل مرة, والتقي المتهم بالأسماء التسعة التي تم تحديدها له فضلا عن مقابلة بعض المتقدمين للعمل من أصحاب الشركات الذين يريدون التصدير, وجمع كل المعلومات المطلوبة منه وسجلها في تقارير وعاد إلي تايلاند, وسلم أيدي موشيه ضابط الموساد كل ما كتبه من معلومات عن الداخل السوري.
المهمة الثانية
وبعد ذلك طلب الموساد من المتهم طارق عبدالرازق السفر للمرة الثانية إلي سوريا علي أن يكون السفر لمدة ثلاثة أيام للمتابعة ولقاء المتقدمين لشغل الوظائف الوهمية للموساد, وكان الهدف هذه المرة رصد طبيعة ونوعية الوجود الأمني في الشارع السوري وماذا يشغل الرأي العام هناك ومدي رضائه عن نظام الحكم القائم.. بعدها تم تكليفه بالمرحلة الثالثة والأهم في مهمته إلي سوريا عندما قال له أيدي موشيه والذي يتحدث العربية بطلاقة سوف تجلس مع خبير نووي تابع للموساد, وسوف يفهمك طبيعة المهمة القادمة وحضر الخبير النووي, وقال لطارق لنا عميل مهم جدا في سوريا وسوف نسلمك أموالا تعطيها له.. وفعلا أعطاه مبلغ خمسة آلاف يورو وألف دولار وعدد من زجاجات الويسكي والمنشطات الجنسية والسجائر, وقال له سوف تجلس معه.
في البداية لتتعرفا سويا.. ثم أجروا اتصالا بالعميل السوري وقالوا له لنا صديق وهو شريك معنا عندما ينزل سوريا سوف يتصل بك, وذهب طارق إلي دمشق وهو لا يعرف من هو العميل المهم ولا اسمه أو عمله.. وبعد وصوله إلي سوريا اتصل به والتقي الاثنان حيث اصطحب العميل السوري طارق إلي أماكن عديدة في سوريا للفسحة والتنزه وبعدها عاد طارق إلي نيبال دون أن يعلم شيئا عن العميل سوي أنه سوري الجنسية, والتقي مع إيدي موشيه الذي قال هذا الراجل يعتبر شخصية مهمة وعايز أفهمك إنه بيشغل موقع كبير في المخابرات السورية وهو برتبة عميد واسمه صالح الناجم, وهذه الأسئلة سوف تعطيها له ويرد عليها وتتسلم منه الإجابات عنها وتعود بها إلينا.
الرئيس السوري بشار الأسد بالمرصاد لكل من يخون الوطن
قصة التجنيد للضابط السوري
وفي التحقيقات التي كان يتابعها المستشار د.عبدالمجيد محمود النائب العام, وأجراها المستشار طاهر الخولي المحامي العام لنيابة أمن الدولة العليا باشراف المستشار هشام بدوي المحامي العام الأول, كشف الجاسوس طارق عبدالرازق عن قصة ضابط المخابرات السوري منذ15 عاما, كما رواها له ضابط الموساد أيدي موشيه الذي قال: هذا الرجل تعرفنا عليه منذ15 سنة عندما كان يعالج في فرنسا, وكان ينزل في نفس الجناح الذي كان يعالج فيه أحد عملاء الموساد وكانت فرصة عظيمة لتجنيد هذا الرجل بعد أن أغدقنا عليه الهدايا والعطايا وعلي حد تعبيره قمنا معه بواجب كبير وسلمه25 سؤالا للرد عليها علي أن يعود بالإجابات عنها للقاء ضابط الموساد في تايلاند وكانت جميع الأسئلة حول النفايات النووية وطريقة دفنها والتخلص منها وكيفية نقلها ونوع السيارات التي تنقل النفايات وحجم ونوع هذه السيارات, وسلمه مبلغ5 آلاف دولار لإعطائها له ورد العميل السوري علي الأسئلة خلال يومين وخلالها اصطحبه إلي عدة أماكن في سوريا من المطاعم والملاهي والمتنزهات وخلالها علم أن العميل السوري ينتمي إلي العلويين, وكان الهدف من كل هذه المعلومات هو معرفة قدرة وحجم المفاعل النووي السوري.
لقاء الناجم في باريسوكل مرة كانت ثقة الموساد تزداد في المتهم طارق عبدالرازق لتنفيذ تكليفاتهم بدقة وحرص شديد ولذلك طلبوا منه السفر للقاء العميل السوري صالح الناجم في المستشفي الذي كان يعالج فيه في باريس منذ51 سنة إذ لم يبق له5 سنوات فقط ويحال للتقاعد من وظيفته المهمة وكذلك من الصعب أن يخرج من سوريا إلي دولة أخري إلا بموافقة المسئولين هناك وعرض علي الضابط السوري مسألة السفر إلي باريس للمقابلة بها, لكنه رفض لعدم إثارة الشكوك حوله وطلب أن تتم المقابلة في دمشق, وسافر طارق إلي سوريا بعد أن تسلم تليفونا من الموساد لكي يمكنه أن يتحدث إليهم منه مباشرة وهو خاص للاتصال بهم فقط وطلبوا منه لقاء العميل السوري لتسليمه ملفا كاملا وأوراقا ومستندات عن المفاعل النووي السوري فضلا عن الإجابة علي بعض الأسئلة الخاصة بالنشاط النووي في سوريا وطلب الضابط السوري مقابل تنفيذ ما طلبه الموساد مبلغ20 ألف دولار لحاجته لهذا المبلغ لبناء منزل لأسرته فضلا عن حاجته لجهازي كمبيوتر ونظارة ريبان وترك الأسئلة مع العميل السوري وعاد طارق للقاء إيدي موشيه وإبلاغه بطلبات الجاسوس الناجم ووافق الموساد علي القرض الخاص بشراء الملف النووي السوري وسلموا المبلغ المطلوب للمتهم طارق لتسليمه له, كما أعطوا له كاميرا دقيقة لتصوير أوراق مهمة متعلقة بالنشاط النووي السوري, وتوجه الضابط السوري مع العميل إلي الفندق الذي يقيم به طارق عبدالرازق في دمشق وحمل معه الملف النووي وسلمه إلي الجاسوس طارق الذي صوره بواسطة الكاميرا الدقيقة وأحرق أوراق الملف لعدم الكشف عن مهمته, وتسلم الملف النووي كاملا وعاد به إلي الموساد وربما كانت هذه من أخطر المهمات التي نفذها بنجاح لمصلحة ضباط الموساد الذين كانوا يثقون به جدا.
وقال طارق في التحقيقات إنهم سلموه جهاز كمبيوتر مشفرا مزودا ببرنامج خاص وقد تم تدريبه عليه لاستخدامه في النقل والاحتفاظ بالتقارير السرية دون إمكان الكشف عنها فضلا عن تدريبه علي مستوي عال علي كيفية الحصول علي المعلومات والاحتفاظ بها وهذا الجهاز يبلغ ثمنه حوالي مليوني دولار ويتم تصميمها خصيصا لجهاز الموساد وأنهم كانوا سوف يسلمونه جهازا آخر أكثر تطورا في أغسطس الماضي ولكن تم الكشف عنه والقبض عليه.
قصة الوفد العسكري الكوري
وكشف المتهم طارق في التحقيقات عن مفاجآت مثيرة حول دور العميل السوري صالح الناجم في تزويد الموساد بكل تفاصيل الملف النووي والتدريب علي الأسلحة والمواقع العسكرية عندما سلم المتهم طارق تقريرا مفصلا عن زيارة وفد عسكري من كوريا الشمالية إلي سوريا الذي وصل لتدريب بعض الضباط والخبراء السوريين في المجال النووي والعسكري علي كيفية الاستخدام علي أن توفد سوريا بعد ذلك وفدا عسكريا من ضباطها إلي كوريا الشمالية للتدريب هناك علي الأسلحة النووية وكان من المنتظر أن يضم هذا الوفد العميل السوري العميد صالح الناجم وقد قال الناجم لطارق عليك إبلاغ الموساد إنني سوف أزودكم بتفاصيل رحلة الوفد الكوري الشمالي, وكيفية التدريب في تقرير مفصل ولكن سقوط شبكات التجسس لمصلحة إسرائيل بمصر وسوريا حالت دون استكمال هذه المهمة.
أوقف النشاط فورا
وكشفت التحقيقات عن أن أجهزة الاستخبارات اللبنانية كانت قد رصدت بعض عملاء الموساد في يونيو الماضي بناء علي معلومات من المخابرات المصرية وألقت القبض علي ثلاثة عملاء للموساد قاموا بالتجسس علي شبكة الاتصالات اللبنانية ومكالمات كبار المسئولين وقد تم تنفيذ حكم الإعدام في الجواسيس الثلاثة مما أصاب المتهم طارق بالذعر والرعب وأبلغ علي الفور أيدي موشيه ضابط الموساد الذي كان يتابعه فطلب منه الأخير وقف النشاط والاتصالات فورا قائلا له: عليك العودة إلي الصين لحين صدور تعليمات أخري لأن أجهزة الاستخبارات تنشط عادة عقب الكشف عن أي عميل فعاد طارق إلي بكين وبعد ثلاثة أيام من التفكير والشعور بالاختناق والقلق قرر الذهاب إلي السفارة المصرية في بكين وطلب لقاء السفير المصري وأخبره خلال اللقاء بأنه تعرض لمحاولة تجنيد من جانب الموساد وعرض علي السفير استعداده للتعاون لمصلحة المخابرات المصرية والموساد في وقت واحد فطلب منه السفير ضرورة السفر إلي مصر وإخطار المخابرات المصرية بذلك علي أن يقوم بحجز تذكرتي ذهاب وإياب من بكين إلي القاهرة لبث الطمأنينة في نفسه, ولكن أجهزة الأمن القومي المصري كانت ترصده لحظة بلحظة وألقت القبض عليه.
فشل تجنيد صاحب شركة خاصة
وقد كشف المتهم بالتخابر لمصلحة الموساد طارق عبدالرازق عن أنه عقب تجنيده من قبل الموساد سأله إيدي موشيه عن طبيعة عمله قبل ذلك في مصر فقال إنه كان يعمل مدربا لرياضة الكونغ فو في أحد الأندية منذ2004 إلي2007 حتي سفره إلي الصين وكان يقوم بتدريب نجل أحد أصحاب الشركات فطلبوا منه لقاء هذا الرجل في مكتبه بالقاهرة وعرضوا عليه التعاون معهم في التجارة والبيزنس وبالفعل قابله وأعطاه نوعية معينة من الزجاج تصنع في مصر وطلب منه التعاون لتصنيعها في الصين ولكن صاحب الشركة المصري طلب إمهاله وقتا ولم يرد عليه, ونسي الموضوع وبعد ثلاثة شهور فوجئ صاحب الشركة المصري باتصال من شخص لا يعرفه وكان موفدا من الموساد وطلب لقاءه حيث التقي به ومعه نجله الذي كان يقوم طارق بتدريبه وكان موفد الموساد يحمل الملامح الصينية ويتحدث العربية وطلب منه إنشاء شركة سويا في مجال الاتصالات والإلكترونيات والتليفونات لفتح أسواق ما بين الصين والقاهرة وحاول إغراءه بأن ذلك سوف يكون مصدرا لبيزنس كبير جدا, وطلب منه التوسع بعد ذلك والبحث عن شركاء آخرين في مصر وحضر هذا اللقاء شخص آخر كان يرافق موفد الموساد ولكنه لم يتحدث بكلمة واحدة.. ولكن صاحب الشركة المصري أنهي اللقاء من جانبه قائلا إنه يعمل في مجال المنسوجات ولا يريد الدخول إلي مجالات أخري طالبا منهم البحث عن آخرين غيره.. ولكنهم اختفوا تماما بعد أسبوع من اللقاء ولم يعاودوا الاتصال به مجددا.. ومضت عدة شهور فجددوا الاتصال به من خلال اتصالات من هونج كونج فضلا عن توجيه دعوات له شاملة تذاكر السفر والإقامة في أفخم الفنادق فضلا عن مراسلته بالإيميلات.. ولكنه كان يتجاهل ذلك حتي فوجئ بأحدهم يتصل به ويتحدث إليه ويقول له: لماذا لا تريد العمل معنا في التجارة وأنت سوف تكسب من وراء ذلك الكثير.. ولكن صاحب الشركة المصري لم يكن علي دراية بما يضمره ضباط الموساد ولا يعرف هويتهم ولكنه تشكك في إلحاحهم عليه وخشي التعامل معهم. وأوضح طارق إصرار الموساد علي تجنيد صاحب الشركة المصري للاستفادة من علاقاته وخبراته حتي إنهم رصدوه في إحدي مهماته الخارجية عندما كان مسافرا مع وفد تجاري مصري إلي دولة التشيك ورصدوا مدة إقامته وتحركاته هناك ومقابلاته التجارية وللتأكد من هذه المعلومات اتصل طارق بنجل الرجل في القاهرة للسؤال عن والده فأخبره بأنه في مهمة خارج مصر مع وفد تجاري للتدليل علي رصدهم له وإلحاحهم في التعامل معه.